المنشور

فرصة مهمة لأهل الخليج

تكونت أكبر ثروة للعرب في التاريخ عند أهل الخليج، وهي فرصة لإنجاز أهم حضارة للعرب تتجاوز ما بلغه المسلمون في الحضارة العباسية!
لكن التحديات هائلة للوصول لهذا المستوى، بعضهُ ينبعُ من شوائب وأخطاءٍ في الأنظمة، ومن مستوى سياسي محدود للشعوب، وكثير من الطمع والتآمر من دولٍ أجنبيةٍ تريدُ أن تتلهمَ ثراءَ النفط قبل أن نحولهُ نحن إلى حضارةٍ متقدمة! ومن انتهازية كبيرة للفئات العليا والوسطى المختلفة تريد أن تستثمر كل فترة لمصالحها الخاصة ومن دون نظر للمستقبل!
ولذلك لابد من الاتفاق على خطوطٍ عريضةٍ سياسية واجتماعية توحدُ أهلَ المنطقة بأنظمتها، لأن هذا التوحد سيكون جبهة عامة تمنع التسلل الجانبي والهجوم المباشر كذلك.
لا بد من تقدير الأنظمة الملكية الوراثية ومنع التجاوز لها والقفز عليها، وأن تكون هذه الأنظمة ملكية دستورية ديمقراطية تضع الموارد في أيدي الشعوب، وعبر مراقبة ونشاط لبرلمانات منتخبة، وبأشكالٍ تدرجية تلائم التطور السياسي لهذه الدول.
لا نريد استيراد الأنظمة الجمهورية العسكرية الانقلابية ولا أنظمة الجماعات والحكومات الدينية الإرهابية، فنكون كهارب من الرمضاء إلى النار!
وليقارن من يريد أن يقارن تجربة سلطنة عُمان بهدوئها السياسي وتطورها الاجتماعي المتصاعد من دون ضجيج وصخب التي حدثت في بداية السبعينيات بتجربة مثل الجماهيرية الليبية الاشتراكية العظمى التي حدثت في الزمن نفسه، وأن يقارن ما حدث في هذا البلد بذاك؟
فماذا يحدث في ليبيا هو شيء مخيف، وثروة أسطورية تضيع على جماعة حاكمة في صراعاتها التي لا تنتهي في افريقيا والعالم وأخيراً مع سويسرا التي أرادت حكم القانون!
لكن لا يعني التمسك بالأطر السياسية الملكية الدستورية في الخليج أن نرضى بالبذخ غير القانوني لبعض أو لجماعات من الأسر الحاكمة وتلاعبها في الثروات، وبغياب الميزانيات الدقيقة والحسابات الموثقة كذلك!
إن حفاظ شعوب الخليج على الأنظمة المؤتمنة على الثروة بشروط الإدارة العادلة للثروة.
نحن لا نريد تكرار تجارب الأنظمة العربية العسكرية والقومية والشمولية والدينية وغيرها الصانعة لحفلات الدم التي جرتْ طوال عقود في تلك الدول وحرقتْ الأخضرَ واليابسَ فيها، وحولتْ شعوبَها لمتسولين، وضحايا في أقطار الدنيا، يغرقون في البحار ويعيشون على معونات الصليب الأحمر!
ولكن نحن لدينا الكثير من حقول الألغام علينا أن نلتفت إليها، وألا نمشي فوقها ونكرر المضي مع الغابرين، فالطامعون كثيرون، ومن يريدون تمزيق الصفوف وحرق المراحل وإثارة الفوضى كثيرون، لأن الحكومات والمعارضات ستلجأ إليها، كل من جهتها، للاستعانة بها، ولجلب عمالها، وأجهزتها ومفرقعاتها، وأساطيلها، وشراء معداتها العسكرية الثمينة المكدسة في المخازن، والاستعانة بمراقبةِ أقمارِها الصناعية لجيوشِنا وثرواتنا المطمورة في الأرض، وبعث عيونها للتسللِ لمخادعنا ومشكلاتنا واستغلالها في التشويه والتحريض والبيع والشراء لما يفديها!
لديكم يا أهل الخليج فرصة مهمة لا تعوض، وكثير من الملايين في العالم تحسدكم عليها، لهذا يلجأ كثيرون إلى التفريق بينكم، واستغلال مشاكلكم ليبثعوا خبراءهم وجواسيسهم، ولينفروا هذا المذهب من ذاك، وليحرضوا أهل الحكم على المحكومين، والمحكومين على الحكام، والجار على الجار، والشرقي على الغربي والحوثي على اليمني والجنوبي على الشمالي، والسني على الشيعي!
إن قوى الاستثمار والعمل لديها إمكانيات هائلة في الجزيرة العربية التي ثرواتها من النفط والغاز والمعادن لا تنفد، لكن ثروتها العقلية محدودة، وربما تنفد. طبيعةٌ زاخرةٌ ورؤوسٌ غير ممتلئة بالعلوم والخبرات الدقيقة!

صحيفة اخبار الخليج
17 مارس 2010