المنشور

المرأة المنتخبة.. هل تمثل جنسها في البرلمان؟


أعجبني ما صرح به قبل أيام الكاتب والروائي السعودي الفائز بجائزة البوكر العربية لعام 2010 بأنه لا يوجد إنتاج أدبي خاص بالنساء وانه يرفض الفصل والتجزئة التي هي تفتيت للإنسان وارتهان للتجنيس على حد تعبيره، مضيفا انه هو نفسه امرأة لانه نتاج امرأة وانه متى تم تخطي الفصل “نستطيع ان نتواصل ونعيش ونتحول عما نحن فيه”.
ومع ان الجدل حول مسألة وجود أدب خاص بالمرأة وآخر خاص بالرجل مازال يتجدد بين الفينة والاخرى على ساحة النقد الادبي والثقافي العربية ربما منذ اكثر من خمسة عقود حتى بالرغم من كونها محسومة لصالح الفريق الرافض للفصل الأدبي بين الجنسين تصنيفا، فإنه في تقديري لا ينبغي الجزع أو الانزعاج من تجدد الحوار والجدل الفكري والنقدي الادبي حولها فهل من المسائل الحيوية الهامة القابلة لتجديد فتح الحوار حولها مثلها في ذلك مثل الجدل حول الالتزام بالشعر الحر أو الشعر العمودي أو الجدل حول ايهما افضل كتابة الشعر والرواية والقصة والمسرحية بالعامية أم بالفصحى.
لكن ما شأن كل هذا الكلام المتقدم ذكره بموضوع العنوان “المرأة المنتخبة هل تمثل جنسها في البرلمان؟”. في الواقع ان ما ذكره عبده خال بعدم وجود أدب خاص بالمرأة لا اعرف كيف ذكرني بموضوع تمثيل المرأة في البرلمان من حيث حقيقة لطالما غابت عن بالنا في الكتابات والحوارات عن تمثيل المرأة في البرلمان فمثلما لا يوجد أدب خاص مفصل على مقاس المرأة كجنس (جندر) فانه لا يوجد تمثيل نيابي للمرأة داخل البرلمان مفصل على مقاسها ولا يستطيع تحقيقه سواها.
وللدخول في صلب الموضوع لنتساءل هل كل من تصل الى المقعد البرلماني قادرة أو مستعدة حقا لتمثيل المرأة والدفاع عن حقوقها السياسية والثقافية والاجتماعية والأسرية تمثيلا صحيحا؟ وهل بإمكان الرجل بشكل أو بآخر إذا لم تستطع المرأة الوصول الى قبة البرلمان المنتخب ان يمثل المرأة تمثيلا صحيحا بالدفاع عنها في تلك الحقوق؟
في تقديري ان المسألة أو الإجابة في كلتا الحالتين سواء فازت المرأة انتخابيا ووصلت الى المجلس البرلماني المنتخب ام فاز الرجل انما تتوقف على ثقافة و وعي كليهما فلو فازت النساء حتى ولو بنصف مقاعد المجلس البرلماني المنتخب فلن يجدي ذلك المرأة مادامت تتبنى وعيا وثقافة معادية عمليا في الجوهر لحقوق بني جنسها من منطلقات مختلفة عنصرية أو قومية أو باسم الدين كما في اغلب الأحوال، ولو فاز بمعظم بمقاعد البرلمان أو كلها الرجال فلن ينفع ذلك لا المرأة ولا حتى الرجال مادام المنتخبون يحملون نفس صنف ذلك الوعي والثقافة، فالمعاداة لحقوق المرأة تفضي حتما بشكل أو بآخر لمعاداة حقوق الرجل ولاسيما المنحدر من الطبقات الدنيا المهمشة والمسحوقة ولا مجال للتوفيق بين الدفاع عن حقوق الرجال ومعاداة حقوق النساء بوعي او بدون وعي كائنة من تكون المسوغات الأيديولوجية والعقائدية لتلك المعاداة.
وبهذا المعنى يمكن لنواب رجال متجردين يتمتعون بوعي مستنير حداثي معمق الدفاع عن المرأة افضل من زميلات لهم في البرلمان أو بدون وجودهن، والعكس صحيح أي من الممكن لنساء ذوات وعي مستنير معمق الدفاع عن ابناء جنسهن وجنس الرجال معاً.
لكن هل يعني كل ذلك عدم الحاجة إلى تمثيل للمرأة اعتمادا على انتظار ذلك الصنف من الرجال الافذاذ للمجلس النيابي؟ وهل يعني عدم وجود فصل متعسف بين انتاج الادب النسائي والادب الرجالي ان الرجل قادر على التعبير في ابداعه عن المرأة بنفس قوة تعبير المرأة المبدعة؟
ينبغي الاعتراف بأن لها خصوصيتها من حيث قوة التعبير عن حقوقها برلمانيا ومن حيث قوة التعبير عن هذه الحقوق والخصوصية ابداعيا، بمعنى إذا ما نجح في الانتخابات البرلمانية شخصان احدهما رجل والآخر امرأة متضاهيان في مستوى النضج والعمق السياسي والفكري في الدفاع عن حقوق المرأة فان الاخيرة بطبيعة اكثر تعبيرا في الدفاع عن حقوق بنات جنسها ولو نسبيا على الاقل، وبالمثل في حالة إذا ما تماثل الاديبان أو تقاربا في نضج التجربة الابداعية.
 
