المنشور

الانتخابات وتداعياتها – 2

 
قامت الدنيا، ولا أعرف اذا كانت قد قعدت بعد أم لا، لأننا تجاسرنا على الترشح في دائرتين ازاء مرشحي جمعية الوفاق، ولم تخل مقابلة في الصحافة معي أو مع الأخ فاضل الحليبي من سؤال عن هذا الأمر، كأن مجرد منافسة الوفاق في خوض الانتخابات باتت في نطاق المحرم، واشترك في حملة التعريض بنا بسبب هذا الترشح أصوات من مشارب شتى، ومنابر إعلامية واليكترونية لم تترك من الكبائر شيئاً إلا وألصقته بنا.

وكان نصيبي من هذا التعريض ما يفوق الخيال، للدرجة التي تدعو للتساؤل: هل يمكن أن يثير شخص مفرد مثلي كل هذه الكمية من الحنق والغضب لمجرد انه مارس، وبتفويض من تنظيمه السياسي الذي ينتمي اليه ويعبر عن نهجه، حقه في الترشح للانتخابات في دائرة من الدوائر.

لم يكن حبر البيانات التي تصدر باسم الجمعيات السياسية الست، وعليها توقيعنا، قد جف بعد، ولم يجف، بعد، حبر الكلمات التي القيتها أنا شخصياً أو رفاقي من قادة المنبر التقدمي باسم هذه الجمعيات في الفعاليات والمهرجانات المختلفة، حين جندت جوقة متعددة الأصوات لرمينا بكل ما في ترسانة التخوين من بذاءات، وهو الأمر الذي خلق لدى اعضائنا وأصدقائنا مرارات، لا يجب أن يظن كائن من كان انها ستزال بجرة قلم، أو بدعوة تفتعل التذاكي على الآخرين بالخروج من قوقعة الانتخابات الى ما زعم أنه «رحابة» العمل المشترك، على طريقة عفا الله عما سلف.

أين كانت كل هذه الرحابة والنزاهة والنبل الأخلاقي المفتعل فترة الانتخابات التي تفننت جمعية الوفاق خلالها في اختراع الأكاذيب والافتراءات ضدنا، وفي مقدمتها الاكذوبة المخزية لمن أطلقها والتي عمموها على أوسع نطاق اننا ترشحنا من أجل اغلاق المآتم، وغيرها من أكاذيب بلغت حد فبركة الصور ب «الفوتو شوب» وتوزيعها عبر البريد الاليكتروني.

يكثر البعض الحديث عن تداول السلطة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، اذا كانت الوفاق لا تحتمل قائمة انتخابية وطنية مشتركة مع من تزعم انهم حلفاء لها، وهو السبب الذي أضطرنا للترشح مقابل مرشحيها في دائرتين فقط من أصل ثماني عشرة دائرة، واذا كانت غير قادرة على تحمل مجرد ان تنافسها قوة سياسية أخرى على مقعد نيابي أو بلدي، ومستعدة في سبيل ذلك أن تنال من سمعة ومكانة الآخرين بكل الوسائل وبدون رادع لمجرد تجاسرهم على المنافسة، فكيف تريد أن تقنع المجتمع بأهليتها للحديث عن تداول السلطة، مع ما يفترضه ذلك من احترام للتعددية والتنوع في المجتمع والقبول بهما.

وهذا الاحترام للتعددية يجب أن يتجسد بدرجة أساسية في اظهار الاستعداد للقبول بالتنوع الموجود في المحيط الذي تنشط فيه الوفاق، أي المحيط الشيعي، فليس كل الشيعة أعضاء في الوفاق، وليسوا كلهم متفقين معها في البرنامج وطريقة العمل، بل ان لدى قطاعات واسعة من الشيعة رأيا حتى في أشخاص النواب الذين اختارتهم، وما الأصوات الشيعية التي ذهبت لعبدالنبي سلمان في انتخابات 2006، أو التي نالها فاضل الحليبي ونلتها شخصيا الا مظاهر على ذلك، دون أن نتحدث عن لوبيات المقاطعة الشيعية أو عن موقف اطراف شيعية آخرى كجمعية العمل الاسلامي مثلاً.
 

صحيفة الايام
3 نوفمبر 2010