المنشور

مأساة قرية المعامير في كوبنهاجن


رغم مرارة التجربة التي تعيشها قرية المعامير نتيجة الهواء المسمم الذي يستنشقه أبناؤها يوميا إلا أن ردّ أهالي القرية يأتي حضاريا في كل مناسبة لعرض مأساتهم على الرأي العام.

هذه القرية الوادعة التي يسكنها ما يقارب من 7000 مواطن محاطة من جميع الجهات بأكثر من 130 مصنعا تنفث على مدار الساعة مختلف أنواع الغازات مما أدى إلى موت أكثر من 30 شخصا معظمهم من الشباب خلال السنوات الماضية نتيجة مرض السرطان والأمراض المتعلقة بالجهاز التنفسي بالإضافة إلى حالات عديدة من التشوهات الخلقية وحالات التخلف العقلي والتي يقدرها الأهالي بأكثر من 50 حالة ناهيك عن حالات الإجهاض بين نساء القرية والتي تفوق نسبتها أي حالات إجهاض في أي منطقة من مناطق البحرين.

وفي مقابل هذا الموت المجاني للأهالي ينعم أصحاب المصانع بالأرباح العالية دون تخصيص ولو جزء بسيط منها لعلاج أبناء القرية أو لتطوير القرية أو حتى مساعدة الأسر الفقيرة فيها.

وفي كل مرة يتفوق أهالي المعامير في طرح قضيتهم بشكل حضاري لا يلجأون فيه إلى الصدام مع هذه المصانع أو حتى تعطيل عملها وإنما يعمدون إلى ابتكار الأساليب الجديدة في كل مرة للتعبير عن احتجاجهم.

في اليوم العالمي للبيئة قام «بيئيو المعامير» وفي خطوة جميلة لم يعتد مجتمعنا البحريني عليها بعد، نظم «بيئيو المعامير» مهرجانا بيئيا ترفيهيا تحت عنوان «إلى متى؟» شارك فيه الأطفال و النساء والشيوخ.

الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية أنشأت مختبرا في القرية عبارة عن شاحنة مزودة بأجهزة لرصد الملوثات الغازية في الهواء المحيط بقرية المعامير ومن ثم إرسال المعلومات إلى المركز الرئيسي بإدارة التقويم والتخطيط البيئي بالهيئة التي تصدر بدورها تقريرا شهريا عن التجاوزات التي حدثت خلال كل شهر، وفي حين تثبت التقارير الصادرة من هذه الوحدة وجود تجاوزات متفاوتة في نسبة غاز ثاني أكسيد الكبريت وبعض المركبات الكيماوية بشكل مستمر وعلى مدار العام، إلا أن الجهات المسئولة سواء في الدولة أو في هذه المصانع لم تقم بأي شيء يذكر للحد من انبعاث هذه الغازات السامة ولذلك أطلق “بيئيو المعامير” شعارا لهذا الاحتفال هو «إلى متى» يتم تجاهل شكاوى المواطنين وتقارير المختبرات؟

بالأمس نشرت إحدى الصحف المحلية تقريرا حول مشاركة الناشط البيئي وعضو جمعية «بيئيو المعامير» محمد جواد لآلاف النشطاء البيئيين من مختلف أنحاء العالم في الاحتجاجات التي صاحبت « قمة المناخ» التي عقدت في العاصمة الدنمركية كوبنهاغن.
وكعادته بدا محمد جواد هادئا وهو يمسك بآلة العود يعزف «مأساة المعامير البيئية» أمام العالم مستذكرا أهالي قريته الذين قضوا نتيجة الغازات السامة.

عذرا أخي محمد فالبعض لا يمكنه تقبل سماع لحنك الحزين. 
 



الوسط  21 ديسمبر 2009م