أخبار الخليج 20 ابريل 2010


المرأة المنتخبة هل تمثل جنسها في البرلمان؟  (
2


ــ


 2

)

خلصنا يوم أمس إلى أن النساء المنتخبات لمقاعد البرلمان لسن بالضرورة مهما كان عدد مقاعدهن مستعدات أو قادرات على تمثيل حقوق المرأة في المجتمع تمثيلاً حقيقياً فكراً وثقافة وممارسة بقدر ما يتوقف استعدادهن ومقدرتهن على مدى ما يتمتعن به من ثراء في تجربتهن وخبراتهن ثقافياً وفكرياً واجتماعياً وعما إذا كان جوهر هذه الخبرات يميل ولو بالحد الأدنى نحو إعطاء المرأة حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية المنسجمة مع روح العصر من دون تابوهات دينية أو عرقية انتقائية.
على أن افتقار أي مجتمع في مرحلة من مراحل تطوره التاريخي إلى القدرة على فرز نساء بذلك النضج والتجربة والثقافة التقدمية المتطورة أو عجزهن عن تحقيق أكبر التفاف من الناخبين حولهن بسبب قصور في وعيهم وتحكم ظروف معقدة متعددة في أصواتهم، رجالاً ونساء، كل ذلك لا يعني انتفاء الحاجة الماسة إلى تخصيص نسبة مناسبة من عدد مقاعد المجلس المنتخب للنساء حتى لو استأثر بها وصول مرشحات فائزات أفكارهن وثقافتهن هي من حيث الجوهر لا تخدم بعض حقوق المرأة الفعلية فما لا يدرك جله لا يترك كله فوصول مثل هذه النوعية من النائبات من شأنه أن يسهم بقدر ما أو بآخر في تحقيق غايتين في آن واحد:
الأولى: أن تكون النائبات المنتخبات على امتحان المحك الحقيقي في معترك الجدل حول حقوق المرأة وحقوق الفئات الاجتماعية تحت قبة البرلمان وأمام متابعة الرأي العام صحافة ومجتمعاً. وهو محك مهم قد يفضي إلى حراك سياسي في الوعي نحو الأمام لدى بعضهن وخاصة إذا ما استطاعت واحدة أو أكثر من المرشحات الديمقراطيات التقدميات اختراق الكوتا المخصصة للنساء.
الثانية: كسر الاحتكار الذكوري لكل مقاعد المجلس المنتخب كبداية تدريجية قد تسهم في تغيير الوعي الاجتماعي السائد الذي ينظر إلى المرأة نظرة دونية بعدم قدرتها على التمثيل البرلماني.
والواقع أن معظم الدول التي تجرى فيها انتخابات برلمانية وتواجه تعقيدات في تطور الوعي الاجتماعي باتجاه النكوص عن هذا الوعي وبخاصة فيما يتعلق بحقوق المرأة بالشكل والجوهر اللذين يعكسان تطور الفكر الانساني العالمي في إعطاء المرأة حقوقها كافة.. نقول إن معظم تلك الدول تأخذ بنظام “كوتا” كمرحلة تاريخية اجتماعية انتقالية لا مفر من تبنيها مهما كانت المآخذ عليها وإلا لظلت أصوات النساء مسخرات في “التمكين والمشاركة السياسية للمرأة”، للرجال فقط إلى أجل لا يعلم مداه سوى الله.
في الورقة البحثية القيمة التي أعدها د. عبدالغفار رشاد القصبي واصدرها معهد البحرين للتنمية السياسية ضمن كراسات سلسلة إصداراته تحت عنوان: “المنظمات الدفاعية.. قضايا النهوض بالمرأة” يسلط الباحث الضوء على الواقع المرير الذي بات عليه تمثيل النساء اليوم في برلمانات العالم من حيث تدني نسبة هذا التمثيل حتى في البرلمانات الغربية والوضع أشد سوءاً في برلمانات العالم الثالث وبضمنه الدول العربية فيقول:
“تعاني المرأة، شأنها شأن الجماعات الأكثر ضعفا في المجتمع المعاصر كالفقراء والمهمشين، من تدني مستوى تمثيلها في الحياة السياسية، بما لا يتناسب ووزنها الكمي الذي يصل إلى نصف عدد السكان في المجتمع، نتيجة عدم العدالة في توزيع الموارد السياسية في ه%D