المنشور

انتخابات ” قطع أطراف المراقبين “


في 22 مارس/ آذار الماضي هدد الرئيس السوداني، عمر البشير المراقبين الدوليين بقطع “أطرافهم وأصابعهم، ووضعهم تحت حذائه” في حالة تدخلهم في “انتخاباته النزيهة”، وفي اليوم التالي، اعتبر مدعي المحكمة الجنائية الدولية في بروكسل لويس أوكامبو، أثناء مؤتمر صحافي أن أمام بعثة المراقبين المنتدبة من الاتحاد الأوروبي لمراقبة هذه الانتخابات في 23-3-2010، أن الانتخابات السودانية المقررة في 11 إبريل/ نيسان)، والتي ترشح لها الرئيس السوداني الحالي أشبه بـ”انتخابات تحت نظام هتلر”، مشيراً إلى أنه من مسؤولية “الحكومة السودانية” بالدرجة الأولى اعتقال البشير.

بين تشبيه أوكومبو للانتخابات السودانية، وما تلفظ به رئيس دولة تتحكم في مصير 40 مليون إنسان، بألفاظ “مقاهي الشيشة”، ثمة علامة مشتركة لا تبشر أن تكون أول انتخابات تعددية في السودان مفترضة منذ 1986 ، ستكون نزيهة بكل المقاييس خاصة أن البشير الذي تسلم الحكم في يونيو/ حزيران 1989 إثر انقلاب عسكر سيكون مقنعاً باستعراض “عكاز” ورقصة “البامبو سوداني .. بامبو” هذه المرة بسجية الديمقراطيين، وإن أيدت ذلك الولايات المتحدة الأميركية، التي أعطت إشارات بـ”نزاهة هذه الانتخابات”.

يبدو أن المسألة أعقد من ذلك، فبعض المحللين يعتقدون “حتى في حال فوزه في الانتخابات فالمحتمل أن يحرم البشير من الاعتراف بشرعيته على المستوى الدولي”.
ووفق فؤاد حكمت، المحلل لدى المجموعة الدولية للازمات (انترناشونال كرايزيس غروب) إن “الأساس القانوني لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة غير قائم في السودان، وعلى الأسرة الدولية أن تقر بأن أيا كان من سيفوز في الانتخابات فهو لا يتمتع بالشرعية”.

ما يجرى في السودان، بانتخاباته المعقدة، بل الأكثر تعقيداً في العالم؛ لأنها تجمع بين الانتخابات الرئاسية في الشمال والجنوب والنيابية والإقليمية، يضاف إليها انسحابات الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان وحزب الأمة وأحزاب صغيرة معارضة أخرى، بينما يرى المراقبون أن هذه الانتخابات “تحدٍّ لأمر اعتقال البشير الصادر من المحكمة الجنائية الدولية، ليضفي شرعية على حكمه، لكن انسحاب حزب الأمة بعد يوم من انسحاب الحركة الشعبية لتحرير السودان يلقي مزيدا من الشكوك على الانتخابات.

يشار إلى أن حزمة التعقيدات ما دعت إليه رئيسة البعثة الاوروبية فيرونيك دي كايسير للصحفيين الأربعاء (7 أبريل/ نيسان) بأن البعثة “قررت العودة مع كافة أعضاء الفريق الستة الذين ما زالوا في دارفور”، موضحة أنه من “المستحيل” مراقبة سير الانتخابات بطريقة معقولة طالما توجد ما وصفتها بمحاذير أمنية كثيرة في المنطقة، إلى جانب خيبة أملها بعد أن هدد الرئيس البشير بطرد المراقبين الدوليين الذين يدعون إلى تأجيل الانتخابات، وبقطع أصابعهم وألسنتهم.

ما هو واضح في الانتخابات السودانية، ليست عملية ديمقراطية تعددية حقيقية ، وإلا من العار أن يتلفظ رئيس دولة على المراقبين الذين دعوا لأداء عملهم من أجل نزاهة الانتخابات، وكما قالت كايسير، هذه الأمور “لا تعكس أصول الضيافة العربية”، اللهم إذا كان زعماؤنا من صلب ديمقراطيتهم يقطعون أطراف وأوصال المدعوين الأجانب لمراقبة نزاهة انتخابات ويبصمون عليها بـ”العشرة”.
 
الوقت 8 ابريل 2010