المنشور

الوحدة الوطنية لماذا؟!

هناك حاجة ملحة، وحتى غير مسبوقة، للإعلاء من فكرة الوحدة الوطنية في الظرف الراهن الذي نعيشه. التأكيد على هذه الفكرة ليس ترفاً، ولا من باب القول المرسل الذي اعتدناه في العقود الماضية يوم كنا نؤكد في شعاراتنا على ما بات مؤكدا في وجدان الناس وأذهانهم حول هذه المسألة.
فالوحدة الوطنية لمجتمعنا في خطر جراء المساعي المحمومة التي تقف وراءها أكثر من جهة، لتفادي استحقاقات الإصلاح الكبرى، وتبدو أوجه الخطر على الوحدة الوطنية في المجتمع ماثلة بصورة خاصة في المقاربات السياسية التي ترمي لتصوير التناقض أو الصراع في المجتمع كما لو كان صراعا بين الطوائف والمذاهب، لا بين المصالح الاجتماعية والسياسية المختلفة، التي من شأنها أن توحد المواطن الشيعي البسيط مع أخيه السني البسيط في المطالب والطموحات.
وهو الأمر الذي عرفناه في الخمسينيات، أيام هيئة الاتحاد الوطني، وفي انتفاضة مارس المجيدة عام 1965، وفي النضالات العمالية والجماهيرية في السبعينات والثمانينات قبل أن تجتاحنا هذه الغلواء الطائفية التي أعادت فرز المجتمع على أسس واهية وهشة، خالقة الوهم لدى أفراد كل طائفة بأن الخطر الذي يتهددها آت من الطائفة الأخرى، مما يدفع الجميع إلى التخندق داخل شرنقة طائفته بدل الانصهار في البوتقة الوطنية الشاملة.
قلنا مرارا إن الرد على هذه الغلواء الطائفية يمر عبر بناء تحالف وطني واسع يتجاوز التصنيفات المذهبية والطائفية، وكنا نأمل لو أن قوى المعارضة تمكنت من بناء مثل هذا التحالف في الاستحقاق الانتخابي الراهن، بأن دخلت بقائمة واحدة تضم ممثليها من مختلف الجمعيات والشخصيات الوطنية ليكون هذا التحالف على مستوى البحرين كلها ويغطي مختلف المناطق، وهي دعوة لم تجد طريقها للنور للأسف.
وهو أمر لا ينتقص من فكرة الوحدة الوطنية في اتجاه تغليب المشتركات الوطنية والاجتماعية على أوجه التعارض، باعتبار ذلك الطريق المجرب في اتجاه العمل على حماية عملية الإصلاح، ويعزز مسار التحول باتجاه حياة ديمقراطية حقة قائمة على الفصل بين السلطات من خلال توسيع الصلاحيات التشريعية للمجلس المنتخب، وتأمين شروط المملكة الدستورية التي نص عليها ميثاق العمل الوطني، وهي مهام كبرى لن تنجز إذا ما استمر الدفع بالمجتمع نحو الاصطفافات المذهبية أو الطائفية التي ستعيدنا عقودا إلى الوراء وستصــرف الأنظـــار عن مهام التحول الديمقراطي الحقيقي الذي ناضل شعب البحرين وضحى في سبيله.
 
صحيفة الايام
22 يوليو 2010