المنشور

أملاك الدولة وواجب النواب


إن استطاع مجلس النواب اليوم تقديم مَنْ فَرَّطَ في أملاك الدولة وسهّل للمتنفذين الاستيلاء على الأراضي التي تقدر بمليارات الدنانير إلى النيابة العامة فإن ذلك لن يُحسب فقط للجنة التحقيق في أملاك الدولة وإنما سيُحسب لجميع الأعضاء وجميع الكتل البرلمانية.
 
أمّا وإن وقف البعض ضد هذا التوجه وعقد صفقات وآثر مصلحته الخاصة على مصلحة الوطن وأخل بالأمانة التي اؤتمن عليها فلن يشفع له – سواء أمام الله أو أمام الناس – إصداره لقانون يمنع بيع الخمور في البحرين.
البعض عجز عن الرد على ما جاء في تقرير اللجنة من مخالفات وسرقات لأكثر من 65 كيلومترا مربعا من الأراضي المخصصة للمشاريع الإسكانية والمدارس والمنتزهات العامة وغيرها بدأ بالعزف على مدى قانونية استمرار اللجنة في عملها لأكثر من سنتين وأن ذلك يعني تجاوز المدة المحددة لها قانونيا، وأن التقرير شمل تجاوزات قامت بها الحكومة قبل إنشاء المجلس النيابي، وأن ذلك مخالف للدستور والقانون، متناسيا مخالفة وزارة المالية والتسجيل العقاري الدستور بإعاقة عمل اللجنة ومنعها من الاطلاع على السجلات الرسمية لأملاك الدولة.
 
مدن إسكانية اختفت بالكامل بالرغم من تراكم الطلبات الإسكانية لأكثر من 50 ألف طلب، شواطئ عامة خُصصت للمواطنين تم الاستيلاء عليها وتحويلها إلى مدن سياحية، أراض مخصصة لبناء مدارس عليها في منطقة السنابس تحولت بقدرة قادر إلى شركات خاصة رغم أن نحو 30 قرية ومدينة واقعة على شارع البديع لا توجد بها مدرسة ثانوية عامة واحدة للبنين.
 
لم تشهد البحرين خلال تاريخها رغم صغر مساحتها مثل هذه الهجمة على دفن البحر والاستيلاء على الأراضي وخصوصا مع الطفرة النفطية الثانية – يعتبرها البعض الثالثة – ففي حين استفاد المواطنون من طفرة السبعينيات وتحسن المستوى المادي للكثير من المواطنين ونشأت طبقة وسطى استطاعت في تلك الفترة شراء أراض وبناء منازل أو حتى «فلل» عليها، فإن الطفرة النفطية السابقة لم يستفد منها سوى عدد قليل جدا من مالكي الشركات الكبرى والمستثمرين الذين لم يجدوا غير القطاع العقاري بوصفه الآمن والأسرع ربحا في توظيف ملياراتهم الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط، ولذلك أنشئت العديد من المدن المسيجة والعمارات الفارهة والمجمعات الضخمة … ولكنها للأسف كانت جميعا على حساب المواطن البسيط، فبدلا من استثمار الفوائض النفطية في حل المشكلة الإسكانية وإنشاء المزيد من المدارس والمستشفيات والمنتزهات والسواحل العامة لتزيد من رفاهية الشعب، تم الاستيلاء على ما تبقى من أراض وشواطئ لصالح فئة قليلة من المتنفذين.
 
إن من سيقف من النواب اليوم ضد الدفع باتجاه إرجاع ما تم الاستيلاء عليه من أراض وتقديم من سهّل للمتنفذين الاستيلاء عليها للنيابة العامة عليه أن يبرر أمام الله كيف تعيش أسرة من عشرة أفراد في غرفة صغيرة في حين ترعى الجمال في مزارع خاصة تكفي لبناء مدينة إسكانية لأكثر من 10000 عائلة؟
 
الوسط  23 مارس 2010م