المنشور

إعادة الجمال المفتقد لبيئة البحرين

في غمرة انشغالات الحركة السياسية في البحرين بتفاصيل الحراك اليومي، وما أكثرها وما أكثر تشعباتها، لا يجد نشطاؤها والعاملون في صفوفها الوقت الكافي ليولوا عنايتهم بقضايا مهمة، إن بدت في الظاهر غير ذات طابع سياسي، فإنها على صلة وثيقة بأكثر القضايا أهمية، تنموية واجتماعية وحتى سياسية أيضاً، ومن ذلك ملف البيئة في البحرين.
والقضية البيئية باتت اليوم قضية ذات طابع كوني، تستقطب حولها قوى اجتماعية ومجموعات ضغط هائلة التأثير تضاهي في القوة والفاعلية تأثير الكثير من القوى السياسية التقليدية التي يتضاءل تأثيرها أكثر فأكثر كلما غفلت عن مستجدات التطورات الجديدة في البنى الاجتماعية والاقتصادية وفي التحولات الجارية في الكوكب برمته.
في بلادنا البحرين تكتسب هذه القضية أهمية مضاعفة بالنظر إلى حجم الخطر الذي يلحق بالبيئة من الأوجه المختلفة، إن على صعيد وضع الزراعة والمناطق الخضراء التي كانت تملأ أراضي البحرين أو على صعيد البيئة البحرية من شواطئ وخلجان وجزر وما إلى ذلك.
في مساهمةٍ من المنبر التقدمي في الجهود الخيرة التي تبذلها الهيئات المدافعة عن البيئة والنشطاء البيئيين في بلادنا أقامت لجنة البيئة في «التقدمي» حلقة حوارية عن ردم السواحل وآثاره المدمرة على البيئة، وبجهدٍ مشكور من رئيسة اللجنة نادية حنين وزملائها من أعضاء اللجنة اجتمع في مقر «التقدمي» نواب وناشطون بيئيون وناطقون باسم البحارة والصيادين وقانونيون وأكاديميون وإعلاميون وممثلون للجمعيات السياسية لمناقشة آثار ردم الشواطئ على البيئة وعلى وضع ومستقبل الثروة السمكية والبيئة البحرية في البحرين، والأبعاد التنموية والاجتماعية للموضوع.
قُدمت في الحلقة الحوارية أوراق ومواد فلمية وعروض تفصيلية للموضوع، بما في ذلك النتائج التي خلصت إليها لجنة التحقيق في الدفان، ودارت على اثر ذلك مناقشات ثرية، في نتيجتها خلصت الحلقة الحوارية إلى مجموعة من التوصيات الجديرة بالاهتمام من الجهات المعنية بالشأن البيئي سواء كانت رسمية أم أهلية.
ومن أهم تلك التوصيات: إعادة هيكلة الثروة السمكية وإدراجها تحت وزارة البلديات بصفة مباشرة وتحت قراراتها، حتى يصبح صاحب القرار هو المسؤول أمام مجلس النواب والحكومة، الاشتراط على السفن الحربية عدم التخلص من نفاياتها وبخاصة الخطرة والمشعة في البحر، إنشاء مركز متخصص بالدراسات البحرية يتبع مركز الدراسات والبحوث ومهامه إجراء المسوحات الميدانية وجمع البيانات البيئية وتوفير ميزانية خاصة لها.
كما أوصت الحلقة بضرورة تطبيق القوانين المنظمة لعمليات الصيد دون استثناءات، تشديد الرقابة على عمليات الحفر والدفان، التزام الحكومة بتنفيذ أحكام القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن حماية الشواطئ والسواحل والمنافذ البحرية، تكاتف جهود النواب وأعضاء المجالس البلدية والجمعيات السياسية وجمعية ونقابة الصيادين والتركيز على هذا الملف البيئي، كما جرى التأكيد على أهمية التوصيات والمقررات التي خلصت إليها لجنة التحقيق البرلمانية في الدفان، وضرورة السعي إلى تنفيذها بالسرعة الضرورية.
إزاء الملف البيئي فان الوقت لا يجري لصالح حمايتها وإنقاذها من المخاطر التي أحاقت بها، والمطلوب خطوات سريعة وفعالة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، من أجل أن نعيد للبحرين بعض ما كانت عليه بيئتها العذراء من جمال وألفة، فقدناهما جراء الجشع الذي أعمى العيون.
 
صحيفة الايام
27 مايو 2010