المنشور

في مدارسنا… غاب المربون وبقي المعلمون


يبدو أن المدارس الحكومية لدينا أو بعضها على الأقل تتشدد في ضبط الطلبة في أمور تافهة تماما كالتأخر لبضع دقائق عن دخول الحصة أو التأخر بعد الفسحة في حين تتهاون في أمور أخطر من ذلك كثيرا.

وبالرغم من وجود لائحة الانضباط المدرسي التي تحدد 25 مخالفة قد يرتكبها الطلبة أثناء الدوام المدرسي وكيفية التعامل معها من قبل الإدارة المدرسية، وبالرغم من وجود مساحة مرنة تتركها اللائحة لتقدير مستوى العقاب الذي تتخذه الإدارة في كل حالة على حدة إلا أن الأهم من ذلك هو فهم وتطبيق روح هذه اللائحة والالتزام بمبادئ التربية من قبل المدرسين والهيئة التعليمية.

على الإدارات والمدرسين أن يعوا بأن أبناءنا أمانة لديهم يجب الحفاظ عليها وأن هؤلاء الطلبة هم مستقبل هذا الوطن وأن مهنة المعلم لا تقتصر على مجرد شرح المواد المدرسية بصورة آلية ومكررة وتصحيح الكراسات ووضع العلامات، وإنما هي مهنة أكثر تعقيدا من ذلك بكثير فهي رسالة وضمير حي لا يقبل بمفهوم «سأبذل من الجهد بقدر ما أحصل عليه من راتب».

للأسف فقد غاب المربون وبقى الأساتذة وأصبح تقويم السلوك الخاطئ للطلبة هو من مهمة المشرف الاجتماعي وليس المعلم.

في السابق كان للمعلم تقدير خاص وكان الطلبة يخافون ويحترمون أساتذتهم أكثر مما يخافون آباءهم فما الذي غير ذلك؟

إحدى الأمهات حدثتني عن تعرض ابنها في إحدى مدارسنا الحكومية للضرب من قبل مجموعة من الطلبة (شلة لا تقل عن خمسة أشخاص) في وقت الانصراف من المدرسة وعلى باب المدرسة وقد تعرض ليس فقط للضرب المبرح وإنما هي أيضا تعرضت للاعتداء بالضرب، وعندما شاهدت الباص الذي يقل المدرسين (وكان في الباص حينها ما لا يقل عن عشرة مدرسين) استنجدت بهم، لكن للأسف فقد انتهى الدوام المدرسي والمدرسون كانوا قد انتهوا لتوّهم من حصصهم المفروضة عليهم فما كان منهم إلا الاستهزاء بالأم الخائفة والمفجوعة على ابنها والطلب منها التوجه لمركز الشرطة لتقديم بلاغ عن الحادثة مع أمر سائق الباص التحرك بسرعة للحاق على موعد الغداء تاركين الأم وابنها لسيل من الحجارة التي كانت تأتيهم من أفراد «العصابة».

بوجود مدرسين كهؤلاء أصبح أبناؤنا عرضة للاعتداء من قبل «عصابات» الطلبة ولنا في قضية الطالبة التي تعرضت للضرب المبرح مؤخرا في إحدى المدارس الثانوية خير دليل على ذلك.

وبوجود مدرسين كهؤلاء أصبحت مدارسنا تحكم من قبل العصابات والشلل وأصبح الطالب مضطرا لأن ينضم إلى «شلة معينة» لتدافع عنه وتحميه وإلا أصبح عرضة للاعتداء.

فما الذي تقوله لائحة الانضباط المدرسي في ذلك؟
 

الوسط  12 أبريل 2010م