المنشور

غـازات ملوثـة


كان اسمه “غاز المعامير “ ويقصد بها الغازات الملوثة المنبعثة من المصانع المحيطة بقرية المعامير، والتي تسببت في تدني الصحة أكثر من 12 مصنعا كبيرا وصغيرا وعدة حظائر وبحر ملوث يحيط بالقرية الصغيرة، ولا تبعد هذه المصانع أكثر من عدة أمتار عن البيوت السكنية، لكن بعد انتشاره في أرجاء مختلفة من البحرين يوم الاثنين الماضي صار اسمه “غاز البحرين”.

 وكغيري من المواطنين القريبين من المصانع استشعرت الظاهرة واتضحت لي أهمية الإعلان عن الخط الساخن للبيئة للتبليغ عن مثل هذه الظواهر التي أصبحت متكررة في بيئتنا، قالت لي إحدى القارئات أنها اتصلت بالصحة، آخر هاتف قسم الطوارئ 999.

 إن استمرار الإنكار والنفي من قبل الشركات الصناعية التي تحيط بها الشبهات لا يخدم مسألة تطويق الظاهرة ومعالجتها وتحديد المسؤولية والاعتراف بها حماية لصحة المواطنين، في البيئة لا تزال المملكة بحاجة إلى مزيد من الشفافية والمصارحة والدراسات البيئية الجادة والمستفيضة حول جودة الهواء والتربة والبحر، ورصد جميع الملوثات الضارة والمؤذية والمسارعة بانجاز القوانين والتشريعات الخاصة بها.

الظاهرة حسب تصريح مدير عام الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية عادل الزياني ليست جديدة بل متكررة، ولم تعد بالتالي حكرا على المعامير، لكن أهل المعامير في السابق كانوا وحدهم أكثر المتضررين منها، أما وقد انتشرت في مناطق عدة فقد أصبحت قضية البحرين كلها، وستكون على قائمة أولويات التدارس والمناقشة لدى جلسة مجلس الوزراء.

لم يعالج غاز المعامير وفق المنهجية العلمية والبيئية الجديرة به، وبعيدا عن التسييس والتجييش والتطييف، مارس المسؤولون الرسميون في البيئة وعلى مدى سنوات وفي الشركات سياسة النفي والإنكار وتبرئة الشركات او مخاطبتها على استحياء، وفي كل مرة تنبعث الغازات الملوثة نعود إلى الموال ذاته، فمرة يقال انها تسرب ناجم عن خلل عابر في إحدى الشركات وليس خللا بنيويا متجذرا وقديما، ومرة يشار الى الانقلابات الحرارية المفاجئة في الطقس، لكن الا يدل هذا الانبعاث الجديد للغازات الملوثة والذي امتد الى مناطق جغرافية متاخمة وبعيدة عن المعامير على عدم التزام الشركات والمصانع بوضع المجسات الخاصة على مداخنها «احدى توصيات لجنة التحقيق البرلمانية» كي تعين البيئة على تحديد نوع الغاز المنبعث ومصدره الحقيقي في الحال بدلا من الانتظار عدة ايام واستنشاق مزيد من الغازات الى ان تعرف الجهة المتسببة؟

“غاز الملفوف” او “غاز الضربان” الاهم من التسمية التي لا يفهمها الا المختصون هو تحديد الجهة ووقف الغاز المنبعث وحماية صحة المواطنين على المدى القصير العاجل، فحسب تصريح الدكتور سعيد منصور نائب رئيس جمعية البحرين للبيئة للصحافة المحلية فإن رياح الجو الجنوبية او الكوس لم تكن هي السبب في انتشار الغاز بل ان هذه الغازات كانت موجودة دوما إنما جاءت الرياح الجديدة لتكشف المستور وتنقلها على نطاق أوسع،  أما على المدى البعيد فلا حل الا بتوفير الاشتراطات والمعايير العالمية السليمة للمدن الإسكانية والصناعية وحماية الأولى من الثانية.


 
الأيام 8 فبراير 2010