المنشور

مستقبل الأجيال المقبلة المظلم

مثلما استيقظنا فجأة ووجدنا أن تعداد السكان في البحرين قد تجاوز المليون نسمة, كذلك سنستيقظ فجأة على أن غالبية المواطنين البحرينيين تعيش تحت خط الفقر وأننا أصبحنا في مجتمع تعيش فيه أقلية فاحشة الثراء وأغلبية مدقعة.
أسواق العمل الخليجية بما فيها البحرين فضلت استقدام العمالة الأجنبية من الدول الفقيرة وهي بذلك ارتضت أن تكون عمالتها الوطنية منافسة لهذه العمالة سواء في الأجور أو في مستوى المعيشة. وبما أن البحرين أفقر الدول الخليجية من حيث الموارد النفطية فإن تبعات هذا الوضع ستظهر عليها أولاً لتكون المثال الذي يجب أن تحتذي به باقي الدول الخليجية عندما تنفد هذه الثروة.
إن أهم واجبات الدولة حماية مواطنيها سواء من الناحية الأمنية فتكفل لهم سلامتهم الشخصية وتصون ممتلكاتهم من أي اعتداء كان أو من الناحية الصحية فتكفل لهم العلاج المناسب أو من الناحية الاجتماعية والاقتصادية فتوفر لهم الظروف الموضوعية لبناء أسر سعيدة وعيش كريم تبعدهم عن الحاجة والفقر من خلال توفير فرص العمل اللائقة والسكن.
وبالرغم من أن التطور الطبيعي لأي مجتمع يستدعي رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي والصحي والتعليمي لمواطنيه, إلا أن ما يحصل في الوقت الراهن في البحرين يقول عكس ذلك تماماً. فتقلص الطبقة الوسطى واضمحلالها يوماً بعد يوم واتساع رقعة الفقر نتيجة تدني مستوى الرواتب لهو أكبر دليل على ذلك.
ما نلاحظه في هذه المرحلة بالذات تراجع كبير في جميع المجالات بالنسبة إلى المواطن العادي, فلا الخدمات الصحية بقيت على ما هي عليه حتى بالنسبة لفترة التسعينيات عندما كان المواطنون يحصلون على خدمة صحية معقولة ولا يضطرون للانتظار لمدة قد تزيد على الشهرين لحجز موعد مع الطبيب الاستشاري, أو يضطرون لشراء الأدوية من الصيدليات الخاصة لعدم تمكن الدولة من توفيرها لهم, ولا حتى التعليم تطور بالشكل المطلوب وواكب الزيادة الرهيبة في عدد السكان نتيجة التجنيس العشوائي, فبعدما كان عدد الطلبة لا يتجاوز الـ 25 طالباً في كل فصل دراسي أصبح الآن يتجاوز الـ 30 أو حتى الـ 40 طالباً في الفصل الواحد.
ومع تراكم أعداد الطلبات الإسكانية لتصل إلى ما يقارب الـ 50 ألف طلب إسكاني عدنا إلى الوراء وإلى بروز ظاهرة (العائلة الممتدة) مرة أخرى بحيث يسكن الجد وأبناؤه وأبناء أبنائه وزوجاتهم في بيت واحد ولكل عائلة منهم غرفة واحدة.
لا أعرف إن كان أي مسئول في الدولة يرى عكس ما يراه المجتمع البحريني من حالة النكوص والعودة إلى الوراء في جميع المجالات, وأن هناك مستقبلاً أكثر راحة للأجيال المقبلة, إن ما نلمسه الآن هو خوف لا حدود له على مستقبل أبنائنا وإن كانوا سينعمون بما أنعم على آبائهم من نعمة العيش في الحدود الدنيا لمجتمع خليجي ينعم بالثروة النفطية ويحقق سنوياً فائضاً في موازناته العامة بمئات الملايين.
 
صحيفة الوسط
8 يونيو 2010