المنشور

ديمقراطية 1973 في صور

قال الفنان المصور عبدالله الخان لحسين المحروس، الروائي وكاتب السيرة: «ليس في برلمان 1973 طائفية، كان جميع النواب فيه باختلاف اتجاهاتهم ومذاهبهم وطنيين فقط ولا شيء غير ذلك.. حسين.. نريد أن نقول ذلك للناس في هذا الكتاب».
كان الحديث يدور عن مشروع كتاب قوامه الصور التي التقطتها عدسة عبدالله الخان في الأعوام 1972، 1973، 1974 و1975 للتجربة الديمقراطية البحرينية الأولى في السبعينات من القرن الماضي.
قال الخان للمحروس: «كل شيء في بالك له صور في أرشيفي»، ولكنه دعاه للاستعجال في إعداد كتاب عن ديمقراطية السبعينات الموؤدة، فأحضر له الصور، التي كانت بالأسود والأبيض، وكلها كانت باعثة على الفضول، وتستحق أن توضع في كتاب، وقطع المحروس وعداً على نفسه أمام الخان بأنه سينجز الكتاب في موعد أقصاه فبراير/ شباط 2009، ولكنه لم يف به لأنه وجد انه من غير الممكن فهم ما في الصور دون العودة إلى مضابط المجلسين التأسيسي والوطني، والى ما حذف من هذه المضابط، والى الدوريات المحلية والخليجية التي كانت تصدر في تلك الفترة، ووثقت التجربة.
في الثامن عشر من مايو/ أيار الماضي كنا على موعد مع حفل تدشين الكتاب الذي حضرته وجوه برلمانية سبعينية وراهنة، وحضره إعلاميون وباحثون ومهتمون بالتاريخ وبفن التصوير، لنجد هذا الكتاب القيم في أيدينا، ولنجد أنفسنا أمام صور نابضة بالحياة والحيوية، تعيدنا إلى ذلك الزمن الأخضر، المليء بالوعود والآمال وبالأفكار والمشاريع الكبيرة.
لا تأخذنا كاميرا عبدالله الخان إلى قاعة المجلسين التأسيسي والوطني وحدها، في مبنى بلدية المنامة القديم، وإنما أيضاً إلى الشارع، حيث الحملة الانتخابية الأولى التي تنازلت فيها الأفكار والبرامج، لا خطابات الطوائف والمذاهب والقبائل كما هو حالنا اليوم، والى الندوات الحية والمهرجانات الانتخابية التي احتشد فيها الناخبون والشباب المتقد بالأمل، في زمن صناعة الأمل.
كما تطوف بنا كاميرا الخان في طوابير الناخبين يدلون بأصواتهم، ملقيين بأوراقهم في صناديق الاقتراع، وهي نفسها الأوراق التي رسمت نتائجها صورة المجلسين التأسيسي والوطني، وستطالعنا صور أبرز الشخصيات في المجلسين المذكورين، ومن بينهم رئيس المجلس التأسيسي الشاعر ابراهيم العريض، ورئيس المجلس الوطني الأستاذ حسن الجشي.
عند قراءاته لمضابط المجلس الوطني توقف حسين المحروس عند عدد من القضايا الساخنة في جلسات المجلس، بينها تلك التي طرحت فيها الكتلة الدينية قضية توليد النساء من قبل أطباء رجال على خلفية إنهاء عقد إحدى المولدات الهنديات بسبب سوء أدائها المهني كما أوضح وزير الصحة في حينه الدكتور علي فخرو، فيما فسر نواب الكتلة الدينية ذلك على انه خطوة في اتجاه إحلال الرجال محل النساء في التوليد، كما توقف المحروس أيضاً أمام مشروع قانون الاختلاط بين الجنسين في وزارتي الصحة والتربية المقدم هو الآخر من الكتلة الدينية، والذي لم يقدر له أن يمر من المجلس.
أعطانا عبدالله الخان بالصور الثمينة التي التقطها يومذاك، وأثارت شهية حسن المحروس على البحث والتقصي، ثروة تاريخية كبيرة لا تقدر بثمن، ولكن هذا الكتاب يفتح الباب أمام نقاشٍ جدي نقف أمامه غداً.

صحيفة الايام
7 يونيو 2010