المنشور

حول حماية المستهلك

الباحث المتخصص في شؤون حماية المستهلك د. عبداللطيف بارودي تطرق في مقدمة بحثه حماية المستهلك (المفاهيم والواقع الراهن والمؤشرات المستقبلية) الى اهمية وجود قواعد ونظم فاعلة تحكم حركة التجارة وتنظم عمل الاسواق، وتطرق ايضاً الى الاسباب التي تدفع العديد من الشركات والتجار والمنتجين والمتعاملين بالمواد والخدمات لاتباع اساليب غير مشروعة للاثراء السريع ومن بين هذه الاساليب الملتوية استخدام وسائل الغش المختلفة ومن هنا تدعو الحاجة كما يقول لوجود نظم رقابية لتتبع المخالفات وان تتبع هذه النظم الجهات المختلفة (حكومية وشعبية).
وفي اطار زيادة المنافسة نتيجة الكساد الاقتصادي يقول: يتجسد بشكل واضح تطبيق عبارة “الزبون دائماً على حق” من خلال مفهوم حماية المستهلك وحصوله على حقوقه المشروعة مثل: حق الاختيار والمعرفة والاستماع الى آرائه والتثقيف والتعويض واشباع حاجاته الاساسية والعيش بامان والحياة في بيئة صحية وهي الحقوق التي اقرها الاتحاد الدولي لجمعيات حماية المستهلك واعتمدتها الامم المتحدة عام 1985 كاساس لوضع السياسات والتشريعات الخاصة بحماية المستهلك وتشجيع التعاون الدولي في هذا المجال.
ان اهمية هذا البحث تقترن باهمية الدوافع لاصدار التشريعات اللازمة لحماية المستهلك وتأهيله بحيث يستطيع تحديد مصالحه والدفاع عن حقوقه واختيار السلع والخدمات بالسعر المناسب كي يؤمن احتياجاته التي تنسجم مع رغباته وذوقه. ومن هنا يقول “ما يشهده العالم حاليا من تطورات اقتصادية واجتماعية متسارعة تتمثل في ظهور التكتلات الاقتصادية والاقليمية والدولية في ظل العولمة والتوجه الجاد للانفتاح الاقتصادي العالمي لتحرير التبادل التجاري السلعي والخدمي وانتقال الاموال والقوى العاملة بين جميع الدول جعلتنا نشعر باننا نعيش في كتلة اقتصادية واحدة تتأثر الدول بنتائجها حسب قوتها الاقتصادية وبنيتها البحثية والعلمية والتقنية التي تؤهلها للهيمنة على هذا العالم، وهذا بالطبع سيؤدي لشدة المنافسة بين المنتجات الوطنية والاجنبية سواء في السوق الوطني والاقليمي او الدولي لتعزيز المقدرة التنافسية لكل بلد من ناحيتي الجودة والسعر وستؤثر هذه المنافسة على المستهلك ايجاباً وسلباً الامر الذي يتطلب ازالة المنعكسات السلبية (الصحية الغش التضليل والابتزاز التجاري) وبالتالي لابد من اصدار التشريعات اللازمة لحماية المستهلك.
على اية حال من اهداف هذا البحث طرح ومناقشة المتغيرات التي تؤثر على آليات اتخاذ القرارات وطبيعة النظم المؤسسية لمنشآت الانتاج والمؤسسات النقدية وتنظيم الاسواق وفي ظل المنافسة والاحتكار كيف يتم التعامل مع ذلك من خلال البحوث والدراسات واتخاذ الاجراءات التي تؤمن حماية مصالح الدولة الوطنية والعناية بالمستهلك.
وبشيء من التفصيل، اشار البحث الى المبادئ الارشادية لحماية المستهلك التي اقرتها الامم المتحدة ولاسيما تلك التي توفر السلامة المادية للمستهلك من خلال اعتماد الحكومات والسياسات والنظم القانونية وانظمة السلامة والمعايير الوطنية والدولية بما يضمن ان تكون المنتجات المصنعة مأمونة اينما وجدت وابلاغ المستهلكين المعلومات الهامة المتعلقة بسلامة الاستعمال، وان يلتزموا بسحبها والتعويض المناسب في حال وقوع خطر من جراء استعمال هذه المواد، وكذلك تعزيز وحماية المصالح الاقتصادية للمستهلك من خلال السياسات التي تضمن قيام المنتجين والموزعين والبائعين بالتقيد بالمواصفات والمعايير الالزامية وتحد من الممارسات التجارية التي تلحق الضرر بالمستهلكين وتشجيع المنافسة النزيهة والفعالة والمعاملات العقدية المنصفة وبالاضافة الى ذلك وضع برامج التثقيف والاعلام الهادفة لتوعية واعلام المستهلكين تمكن المستهلك اختيار السلع بشكل واع لحقوقه ومسؤولياته وادخال مثل هذه البرامج في المناهج التعليمية.
خلاصة القول، ان بحث “البارودي” عمل بحثي متخصص مضامينه العامة تتوافق مع المبادئ التوجيهية لحماية المستهلك الصادرة عن الامم المتحدة ومع ذلك هل يمكن توفير مثل هذه الحماية من دون نظم رقابية فاعلة تحد من الظواهر السلبية والممارسات اللااخلاقية التي تضر بالمستهلك؟ سؤال كان من الاولى ان يتناوله البحث بالقدر الكافي وخاصة ان النظم الرقابية في الدول العربية تشكو من قصور في التطبيق.
 
صحيفة الايام
20 فبراير 2010