المنشور

خيوط اللعبة في الاستثمارات الوهمية ..!


بعد أن شغلنا وانشغلنا بقضية غسيل الأموال التي لا يعلم أحد حتى الآن كيف تسير الأبعاد التي ستأخذها بعد السرية التي فرضتها النيابة العامة في مسار هذه القضية بذريعــة ” مصلحة التحقيق “.
 
بعد هذه القضية، ها نحن نجد أنفسنا مشغولين ومنشغلين بقضية أخرى تتداول تحت عنوان ” الشركات الوهمية “، وهي القضية التي أثارت الكثير من الشجون، والكثير من التساؤلات وعلامات التعجب، وحركت الكثير من الألم رغم أن ما تكشف حتى الآن ما هو إلا قمة الجليد فحسب، حيث المؤشرات وما هو مثار ومتداول في الساحة يقول لنا بأن الخافي أعظم، وأن هناك الكثير من المفاجآت من العيار الثقيل، خاصة بعد أن أشير إلى أن هناك رأس كبير في هذه القضية من كبار رجال الأعمال هذه المرة متورط في القضية التي أطاحت بــ 21 مليون وجعلت مئات المواطنين يغرقون في الخسائر والديون الضخمة .
 
أخطر ما في المشهد هو توالي الانكشافات ، قضية تلو قضية، آخرها قضية الشركة الوهمية بمدينة حمد التي استولت على ما يقارب من 600 ألف دينار من بعض الأهالي ، وقبلها الشركة الاستثمارية الوهمية التي قادها مواطن كان يعمل بوزارة الداخلية والتي استولى من خلالها على مبالغ وصل مجموعها إلى 9 ملايين دينار بعد أن أوهم الناس بأنه يمتلك شركة للمتاجرة بالعملات والعقارات محلياً ودولياً .
 
أخطر ما في المشهد ثانياً هو موقف وزارة الصناعة والتجارة المعلن والمنشور في الصحافة المحلية والذي فيه أخلت الوزارة مسؤوليتها ومسؤولية مصرف البحرين المركزي عن مخالفات الشركات في استثمار أموال المواطنين والمقيمين ، فالوزارة تؤكد بأن موضوع ” ملايين الدنانير ليس بالأمر السهل لعدم وجود رصيد بنكي لهذه الشركات يؤهلها لإرجاع أي مبلغ لأي شخص ..!!
 
والوزارة لا تكتفي بذلك بل هي تقول في ردها بأنه اذا كان هناك من يريد أن يكسر القانون للحصول على الربح غير المشروع والسريع فإنه لا يمكن لأي جهة أن تتصدى لكل مخالفة يقوم بها من يدعي القيام بعمل صحيح بصورة يومية ، لأن ذلك يتطلب عشرات الآلاف من الموظفين لمراقبة كل شيء، وذلك يعني باختصار أن لا مواجهة حاسمة حتى الآن لهذه الشركات التي خطأت الوزارة تسميتها بالشركات الوهمية، واعتبرتها شركات حقيقية وأعطيت السجل التجاري بناء على ” ادعائها ” – هكذا قالت الوزارة – بأنها ستقوم بأعمال تجارية داخلية محدودة .. !!
 
الوزارة إذن لا تقر بأن تلك الشركات وهمية ، ولكنها حتى وأن كان من زاوية أنها المعنية أيضاً بحماية المستهلك والتصدي للاحتيال التجاري، لم تضع النقاط على الحروف ، أو تعلن عن إجراءات وضوابط حيال أعمال هذه الشركات والمشاريع الوهمية ، وأن كان مصدر رفيع المستوى – لاحظوا هنا هذه الإشارة التي اقترنت بالخبر التي توضح بأنه فضل عدم ذكر أسمه – هذا المصدر الرفيع في تصريح نشر بجريدة في 25 أبريل 2010 أعلن عن ضوابط ومتطلبات جديدة للسجلات والتراخيص التجارية ستصدر خلال وقت قريب، وأن الوزارة وفقاً للمسؤول الرفيع أخطرت جميع الشركات ، وهنا يقصد الشركات العقارية تحديداً بالامتناع عن أي نشاط تجاري غير مرخص وخصوصاً القيام بجميع أموال من المواطنين والمقيمين .
 
ذلك يعني أنه ليس هناك اعتراف صريح لا بالمشكلة ، ولا بأوجه الخلل والقصور من أي جهة رسمية ، كما يعني أننا سنظل نراوح في مكاننا نخلق ونختلق الأسباب والتبريرات في شأن القصور في الدور الرقابي وهو أمر لا تتحمل مسؤوليته وزارة الصناعة والتجارة فقط، بل ومعه وربما قبله مصرف البحرين المركزي الذي ظل صامتاً حيال كل الانكشافات من شركات واستثمارات وكأنه ليس معنياً على الأقل بحركة مسار وتوظيف الأموال بالمصارف المحلية .
 
أيضاً من بين أخطر ما في المشهد ، هو تلك المساحات الكثيرة من الشطط الأعمى من جانب من باتوا يصولون ويجولون بالكتابة والخطابة في قضية هذه الشركات والاستثمارات مضيفين عليها ودون خجل وبشكل فج بعٌداً طائفياً بعد أن وجدوا بأن جل الضحايا تقريباً في إحدى القضايا من أهالي منطقة السنابس ، وهم الذين وصفهم أحد الكتاب بأنهم ظهروا يمتلكون الملايين فيما يقدمون أنفسهم بأنهم معدمين ملمحاً إلى بعٌد طائفي في المسألة ، فيما لا يعلم إلا الله بحال هؤلاء الذين ربما استدانو من البنوك ورهنوا بيوتهم على أمل زيادة دخولهم والحصول على فوائد خيالية وليس نتائج كارثية .
 
قائمة المخاطر تتضمن من جملة ما تتضمنه حيال هذه القضية ما هو أعظم وأشد مرارة، وهو استغلال البعض للدين والمتاجرة بالدين، ولعله الأمر الذي جعل كثر من الناس ينزلقون إلى ما لا يحمد عقباه. بعد أن سقطت جميع الأقنعة وأكتشف الجميع بأنهم وقعوا ضحية احتيال وباتوا في ورطة كبرى.
 
كل يوم تتكشف خيوط وتفاصيل حول هذه الشركات والمؤسف أن من كانوا وربما لازالوا يحركون خيوط اللعبة في الخفاء ويجنون الملايين تلو الملايين سيكونون كالعادة في منأى عن المحاسبة والعقاب.