المنشور

مسألتان ملحتان


يشغل فكري أحيانا موضوع وثائق الجبهة، فالزمن يتسارع وأشياء كثيرة تنسى، والبحث عنها بعد مرور الايام يصبح صعباً ومايعثر عليه قليل. البعض يرى أنّ المسألة ليست بهذه الصعوبة فالمخابرات تلتقط كل شيء ويوما ما سيخرج للنور.
 
 أليس عجباً أن تصل الثقة في من عذب وقتل وشرد وسجن إلى هذا الحد.
 
وثائقنا كثيرة وعلى رأسها أدبيات جبهة التحرير، الجماهير، والشرارة، والبيانات التي كانت تصدر بين فترة وأخرى، إضافة إلى محاضرات أحمد الذوادي في القاهرة وغيرها.
 
على سبيل المثال هناك رسالة وجهت إلى مندوب الامم المتحدة باسم الجبهة عندما زار البحرين للإستقصاء أو ماسمي استفتاء على موضوع البحرين وإيران، أين هذه الرسالة وأين نصها على الاقل؟ أذكر إنّ من الوثائق رسالة للحكومة الجزائرية تطلب فيها الجبهة السلاح، هذه الوثيقة ليست إدانه أو دليل ضدنا إنها تمثل مرحلة وهي تاريخ أو جزء من التاريخ لا يمكن أن نتساهل في ضياعها حتى موضوع البعثات الدراسية إلى ألمانيا والاتحاد السوفيتي ودول أخرى، هناك وثائق تتعلق به وهو تاريخ مطمور.
 
نشاطاتنا في الخارج، ندوات و محاضرات ومؤتمرات ولقاءات متعددة، إذا سكتنا عنها فستموت مع من ماتوا.
 
الوثائق ليست فقط ورق، فهناك أشخاص وذاكرة رجال إذا رحلوا، رحلت معهم، فهل حاول أحد ما أن يستفيد منهم؟ ومما يختزنونه وكانوا يعيشون بيننا ولهم أصدقاء يتصلون بهم ويلتقون معهم وهم من الرفاق القدامى.
 
استفدنا من الموضوع الذي كتبه اسماعيل العلوي عن نادي النور وموضوعات أخرى كثيرة ، لماذا لا يكون لنا اتصال مع هؤلاء في سبيل توثيق اكثر للمعلومات؟ نحن نعمل ليس في سبيل يومنا فقط بل في سبيل المستقبل، والماضي خير معزز لهذا المستقبل.
أما المسألة الثانية، وحتى لا يقال إننا حبسنا أنفسنا في الماضي وتركنا الحاضر المُلّح، لا بد من القول إنّ من الضروري أن نخطط للانتخابات ونخوضها، نجحنا أو لم ننجح، إنّ تاريخ العلوم ينقل لنا قصة تقول إنّ مساعداً لأحد العلماء قال للعالم الذي يعمل معه إنّ كل تجاربنا لم تأت بنتيجة، فرد عليه العالم: وصلنا إلى علم يقول إنّ التجارب التي أجريناها ليس فيها فائدة، وهذا في حد ذاته علم. لقد علمنا أنّ التجارب التي قمنا بها ليست ناجحه، اذاً لنجرب غيرها.
 
أعتقد أنّ رفاقنا الذين يجدون في أنفسهم الكفاءة للوقوف أمام الجماهير ألا يترددوا في خوض الانتخابات، ووجودنا في الساحة الانتخابية وسيلة نضالية عظيمة لن يمنعنا أحد من ممارستها وفيها اتصال بالجماهير فما بالك بالنجاح في دخول البرلمان.
 
دخلنا الانتخابات في زمن العمل السري ونحن أولى بدخولها في زمن العمل العلني وأنّ وصول واحد فقط فيه معنى كبير، صحيح أنّ البرلمان يفَصّل كما يفَصّل الثوب عند الخياطين ولكن التزاحم وعدم الاستسلام من صفات المناضلين، فلا يمكن أن نترك الساحة لجهابذة الفكر الرجعي والوصوليين والانتهازيين يقودون الجماهير لمصالحهم, في عام 1973 وصل للبحرين شخص غير معروف بسبب غيابه عن الوطن سنوات طويلة وجعل منه رفاقنا علماً وحصل على أقوى الاصوات بالرغم من كثرة محاولات اسقاطه، والمؤمرات التي حيكت ضده. الزمن تغير ولكن الاستكانة للظروف هي التي تجمد أفعالنا.
 
سؤال يخطر على بالنا.. ما الذي يمنعنا من الدخول في تكتل يشبه كتلة الشعب عام 1973؟ إنّ أقرب الجمعيات لنا هم رفاقنا في “وعد” وأعتقد إنّ التحالف معهم ممكن وسهل ومن مصلحتهم ومصلحتنا بل نحن نتطلع إلى أن نكوّن معهم شيئاً واحداً حتى لو تحالفوا مع جمعية أخرى في مكان معين. من الممكن أن يتحالفوا معنا في مكان آخر حتى اذا اقتضى الامر تقديم تنازلات معقولة فهذا طبيعي في التحالفات مع الخصوم فكيف مع رفاق جمعت بينهم السجون والمنافي والملاحقات.