المنشور

ورحل النقابي جليل الحوري واقفا على قدميه


رحل المناضل (جليل عمران الحوري) وهو يؤدي واجبه الوطني والنقابي وذلك أثناء مشاركته في الاعتصام الذي نظمته نقابة المصرفيين البحرينية، احتجاجا على ما أقدمت عليه مختلف المصارف والبنوك بفصل العديد من الموظفين العاملين لديها، فصلا تعسفيا.

رحل النقابي المخضرم (جليل الحوري)، بعد أن اتخذ موقفا وطنيا صلبا، بتحدي ورغبة أكيدة في مشاركة رفاقه أعضاء نقابة المصرفيين وأعضاء جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي، احتجاجا على عسف الظلم الاجتماعي بحق المضطهدين والمسرحين من أعمالهم ووظائفهم.. وبالرغم من أزمة أمراضه التي ألمت به، والمشاكل الصحية التي كان يعانيها، فإن هذا النقابي الأصيل قد آل على نفسه بجلد وتجلد، ألا يستكين وذلك بإصراره العنيد على مواصلة النضالات النقابية، كعادته في لحظات تاريخية حرجة كهذه. وفعلا فقد حمل لواءها حتى الرمق الأخير من حياته.

ومثلما جاء رحيل المناضل والنقابي (جليل الحوري) مشرفا بالنسبة إلى المناضلين كافة بسقوطه في ساحة النضالات العمالية المطلبية في يوم 24 ابريل 2010م.. فإن جميع رفاقه المناضلين سواء في) المنبر الديمقراطي التقدمي) أو خارجه، يفخرون بنضالات وتضحيات هذا المناضل الملتزم، وهذا النقابي العريق، الذي تألق بوهجها وبريقها في سماء الحرية، قد امتدت إلى أربعين عاما خلت، هي مازالت وستظل ماثلة في ضمير الشعب، ووجدان الطبقة العاملة البحرينية، وذاكرة الوطن.

ولعل ما يبعث على القول فخرا ان المناضل (جليل الحوري) قد أكد للآخرين، سواء أثناء حياته أو ما بعد رحيله، أن المناضل الحقيقي لا يساوم على مبادئه، وان المناضل الملتزم، يظل أمينا على انتمائه، ويصون تاريخه، ويذود عن أفكاره، حتى إن جاء هذا على حساب شقائه بل حياته.. ليؤكد الراحل الحاضر بالتالي موقف المناضل، الذي قلما يجود الزمان به، في الزمن الصعب.. وليضرب انموذجا وطنيا ومبدئيا ونقابيا رائعا، في “فترة تمتحن فيها نفوس الرجال” كما يقول المناضل المواطن (توم بين).. أمام الكثير ممن تألقوا المكانة الحزبية، وتبوأوا المناصب القيادية، ورفعوا الرايات النضالية، لكنهم في نهاية المطاف انتكسوا وتراجعوا بمزيد من الانكسار، في تنكرهم لانتماءاتهم وتخليهم عن مبادئهم.

وحينما يضرب الراحل (جليل الحوري) أثناء حياته، ذاك “الأنموذج الوطني الرائع”.. فإن تاريخه كان حافلا بأروع النضالات والتضحيات.. فهو المناضل الوطني والناشط النقابي في (جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي) وكذلك في (جبهة التحرير الوطني البحرانية) على حد سواء.. والنقابي المخضرم وأحد مؤسسي اللجنة التأسيسية لاتحاد عمال البحرين عام 1972م.

ومثلما كان المناضل (جليل الحوري) متبوئا ومتصدرا الصفوف الأمامية في تنظيم الإضرابات والاعتصامات العمالية، وإحياء المسيرات الشعبية، وعلى رأسها المسيرات لعيد العمال في اليوم الأول من مايو من كل عام.. فإنه كان المدافع الأول عن العمال المضطهدين والعمال المفصولين، والمدافع العنيد عن حقوق الطبقة العمالية البحرينية في كل الأوقات.. ناهيك عن أن الراحل قدم ضريبة النضالات الوطنية غاليا، حين مواجهته أوجاع السجون والمعتقلات.. معتقلا سياسيا، ونقابيا وطنيا، في الأعوام المتتالية (72، 73، 74، 75م) بشجاعة المناضل الذي تجاوز بإرادته أصعب المواقف، وقهر أتعس اللحظات.. بقدر ما كان صامدا حينما كان يعاني اضطهاد البطالة أعواما طوالا، من دون ان توهن تلك البطالة من عزمه وعزيمته، حتى يوم رحيله.

وسيظل يوم رحيله علامات مضيئة بمشاركته عمال وموظفي نقابة المصرفيين احتجاجا على الاستغلال الاجتماعي.. بقدر ما يمثل يوم رحيله شهادة نضالية وأخلاقية للتاريخ وتعاقب الأجيال وتقادم الزمن.. لأن الراحل الحاضر (جليل الحوري) حسبما كان مناضلا من خارج قضبان السجن ما قبل اعتقاله وأثناء فترات اعتقاله، فإنه ظل مناضلا حتى الرمق الأخير من حياته.

طوبى لرفيق الدرب المناضل والنقابي (جليل عمران الحوري) الذي كان مسكونا بقضايا شعبه ومجتمعه، وقضايا طبقته العمالية البحرينية.. وسلام عليك أيها المناضل الحقيقي، وأيها النقابي العريق، يا من وجدت المكانة الإنسانية التي تليق بنضالاتك ومكانتك في ضمائر المناضلين، وقلوب وعقول الرفاق، الذين بدورهم يعاهدونك أنهم سيصونون أمانتك (النضالية والنقابية والمبدئية) في أعناقهم، وفي قلوبهم ووجدانهم وما بين جوانحهم.. فنم قرير العينين.. مرتاح النفس والضمير ما بعد رحيلك.. بعد ان أديت واجبك الوطني والنضالي والنقابي المنوط بك أثناء حياتك على أحسن وجه مشرف، وبكل ما تحمله كلمة النضال من معنى.

 
أخبار الخليج 7 مايو 2010