المنشور

مجيد مرهون… قصـة كفاح


واجه الفقر وشظف العيش بسلاح التفوق العلمي، فكان متفوقاً في دراسته. بنى أحلامه طوبة فوق طوبة بإرادة الحياة، بالموسيقى وعزف السمفونيات. عبّر عن أفكاره بالنفخ على آلة الساكسفون. لم يكن فناناً وحسب؛ بل كان مناضلاً سياسياً من الطراز الفريد.

قضى زهرة شبابه خلف القضبان. واجه مصيره المشرف في السجن المؤبد. قضى تلك الأعوام مرفوع الرأس، شامخاً كالطود العظيم. اثنان وعشرون عاماً كان حكماً قضائياً مبرماً ضد “مجيد” وذلك نتيجة للعمل البطولي الذي قام به ضد رجال الاحتلال البريطاني للبحرين.

وهو قابع في سجن الشرف والبطولة بجزيرة جدا، وصل إليه خبر شيوع أعماله في العالم، وإن الفرق الموسيقية العالمية الشهيرة تعزف مقطوعاته، وكان ذلك مطلع أو منتصف الثمانينات. يقول: “لأول مرة في حياتي عرفت حلاوة النصر الكبير”.

إضافة لكونه عضواً في فرقة أجراس الموسيقية، فإنه أنجز الكثير من الأعمال الموسيقية التي حازت الإعجاب العالمي، وكأنه لم يكن قبله أو بعده موسيقياً بحرينياً لامعاً بمثل قامة مرهون.

بعد خروجه من السجن، قام بمواصلة الكتابة في “القاموس الموسيقي الحديث”، الذي بدأ العمل فيه وهو في سجن جدا. وأنجزه.

ويشير الأخ الزميل خالد المطوع في إحدى مقالاته الصحافية الرصينة إلى أن “مجيد مرهون لم يخرج من ظلمات زنزانته تلك مشبعاً بالأحقاد والكراهات لجلاديه وطاعنيه وقامعيه… لم يبن مجده النضالي من تسخير واستغلال الغير، وضرب الجموع والحشود ببعضها بعضاً كي ينل قطافاً مريئاً”.

كم إننا بحاجة إلى أن يتم تخليد ذكراه، ولو إن وزارة الثقافة والإعلام تتبنى مقترح الزميل المطوع في إطلاق مهرجان موسيقي عالمي يحمل اسم الموسيقار مجيد مرهون، ليكون رداً للجميل، لمن رفع اسم البحرين عالياً في المحافل الدولية.

هكذا عاش “مرهون” وعلى ذلك مات، فأي عيش هذا، وأي بصمة خالدة لهذا “المجيد” في العالم؟! رحمه الله تعالى، فقد كان يسارياً مخلصاً ليساريته والطبقة العاملة والكادحين. رحمك الله يا مجيد وأسكنك فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون.


 
البلاد 24 فبراير 2010