المنشور

هل تحمل انتخابات 2010 البحرينية مفاجآت ؟ (3-3)

تعمقت رؤية المرأة لدورها وبزيادة الثقة بالنفس ، وبتطور الوعي الاجتماعي والرسمي بأهمية وحق المرأة في المشاركة السياسية ، فهي ليست شريكا كامل الحقوق وحسب ، بل ومواطن حدد الدستور والميثاق كامل واجباتها ومسؤولياتها كجزء مكمل للرجل في العملية السياسية . وقد لاحظ الجميع كيف تعمل الجمعيات النسائية والاتحاد النسائي ومجلس الأعلى للمرأة ، إلى جانب منظمات المجتمع المدني والجمعيات السياسية ، من اجل إبراز الدور النسائي في اقتحام كل المجالات بما فيها الحياة النيابية .
وبالرغم من وجود برامج التوعية للمرأة وتمكينها من الانخراط في العملية السياسية ، إلا أن بعض النواقص تشوب عملية مشاركتها ، من أبرزها العقبات التي يضعها التيار الديني المتشدد في وجهها ، بما فيها الفتاوى التي تقلل من مكانتها وبقدرتها على لعب دور مؤثر في الحياة السياسية . ورغم وجود نقص واضح في الكاريزما النسائية سياسيا ، إلا أن الطاقة العملية الكامنة للمرأة يساهم في منحها دورا فاعلا ، لصالح المرشحين الرجال قبل النساء ، مع إنها تشعر إن تبادل المنفعة ليس متساويا إذ مطلوب منها دعم الرجل في التصويت دون أن يقدم الرجل دعمه لها ، خاصة داخل التيارات الدينية الأكثر تأثيرا على المجتمع . وهناك قوة دفع داخلية وخارجية للنساء لاقتحام الانتخابات دون تردد ، فالمهم هو المشاركة وتأكيد الذات والتعلم من التجربة والخسارة . وإذا ما كان نصيب النساء قليلا في النجاح حسب الدوائر الانتخابية ، فان المفاجآت ممكنة بعبور نائبتين أو أكثر ، خاصة وان من شاركن في انتخابات 2006 مصممات على مواصلة كسر طوق اليأس في انتخابات 2010 الأكثر مفعما بالأمل ، بدلا من أصوات غريبة تنادي بكوتا نسائية بالتعيين في مجلس انتخابي . ولكي ينجحن النساء في العملية الانتخابية فان عليهن أن يتوجهن بمطالبهن للصوت الانتخابي من كل الجنسين ولا يحصرن مطالبهن وأهدافهن بالجانب النسوي البحت ، فالمهم هو التماس الجماهيري سياسيا وليس » جنسانيا« فالهموم المجتمعية مشتركة والتحديات كذلك .

اختراق جدار الاسمنت السياسي

تعتبر بعض الدوائر الانتخابية دوائر مغلقة على الطائفة الشيعية خاصة في المناطق الريفية ، ومن الصعب اختراقها على المدى المنظور ، غير إن الجانب الديني السني بشقيه ،الأصالة والمنبر الإسلامي ، بالإمكان خلخلة بعض دوائرهما في حالة توافر عناصر النجاح للتكتل الثالث المكون من تحالف الليبراليين واليسار والديمقراطيين والقوميين ، ففي حديقتهم الملونة بالأطياف السياسية بالإمكان أن تلتقي عناصر وشخصيات وطنية وتكنوقراطية وتجارية ، بحيث يشكلون ثقلا انتخابيا جديدا ، قادرا إما على العمل ككتلة واحدة تحت مسميات معينة وإما التنسيق والتعاون الواسع لتحركهم في دوائر عدة تربك التيار الديني بمكوناته .
ويشكل البرنامج المعبر عن مصالح تلك الكتلة الثالثة ، أداة وهدفا مهما في العملية الدعائية الانتخابية ، إذ تجد تلك الكتلة المتأرجحة والمتنوعة نفسها اليوم خارج التأثير البرلماني ، فيما ترى نفسها تمتلك من المقومات العديدة في تغيير الخارطة السياسية لمجلس النواب . وإذا لم تستوعب تلك الكتلة الثالثة إمكانية رص صفوفها على أساس المصالح المشتركة وفضلت العمل منفردة ، فان فرص نجاحها ستكون قليلة واختراق دوائر الاسمنت السياسي يصبح شبه مستحيل ، خاصة وان الأزمة الفعلية داخل هذا التكتل المتنوع ، هو امتلاك اليسار والديمقراطيين لحركة شعبية وتاريخ سياسي متجذر ، غير إنها لا تمتلك رموزا مؤثرة في هذه اللحظة الانتخابية ولا الإمكانيات المالية الهائلة ، فيما يمتلك الليبراليون وعلى رأسهم الكومبرادورية التاريخية » القدرة المالية والإعلانية واللوجستية « ولكنهم في الوقت ذاته يفتقدون للخبرة السياسية الجماهيرية والتلاحم اليومي بين صفوف الناخبين . لهذا بحاجة كل طرف لتكملة نواقصه وتعويض ما يفتقده في هذه المرحلة.
ربما الوقت ضيق لاستيعاب هذا الدرس ، ولكن اختراق تلك الدوائر المغلقة أمر ليس مستحيلا في بعض المحافظات السنية متى ما توفرت الإرادة السياسية والتصميم بخلق كوة في جدار الاسمنت.
 
صحيفة الايام
27 يونيو 2010