المنشور

أطروحات أحمد زويل

في كلمة العالم العربي الحائز على «نوبل» أحمد زويل أمام منتدى الإعلام العربي في دبي، خلص إلى أن الصراع بين الإعلام والسياسة في العالم العربي الذي هو سمة راهنة سيحسم لمصلحة الإعلام، حيث لن تقوى السياسة التي لاتزال تدار بذهنية تقليدية على الصمود في وجه تقدم الإعلام الذي أصبحت له وسائل ووسائط تعد أذرعاً قوية قادرة على إزالة كل كوابح حجب تدفق المعلومات وانسيابيتها.
يقول زويل إنه في الماضي كان يتم غلق النوافذ حتى لا تعلم الشعوب ما يجري من أحداث، لكن هذا أصبح مستحيلاً اليوم، فالسماء مفتوحة أمام ثورة الإعلام، وتكنولوجيا التواصل بين العالم من دون حدود، وبات ضرورياً مغادرة ذهنية العصور الوسطى، وهذا يعني أن مسألة الإصلاح السياسي ودمقرطة المجتمعات هي أمر لا راد له.
على أن الديمقراطية ليست ذات وجه سياسي فحسب، وإنما لها وجهها الاجتماعي الذي لا يقل أهمية، فهل يعقل أن نسبة الأمية في العالم العربي مازالت تتراوح بين ثلاثين إلى خمسين في المائة، والبطالة بلغت عشرين في المائة في بعض البلدان، وأن إنتاج العرب من البحث العلمي لا يزيد على نصف في المائة، وهناك خمسة وأربعون في المائة من بين 300 مليون عربي هم من الشباب أي إنهم ثروة بشرية مهدرة؟
ولأن المعلومة هي لغة التداول الآن، فلا يمكن لمجتمع أن يترك نحو خمسين في المائة من تعداده لا يقرأ، ولتعميم ثورة الاتصال يجب إعداد شعوبنا من خلال نهضة تعليمية شاملة لكي تصبح طرفاً في هذه الثورة، لا عبر اقتناء منتجاتها بالشراء، وإنما لكي نصبح شركاء في صناعتها، كما هو حال بلدان غير غربية مثل الصين وكوريا وماليزيا وغيرها.
على صلة بذلك تأتي مسألة التحديث الثقافي التي يشكل التجديد الديني أحد روافعها، لا بل لعله جوهرها. وعقد زويل مقارنة بين المراحل التي تخضع فيها البحوث والفرضيات العلمية للتدقيق عبر مراحل البحث والمناقشة والتحكيم، وبين فوضى الفتاوى الدينية، خاصة على بعض محطاتنا الفضائية، حيث أصبح الكثيرون يفتون في كل شيء من دون ضوابط.
في سياق ذي صلة يفرق زويل بين المعلومة والمعرفة، وهو تفريق سبقت الإشارة إليه مراراً، ولكنه يكتسب أهمية إضافية حين يأتي من قامة مثل أحمد زويل، تلقى تعليمه العالي وأجرى تجاربه العلمية واكتسب خبراته في الولايات المتحدة الأمريكية، التي هي حقل الترويج الأول للمعلوماتية في العالم دون منازع.
في ظروف الثورة المعلوماتية اليوم نشأ نوع من التمجيد الأعمى للمعلومات، ومماهاتها بشكل لا يخلو من السذاجة والجهل حيناً، ومن المكر والخبث حيناً آخر، بالمعرفة، فأصبح حجم ما هو متيسر من معلومات وبيانات وأفكار على الشبكة العنقودية، مضافاً إليه سهولة الوصول إليها يقدم على أنه المعرفة بذاتها فيما هي تتطلب شروطاً ومقومات أخرى.
يمكن لمعلوماتي معين أن يكون أشبه بإنسان ماهر في حل الكلمات المتقاطعة في الجريدة ليس أكثر، ويمكن لمعلوماتي آخر أن يكون مولداً للمعرفة، وهنا الفرق.
 
صحيفة الايام
17 مايو 2010