المنشور

أزمـة تلـو الأزمـة ..!

  • من يتابع هذا الذي أثير ولا يزال يثار في شأن ملف أراضي الدولة وسواحلها
    والتعديات التي تمت بشكل مستفز على ثروة البلاد الطبيعية، وما خلصت إليه لجنة
    التحقيق البرلمانية في مخالفات الدفان والتجريف ، والمداولات التي جرت تحت قبة
    البرلمان التي تم فيها مناقشة تلك التوصيات، وما ظهر فيها من محاولة صارخة بتبرير
    هذه التجاوزات والتعديات والمخالفات من منظور أنها أصبحت أمراً واقعاً وأنه ليس
    من  ” شيم العرب استرجاع الهبات
    ” كما قال رئيس مجلس النواب، من تابع ذلك سيدرك أننا نعيش أزمة .


  • ومن يمعن في تصريح وزير الإسكان بأن مخزون الأراضي للمشاريع الإسكانية
    سيلبي الطلبات حتى 2015 ويربط هذا بذاك سيأسف لواقع الحال، وسيعي بأننا نعيش أزمة
    .



     



    ومن يتأمل في مجمل أحوال البلاد والعباد، ويدقق في كيف تجري الأمور، وبمجمل
    الحياة العامة،  تعتريه الدهشة ويأخذه
    العجب ويتملكه الانبهار، وسيدرك بأن هناك أخطاء وخطايا ترتكب بحق الوطن وبحق الناس
    وبحق المستقبل. كما سيدرك بأنه ليس من العسير أن يمتلك رفاهية التفاؤل ونحسب أنه
    سيصل إلى قناعة بأننا نعيش أزمة .. فأحوال ومطالب وشكاوي وأولويات الناس حول
    الأسعار، والإسكان، والتجنيس، والنمو السكاني، سوء استثمار أملاك الدولة
    ،والتحولات والظواهر الاجتماعية التي نشهدها وأثرها على منظومة قيم المجتمع
    وتوجهاته وسلوكه،  والفقر المدقع الذي
    يرفرف بجناحيه على مواطنين كثر، والتعليم ومخرجاته، واستغلال الدين، والحريات،
    والنواب الذين أصبحوا قنابل موقوتة، والفساد المالي والإداري والأخلاقي الذي يتجلى
    في عدة صور أمامنا والتي يستحيل إخفاؤها والتي رفعت كثيراً من الناس إلى الواجهة
    ليصبحوا غصباً عنا من عليّه القوم .. من يفعل ذلك سيزداد يقينه بأننا حقاً نعيش
    أزمة ..



     



    ومن يتابع تصريحات الوزراء والمسؤولين التي يتناولون تلك الملفات، ويتعرضون
    إلى القضايا الضاغطة على الناس بكثير من السطحية وعدم الشفافية، سيجد أن دل ذلك
    على شيء فإنما يدل على إخفاقاتهم وموارباتهم حتى وأن أدعوا أنهـم “
    شفافيون” وملتزمون بمبادئ الوضوح والشفافية ، وسيخلص إلى نتيجة بأننا حقاً في
    أزمة .



     



    ومن يواصل بإصرار في التأمل في ملفات واقعنا ويتوقف ويدقق بذهن متوقد عند
    التفاصيل والجزئيات أمام ظاهرة تغييب المعايير وتعيين عديمي الكفاءة، ومن ينظر في
    آليات تصعيدهم، وسيادة منطق البطانة والحاشية بأكثر الطرق فجاجة وغطرسة في مواقع
    شتى من مواقع العمل والمسؤولية ، والتركيز على أناس بعينهم مشمولين بكل رعاية
    ليتسلموا مسؤوليات شتى في آن واحد وفي مواقع عدة وكأن البلد أجدبت وأصابها العقم ،
    من يفعل ذلك ويتأمل سيخلص إلى أننا بالفعل في أزمة .



     



    وعندما نلاحظ ونراقب بالعقل المتيقظ أداء من باتوا يعدون أنفسهم سياسيون
    وقادة رأي والذين يظنون – رغم أن بعض الظن أثم – بأن حياتنا السياسية بدأت بهم ولا
    قيمة لها ولنا من دونهم ، والذين يبذلون كل ما بوسعهم لكي يؤلفوا ويخترعوا مبررات
    لتأكيد شرعية وجودهم في الساحة سنجد إذا لاحظنا ذلك وجهاً من أزمات واقعنا .



     



    وأي متابع حصيف لواقع حالنا لاشك أنه سيجد آفة الطائفية تنتشر لتصيب الدين
    والوطن والمواطن بكافة وجوهها لتجعل الحسابات والاعتبارات المذهبية أو الطائفية هي
    السائدة في السياسة ، في المجتمع، وفي وجدان الناس وتصبح سوقاً للتداول والتنافس
    على المصالح والمحسوبية وتضييع الحقوق ، وتسلم زمام الأمور إلى الانتهازيين الذين
    يسبحون بحمد الطائفية للمحافظة على مصالحهم وتسلم زمام الدين، وأمور السياسة
    والشأن العام إلى أهل النفاق والشقاق، هذا المتابع سيجد بأننا نعيش أزمة وأي أزمة
    ، ومن يتابع ويتأمل في أداء من يفترض أنهم يمثلون الشعب من النواب، ويجد بأن كثير
    منهم حملوا ولازالوا يحملون معاول الهدم في إشارة كل ما يثير النعرات والمشاحنات
    التجاذبات سيخلص إلى قناعة بأننا وصلنا إلى تيه نخشى إلا يظهر عليه أفق .



     



    في النهاية رجائي ودعائي إلا أكون بالغت في استعراض بعض مما يعترى واقعنا
    من أزمات قائمة  ومزمنة وعارضة وناشئة
    ومفتعلة بمقدورنا إيجاد حلول لها إذا ما شئنا ذلك ، ولم نعمد إلى الإفادة من
    مفاعيل هذه الأزمات بالنفع الشخصي، أو للجهة التي تنتمي ِإليها، طائفة كانت أم
    مذهباً، أو تكتلاً ، أو تياراً، أو حزباً أو جمعية أو جماعة، وهي في كل الحالات
    أزمات تجعلنا متعبين بحاضرنا وقلقين على مستقبل بلادنا .