المنشور

محاكم التفتيش لا تصلح للبحرين


البعض يسعى لبث سموم ضد البحرين (ضد الحكومة قبل أن تكون ضد الشعب، وضد السنة قبل أن تكون ضد الشيعة)، وهذا البعض لا يمثل أحداً، وهو مكشوف للجميع، ولذا فإن أمرهم المأسوف عليه ليس هو الموضوع، وإنما كيف يفسح المجال لمثلهم أن يتحدث وكأنه يمثل النظام؟ وهل فكر أحد في تبعات ذلك؟ ولاسيما أن زمن العنصرية لم يتمكن أن يثبت في أي مكان، ولا يمكنه أن يثبت في بلادنا، بلاد الشيعة والسنة والمسلمين وغير المسلمين، وكل محب خدم البحرين بغضّ النظر عن جذوره وأصوله.
 
أخطر شيء أن نفسح المجال لنشوء ما يشبه «محاكم تفتيش» في البحرين وفي القرن الحادي والعشرين، فتلك المحاكم انتشرت في العصور المظلمة (ما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر الميلاديين في بعض مناطق أوروبا) وكانت تعتمد على الوشاية ومن ثم التحريض على كل شخص وكل فئة غير مرغوبة لكي ينتهي الأمر بعقوبة الإعدام أو النفي أو السجن. ومحاكم التفتيش كانت تعتمد على تشطير الناس عقائدياً بصورة عبطية وعنصرية، ولم تكتفِ بحرق الكنائس وتدمير المعابد، وإنما حرقت البشر والكتب، بحجة السعي إلى منع الزنادقة من تشويش أفكار الناس.
 
«محاكم التفتيش» كان لها أبطالها الذين كانوا يبحثون عن النفوذ والثروة، ولذا فإذا وجدوا من هو أفضل منهم كفاءة، شنّوا عليه حملة تحريضية واستعرضوا أفكاره واتهموه بأمور شتى، ومن ثم يصدرون الحكم عليه، وعلى أساس ذلك يسعون إلى زيادة النهب والسلب وفعل ما يشاءون من دون قانون ومن دون حساب. ضحايا محاكم التفتيش ربما كانت في البداية (في أوروبا) فئات فقيرة، ثم تطورت لتطال المنافسين لمن كان يدير محاكم التفتيش، وبعد ذلك وصلت إلى القضاء على كل شيء جميل في أوروبا، وانتظرت الشعوب الأوروبية عصر الأنوار ليخلصها من محاكم التفتيش ومن يقف خلفها، وبعد ذلك انطلقت الحضارة الأوروبية الحديثة.
 
إننا في القرن الحادي والعشرين، ولا يمكن أن نقبل بمحاكم للتفتيش في البحرين، ونرفض من يعتبر نفسه فوق الدستور والقانون، ونرفض ابتزاز الناس في حياتهم وفي أفكارهم، ونؤمن بأن البحرين عصية على من يحاول إيذاءها بالتخريب، وعصية أيضاً على من يحاول إنشاء محاكم تفتيش واعتمادها أساساً لحياتنا اليومية.
 
 
 
صحيفة الوسط البحرينية 02 سبتمبر 2010م