المنشور

تعليـــق يجــب أن يُقــرأ

منذ ثلاثة أو أربعة أيام كتب أحد القراء معلقاً على مقالٍ للزميلة سوسن الشاعر، وأحيلكم إلى النص الكامل للتعليق المنشور على الموقع الالكتروني لجريدة «الوطن» بتاريخ 15 أغسطس الجاري، واكتفي هنا بتقديم خلاصة له، أو بالأحرى لبعض أفكاره، حيث تحدث هذا القارئ الذي يشي حديثه بأنه من منتسبي التيار الوطني الديمقراطي، فقال ما معناه:
«كنا في الماضي نقع تحت حكم قانون أمن الدولة حيث تراوحت مدد مكوثنا في السجن بين ستة شهور إلى عشر سنوات يقضيها الشباب في المعتقلات بسبب منشور سياسي محظور أو اعترافات بسبب التعذيب، وتسحب جوازات سفرنا لكوننا طلبة بسبب عضويتنا في الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، أو بسبب نشاط طلابي صيفي، ونحرم من العمل في القطاع العام والخاص لسنوات ولا نحصل على سكن وغير ذلك من المضايقات وأشكال العقوبة».
لكن هذا القارىء يقول: «لا أذكر بأننا كسرنا لمبة أو أشعلنا كبريتاً، كنا نعتبر الأرض غالية والوطن عزيزا ولم نغادر وطننا إلا عنوة. وحين حقق جلالة الملك بعض مطالبنا، لم نطالب بتعويضات على سنوات التوقيف والسجون المظلمة والبطالة والنفي، وتناسينا تلك الأيام وبدأنا نقف مع المشروع الإصلاحي، لأننا حقيقة مؤمنون بالسلم الاجتماعي والتطور دون حرق المراحل، ونعي تلك القطيعة التاريخية للتطور الديمقراطي، ووقفنا مع الميثاق والمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وليس لدينا ما نخفيه».
يطرح القارئ بعد ذلك أموراً تتصل ببعض صور المعارضة الراهنة، ليس هذا مقام عرضها، وربما وجبت العودة اليها في مرة قادمة، كما انه يُذكر بالمواقف المتقدمة للتيار الوطني الديمقراطي من قضايا الثقافة والفن وحقوق المرأة والحريات الشخصية، ويرى في تلك المواقف سنداً لعملية الإصلاح وبناء الدولة العصرية والمجتمع المتقدم.
ما يهمنا في هذا السياق التأكيد على ما ذهب إليه صاحب التعليق المذكور من أن المعارضة الوطنية الديمقراطية والتقدمية، في عز مراحل القمع الشديد، الذي دفع مناضلوها ضريبته الباهظة في ذلك الزمن الذي من مسؤوليتنا جميعاً العمل على ألا يعود بأي صورة من الصور، لم تنزلق نحو العنف أو التخريب أو تعطيل مصالح الناس أو الإضرار بالممتلكات، سواء كانت عامة أو عائدة لأفراد.
لقد قدمت هذه المعارضة الوطنية الديمقراطية نموذجاً راقياً في العمل السياسي المسؤول، واستطاعت أن تؤسس لتقاليد راقية في الحياة السياسية والاجتماعية في البحرين وتضع مداميك المجتمع المدني، وأن تربي أجيالاً على الوعي الوطني، وعلى روح التسامح والتفتح والتفاعل مع الجديد بقلوب وعقول منفتحة.
والى هذه المعارضة بالذات يعود الفضل في التفريق بين معارضة بعض سياسات الدولة وبين رفض الدولة كمنجز سيادي وطني يعني الجميع، ولذلك فان هذه المعارضة وقفت مع المشروع الإصلاحي بقوة وناصرت الجوانب الايجابية في سياسات الدولة، وعارضت السياسات السلبية من موقع الحرص على الإصلاح والبناء الديمقراطي ومصالح الوطن والشعب.
للأسف الشديد فان ما تعرضت له هذه المعارضة الوطنية من قمع وتهميش طوال عقود أنهك قواها، وحين انتقلت البلاد إلى مناخ الانفراج السياسي والأمني فان غيرها قد حصد ثمار التضحيات الكبيرة لمناضليها ومناصريها.
وعلى ذوي الألباب وأصحاب البصيرة أن يقارنوا بين الأمور ليدركوا الفرق.

صحيفة الايام
19 اغسطس 2010