المنشور

الإسلاميون والوطنيون


عندما اختارت جمعية الوفاق وجمعية المنبر أن تلحقا «الإسلامية» لتمييز وترميز جمعيتيهما، وكذلك عندما اختارت جمعيات أخرى هذا الإلحاق الإسلامي لم يحتج أحد ولم يسأل لماذا «الإسلامية» وجميعنا مسلمون؟؟ بل كان السؤال الأعمق والأهم لماذا الجمعيات الطائفية.
 
وفي المقابل ظل التوصيف والترميز والتمييز للقوى الأخرى باسم «الديمقراطيين الوطنيين» سارياً وشائعاً ومتداولاً في الأدبيات وفي الكتابات المختلفة وفي الخطابات التي أخذت حيزها الواسع خلال عشر من السنوات، لم نسمع فيها من يعترض أو يحتج على توصيف القوى الأخرى بـ«الديمقراطيين الوطنيين» حتى دخلنا مرحلة الإعداد والاستعدادات للانتخابات القادمة التي يتنافس فيها بعض مرشحي القوى الوطنية والديمقراطية مع القوى الإسلامية التي بدا واضحاً ان البعض منها أزعجه وبدأ يقلقله ولن نقول يربكه هذا التنافس لأسباب تبدو مفهومة، الأمر الذي ترتب عليه أن نقرأ على حين فجأة وبلا مقدمات احتجاجاً انزعاجياً غاضباً يصدر من الحليف الأقرب لهذه القوى والذي ظل لسنوات معها «سمناً على عسل» فيحتج على توصيف «الوطنيين الديمقراطيين» كما قرأنا وهو احتجاج وغضب أذهل حلفاء الأمس القريب، خصوصاً عندما بدأ النائب خليل مرزوق صاحب الاحتجاج وكأنه يلقنهم درساً أخلاقياً معتبراً «إطلاق مسمى الكتلة الوطنية أو التيار الوطني على أطراف معينة يعد معيباً»، كما قال لان هذا المسمى حسب رأيه يعبر عن عدم وطنية باقي التيارات والكتل.
 
وبذات المنطق وفي ذات السياق الذي يحتج فيه النائب المترشح سنسأل عندما ألحقت الوفاق كلمة وتوصيف «إسلامية» باسم جمعيتها لماذا لم يقل أحد من آحاد الناس بأن «إسلامية» تخص بها الوفاق اسمها يعبر عن عدم إسلامية وإسلام الآخرين في التيارات وفي القوى وفي الجمعيات البحرينية الأخرى؟؟.
 
لماذا لم يعتبر أحد ان كلمة وتوصيف «إسلامية» لهذه الجمعية أو تلك يعني عدم إسلام الآخرين وهو «معيب» بحق مواطنين مسلمين.. مثل هذا التفكير الانتقائي في المحاججة الذي عوّل عليه المرزوق لإحراج حلفائه ومنافسيه لا يؤكد وطنية الوفاق ولا يلغي وطنية الآخرين من الأطراف الأخرى لأننا نتفق على ان الوطنية لا يمكن ان يدعي احتكارها طرف دون آخر، وكذلك هي الإسلامية لا يمكن ان يحتكر فيها طرف الإسلام دون الآخرين، وبالتالي فالتوصيفات هي جزء من تاريخ هذا الفصيل أو تلك الحركة وهي مكون من مكوناتها، فجمعية الوفاق عندما ألحقت كلمة «الإسلامية» باسم جمعيتها انما كان الإلحاق تعبيراً عن مكونها الفكري والايديولوجي والسياسي ولا تعني احتكار «الإسلام» لها وحدها وكذلك ينطبق الأمر على الوطنيين الديمقراطيين عندما يلحق هذا التوصيف بقائمتهم أو كتلتهم كون الوطنية وكون الديمقراطية مكونين أساسيين من مكونات تفكيرهم وسياستهم وتاريخهم الوطني المديد وليس احتكاراً أو عدم اعتبار الآخرين غير وطنيين وغير ديمقراطيين، فهي ليست أحكام قيمة نطلقها جزافاً أو بشكل هلامي بقدر ما هو الواقع يحكم على ديمقراطية الديمقراطيين ووطنية الوطنيين إيجاباً أو سلباً وكذلك هذا الواقع اليومي يحكم على إسلامية الإسلاميين سلباً أو إيجاباً، فالمحك العملي هو الحكم الأول والأخير لنبقي الأسماء والعناوين رمزيات تفتح للآخرين اختيار نفس الرمزية دون احتكار أو ادعاء لا بالوطنية لهم وحدهم ولا بالإسلامية لغيرهم وحدهم، ففضاء الوطنية كما فضاء الإسلام مفتوح للجميع انتماءً وعملاً واختباراً للفكرة والفكر ثم اعتماداً للرمزية في الاسم والتوصيف.
 
مع التأكيد ان اسم «القائمة الوطنية» الذي أثار حفيظة المرزوق ليس ابتداعاً أو بدعة بحرينية فمنذ عشرات السنين في الكويت القريبة ظلت القوائم تنزل للانتخابات المختلفة بهذا الاسم ولم تعتبرها الأطراف الأخرى المتنافسة «معيبة» بحقهم أو بحق سواهم مع المتنافسين، ولعلنا نسأل هنا هل أقدم الحركات السياسية العربية عندما اختارت اسمها «القوميون العرب» كانت تعني وكانت تقصد ان الآخرين من مواطني الدول العربية غير عرب؟؟
 
أفضل الطرق لقراءة ومعرفة المدلولات في التسميات والترميزات لا تكون في العناوين أو في الأشكال الخارجية ولكنها في العمل وفي الممارسة في الفعل لا في القول.
 
ألأيام  13 يوليو 2010