المنشور

فلادمير ماياكوفسكي …. في الذكرى الثمانين لرحيله

ولد فلاديمير ماياكوفسكي في التاسع عشر من مايو عام 1893 في إحدى قرى  جيورجيا النائية ( باغدادي ) وتوفي في الرابع عشر من ابريل عام 1930 ، حين اطلق  النار على نفسه وهو في السابعة والثلاثين من العمر . وفي هذه الفترة القصيرة من  حياته ، إستطاع ماياكوفسكي أن يصنع مجده الشعري الذي جعل منه شاعر المرحلة  السوفيتية وأحد الشعراء العظام في القرن العشرين .

إلتحق ماياكوفسكي بثورة اكتوبر وهو في سن الرابعة والعشرين وسخًر كل إمكانياته  في سبيل إنتصارها ، إلا أن صلته بالثورة لم تبدأ من هذا العمر ، بل كان في سن  المراهقة ينشر افكارالحزب الشيوعي .
 
وشاعر الثورة ، كما يراه ماياكوفسكي ،لا ينحصر عمله في تأليف الكتب ، لذا إنخرط  بعد إنتصار الثورة في العمل السينمائي والمسرحي والصحفي وفي الدعاية المكتوبة  والمصورة للثورة .وكان دائماً يعلن بأن الفن يجب أن لا يعيش في القصور وصالات العرض والمكتبات والمسارح ، بل يجب أن يكون متاحاً للجميع . 

وكان يردد دائماً : ” سنرسم الكلمة الحرة على زوايا الشوارع وجدران  البيوت والسطوح والسياجات وشوارع مدننا وقرانا وظهور العربات والمركبات وثياب  المواطنين ، لتكن الشوارع مأدبة فنية للجميع .”
 
يُعتبر ماياكوفسكي واحداً من اهم شعراء النصف الأول من القرن العشرين ورائداً في  الشعر الثوري الحديث . وتمتاز قصائده بالبساطة كشعر بوشكين ويسنين رغم إختلاف  إنتماءاتتهم الطبقية ، لكن الثلاثة كانوا قريبين من الجمهور . فقد كان ماياكوفسكي يحب كل العالم وجميع الناس المظلومين والمعذبين ( بالفتح ) في الأرض .

و ما ياكوفسكي مجدداً في الشعر لغة وموضوعات ورائداً في الشعر الثوري  الحديث ، وحطًم قواعد النظم القديمة، وإعتبر ان ضرورات الصراع الطبقي هي التي  تقرر وسيلة تشكيل القواعد وكان يقول : ” إن الإنسان لا يُسمى شاعراً إلا إذا  كان خالقاً للقواعد ، وان أولويات الشعر ليست إلا الحركة الأولى في الشطرنج “ .

من المعروف أن ماياكوفسكي لم يكن يرتاد المسرح دائماً ، لكنه لا يتوانى من حضور  اية مسرحية من إخراج ميرخولد . و ان ما قرًب ما ياكوفسكي من ميرخولد هو الفهم  المشترك للمهام التي يجب ان يضطلع بها المسرح السوفيتي الجديد ، وكان يعتبر تجارب ميرخولد تشق الطريق نحو فن مؤثر و معبئ .
 
لقد خلق ماياكوفسكي مسرح الممثل الواحد ، وكانت “ تمثيلية هزلية “ ، التي أخرجها  ميرخولد ، اعظم إنجاز للمسرح التحريضي في السنوات الأولى من عمر الثورة .  فقد خلت المسرحية من الحب والحبكة ، وكانت الحياة السياسية المعاصرة موضوعها الحقيقي . فالسخرية التي استخدمها ماياكوفسكي ، الشاعر والمدافع عن الشعب ، هو فن هجومي مكافح، إذ أن في طبيعة السخرية ذاتها ،يكمن حس الروح الشعبية ، والكفاح من اجل اجتثاث الأمراض الاجتماعية والقضاء عليها .