المنشور

مانديلا

في الثامن عشر من هذا الشهر احتفلت البحرين اسوة بدول العالم باليوم الدولي لنلسون مانديلا وفي هذه الاحتفالية المجيدة التي اقرتها الامم المتحدة في هذا التاريخ من كل عام احتفاءً بهذا المناضل الذي استطاع ان يضع بصماته في تاريخ النضال الافريقي والعالمي وقف الشرفاء وشعوب العالم المضطهدة وقفة اجلال لتضحيات هذا الزعيم الوطني الكبير الذي قضى 27 عاماً في غياهب السجون في سبيل القضاء على النظام العنصري في جنوب افريقيا والتحرر من كافة اشكال القهر والتمييز وحرب الابادة التي كتب عنها مانديلا في رسالة هربت من زنزانته بحبس روبن «ان الفصل العنصري هو حكْم المدفع والجلاد».
في تلك الحقبة السوداء التي مارس فيها النظام العنصري الاضطهاد الوحشي في كل مجالات الحياة كانت المقاومة التي يتزعمها مانديلا الزعيم البارز في حزب المؤتمر الوطني الافريقي بجانب الكادحين والقوى الوطنية والتقدمية الاخرى على اشدها كانت التحالفات بين القوى الثورية بغض النظر عن معتقداتها الايديولوجية استراتيجية وطنية شعارها لا للتمييز العنصري نعم للتحرر الوطني والديمقراطية وحقوق الانسان، وكانت الحملات التضامنية العالمية التي يقودها وقتذاك المعسكر الاشتراكي وفي مقدمته الاتحاد السوفيتي وافريقيا المستقلة وحركة عدم الانحياز والطبقة العاملة والرأي العام التقدمي في العالم الرأسمالي محط تقدير كل الثوريين في جنوب افريقيا لان تحطيم ماكينة السياسة الفاشية القائمة على الفصل العنصري التي تلاقي الدعم والمساندة المالية والدبلوماسية والسياسية والعسكرية من قبل الدول الامبريالية الكبرى هو في مصلحة شعوب القارة الافريقية ومصلحة السلم العالمي.
حقيقة ان احتفال مكتب الامم المتحدة في البحرين بالتعاون مع وزارة الثقافة بهذه المناسبة اثلجت صدور البحرينيين الذين كانوا ولازالوا يرون في مانديلا المناضل الوطني الشجاع رمزاً وطنياً ارتبط اسمه بالتحرر الوطني والديمقراطية والسلام.. رمزاً استطاع عبر الجبهة الديمقراطية الوطنية ان يضع حداً للسياسة العنصرية في بلاده من خلال الدور القيادي الذي لعبه في مواجهة الأوتوقراطية العنصرية التي حكمت جنوب افريقيا بالحديد والنار. باختصار لقد استطاع مانديلا ان يحقق لبلاده الكثير من الانجازات الوطنية والديمقراطية جميع معطياتها تصب في خدمة الشعب والوطن.
كم تمنينا ونحن نحتفل في البحرين بهذا المناضل المتفاني الذي يُعد في نظر الامم المتحدة وشعوب العالم التواقة للحرية مكافحاً حقيقياً لعب دوراً كبيراً في خدمة البشرية والقضايا الانسانية في ميادين حل النزاعات والعلاقات العرقية وتعزيز حقوق الانسان وحمايتها والمصالحة والمساواة بين الجنسين وحقوق الاطفال وسائر الفئات المستضعفة وتحسين احوال الفقراء والمجتمعات المختلفة النمو، ومناضلاً صلداً في الكفاح من اجل الديمقراطية على الصعيد الدولي، وفي الترويج لثقافة السلام في شتى ارجاء العالم، وفي اقامة جنوب افريقيا ديمقراطية دون تمييز عنصري او جنسي ان تحتفل البحرين بالمناضل الوطني الموسيقار مجيد مرهون «مانديلا البحرين» الذي فارق الحياة في فبراير من هذا العام، بعد صراع طويل مع المرض.
مجيد مرهون الذي قضى 22 عاماً في السجن كان نموذجاً وطنياً مشرفاً في نضاله الفكري والسياسي من اجل التحرر الوطني والحرية والاستقلال الوطني ابان الاستعمار، وكان في مقدمة المناضلين في سبيل الارتقاء بهذا الوطن في ظل الديمقراطية وحقوق الانسان والتقدم الاجتماعي.
واما على مستوى الموسيقى فالكل يعلم ان مجيد له ابداعات موسيقية ترك لنا ارثاً كبيراً من المؤلفات الموسيقية التي عزفت وباسم البحرين ألحانها الانسانية في ارقى صالات الموسيقى في دول العالم.. متى تحتفل البحرين بهذا المناضل الموسيقار وغيره الرموز الوطنية؟ هذا ما نتطلع اليه.
 
صحيفة الايام
24 يوليو 2010