المنشور

نقـد الخطاب السياسي


ما هو الخطأ الذي ارتكبته بعض أطراف المعارضة، وأيضاً بعض الفئات المحسوبة على جهات رسمية لكي تتحول أمورنا في البحرين إلى ما لا يسرنا؟ ربما أن أحد الأسباب هو أننا لم نكن صرحاء مع بعضنا البعض، وتركنا الأمور تنزلق إلى خطابات سياسية معارضة بصورة مفرطة، وأخرى نشاز ولكنها تدعي قربها من بعض الجهات الرسمية، وبالتالي ازدادت حدة الخطابات، وازدادت الوتيرة، وازداد الكلام، وأثيرت الشكوك بين الدولة وفئات من المجتمع، واتسعت الهوة، وأصبح البعض في المعارضة يتحدث بمطالب لا تمثل الرأي السائد في الحركة المطلبية، وتم تصعيد السقف بحيث لم يعد هناك حدود لما يقال أو لا يقال. هذا الخطاب المتطرف في طرحه، والمنفلت أيضاً، قابلته بعض الجهات التي تدعي قربها من جهات رسمية بخطاب مثير للفتنة، وبالتالي أصبح هناك وجهان لعملة واحدة، وهذه الخطابات طغت بشكل مفرط وغدت تسبب إزعاجاً للجميع.
 
الخطأ يكمن في أنه لم يتجرأ أحد من الجهات المؤثرة في الشارع المتحرك الخروج إلى العلن لينتقد هذا الخطاب وليعلن على الملأ أنه مرفوض، ويبدأ بعد ذلك بالوصول إلى القطاعات الشبابية التي قد تكون تأثرت به. والخطأ أيضاً يكمن في جهات رسمية ربما شجعت خطاباً نشازاً يعتمد مفردات مشابهة للخطاب المعارض بصورة مفرطة ولكنه في الاتجاه الآخر، واستمر هذا الوضع سنوات، تخللتها أحداث أمنية متكررة، واعتقالات ومحاكمات، ومن ثم مطالبات بالإفراج، وثم الإفراج عبر عفو ملكي… ومن ثم تعود الدورة السابقة.
 
لسنا هنا لنبكي على اللبن المسكوب بعد أن وقع الفأس في الرأس، ولسنا هنا لنلوم هذه الجهة أو تلك، ولكننا جميعنا ملومون بأن تركنا الأمور تسير نحو الوضع الذي وصلنا إليه، وجميعنا علينا أن نعي مسئولياتنا التي تبدأ بالدعوة إلى حفظ الأمن وتحريم الحرق والتخريب، على أن تستمر مطالبتنا بالحقوق الدستورية والحريات العامة، وأن نعمل على استعادة منجزات استحقها المواطنون وكانت لدينا حتى منتصف أغسطس / آب 2010. ولكي نستطيع فعل ذلك، فإن علينا أن ننقد الخطاب السياسي الذي شوّش العلاقة بين مختلف الأطراف، وأن نضع أيدينا مع الراشدين وأصحاب الحكمة داخل الدولة وداخل المجتمع، لكي نحفظ المسيرة الوطنية… ولا ندعها تنزلق أكثر نحو المجهول.
 

صحيفة الوسط البحرينية 04 سبتمبر 2010م