المنشور

عن الانتخابات القادمة

سأل احد الاصدقاء وهو يتحدث عن الانتخابات النيابية والبلدية القادمة .. ماذا تتوقع؟
قلت له: اغلب التوقعات والتكهنات تشير الى فوز الكتل الاسلامية والسبب لا يعود فقط الى هذه الكتل التي تستغل دور العبادة لاهداف انتخابية وكذلك العمل الخيري، وانما يعود ايضاً الى التيار الديمقراطي الذي ومن المؤسف الى الآن لم يعمل بشكل متجانس وفق رؤية واضحة، والادهى من ذلك انه لايزال يعول على مساندة القوى الدينية المعارضة، في حين ان هذه القوى لها حساباتها السياسية والحزبية التي لا يمكن ان تتنازل عنها، اي بالعربي الفصيح رغم كل القواسم المطلبية المشتركة معها فان هذه القوى لا تقبل في دوائرها الانتخابية مرشحاً مخالفاً لها فكرياً وسياسياً.
قال: كثيراً ما نسمع عن تذمر الناس من اداء النواب ومن الكتل الاسلامية السياسية تحديداً لان هذه الكتل كانت وعودها اكثر من انجازاتها وبالتالي ألا تعتقد ان هذا التذمر قد يغير بعض الشيء من تركيبة المجلس القادم؟
قلت: ربما يحدث ذلك ولكن يعتمد على مدى قوة تحالف التيار الديمقراطي مع التجار والشخصيات الوطنية والليبرالية المستقلة ومن هنا ولطالما السياسة فن الممكن، فالممكن هنا هو هذا التحالف الذي ولمصلحة الدولة المدنية والتحديث والتطوير يجب ان يحدث.
قال لي: التجار الذين تتحدث عنهم لهم مصالحهم الخاصة ومن المؤكد ان نشاطهم كنواب يخدم هذه المصالح.
قلت: هذه حقيقة وتقاطع المصالح تفرض عليك هذا النوع من التحالفات على الاقل في الظروف الحالية التي تتعرض فيها الدولة المدنية للخطر او من غير ذلك ما العمل؟
اذن ليس هناك شيء اكثر اهمية من ترتيب البيت الديمقراطي المتصدع والشيء الآخر الذي لابد من التفكير فيه هو التحالف مع قوى الحداثة وهناك تجارب كثيرة ينبغي الاستفادة منها.
قال صاحبي: لم تشر لا من بعيد ولا من قريب الى تذمر الناس من النواب.
قلت: على صعيد تجربة الناس مع النواب والبرلمان عموماً يمكننا القول ان التذمر الذي تسمعه هنا وهناك من اداء النواب له مبرراته لان الناس كانت تطلعاتهم اكبر بكثير من المكاسب التي تحققت، وخاصة تلك التطلعات التي لها علاقة بتحسين ظروف حياتهم المعيشية، ومع ذلك لا يمكن ان تراهن على الاقل في هذه الفترة على هذا التذمر لماذا؟ لان التذمر الذي تتحدث عنه ربما قد يتبخر ويتلاشى خاصة عندما يستغل المرشحون حاجة الناس، وهذا ما حدث عندما لعب المال السياسي دوراً كبيراً في شراء الاصوات والذمم والكل يعلم ان شراء الاصوات اتخذ اشكالاً مختلفة كالهدايا ودفع فواتير الكهرباء وشراء «الماچلة» والاجهزة الكهربائية من مكيفات وثلاجات، فضلاً عن المبالغ «الكش» والكل يعلم ايضاً كيف كانت الصناديق الخيرية واجهة لمرشحين انتفعوا منها في كسب الاصوات مثلما انتفعوا من المراكز العامة وهذا يا صاحبي الفساد بعينه، وحول هذه المشكلة اضفت، يقول احد المتخصصين: ان اساءة استعمال المال في السياسة تترتب عنها مشاكل كبيرة للدول الديمقراطية لان ذلك يهدد القوانين القاضية بالمساواة والعدالة وفي التمثيل الصالح ويؤدي الاداء المشوّه للاحزاب السياسية وللافراد حين اساءة استعمال المال الى انعدام الثقة بالمجالس السياسية وبالنشاطات التي تقوم بها.
قال صاحبي: ما رأيك فيما يتردد اليوم ان نسبة التصويت في الانتخابات القادمة سوف تتراجع بسبب البرلمان «ما سوى شيء».
قلت له: المشكلة لا تكمن في الناس البسطاء وانما تكمن في بعض النخب السياسية التي لاتزال لم تفرق بين الاداء النيابي الذي لم يوفق بالشكل المطلوب على صعيد الرقابة والتشريع وبين اهمية وجود سلطة تشريعية منتخبة تمثل الارادة الشعبية، ينبغي ان تأخذ دورها المستقل لاعتبارها ركناً مهماً من اركان الديمقراطية.. كيف تطور هذه المؤسسة او هذه السلطة، هذا موضوع آخر وبالتالي ان التذمر الذي تحدثنا عنه سلفاً يجب الا يدفعنا الى العزوف عن التصويت والمهم هنا هو لمن نصوت؟ ولماذا ندلي باصواتنا لمشرحين كثر الحديث عنهم عندما كانوا نواباً بانهم «ما سوو شيء» ولماذا لا نعيد النظر فيهم ونبحث عن مرشحين اكفاء لا تحركهم المصالح العقائدية التي اضرت بالحريات العامة والشخصية وبالاستثمارات والتنمية والحياة المدنية عموماً.
 
صحيفة الايام
6 مايو 2010