المنشور

الطائفية لا تبني وطـناً !


لن نقول أو نكتب إن “الوفاق” هي التي تجر قاطرة الطائفية في البلد، وتستخدم الملفات والأحداث وتوظفها طائفياً. حيث هذه قراءة عوراء. ولا تحمل عدلاً أو عقلاً يفتش عن المشهد الحقيقي للواقع السياسي في البحرين.

ذلك لا يعني أن الوفاق ليست جمعية قائمة على الطائفة وتوظف الملفات توظيفاً لا يخلو من الطائفية، إنما يعني أنها ليست الوحيدة التي تقوم بهذه الممارسة الطائفية، بل في بعض الحالات هناك من يزيد عليها!

فمسألة التجنيس مثلاً، تم استخدامها من قبل خطباء ونواب وجماعات دينية سنية (الأصالة، المنبر الإسلامي وغيرهما)، حتى كان الأمر وكأنه صراع سني – شيعي؛ وينبغي التكثير منه.

الوفاق قرأت التجنيس من العين الطائفية المعاكسة. فكان رأي لوفاق يتكئ على أن التجنيس لتغيير التركيبة السكانية لصالح السنة ضد الشيعة، وهذا طرح طائفي خطير، فمن قواعد التفسير قاعدة تفسير النص بالمخالفة. أي أن هذا المنطلق يدعونا إلى القول انه لو كان التجنيس محصورا في الشيعة فإنه يكون ساعتئذ مقبولاً لدى الوفاق، فالاعتراض لم يكن ضد سياسة التجنيس إنما ضد من حصل على الجنسية!

وبالمثل، فإنه لو ان التجنيس طال أعدادا ليست سنية فإن الجمعيات السنية سترفض هذا التجنيس رفضاً باتاً!

ملف التجنيس مثالاً للتردي الخطير الذي تنحدر إليه الساحة البحرينية. الوطنيون قرأوا التجنيس بعين وطنية. وأصدروا في ذلك بيانات تنأى باحتقار من حصل على الجنسية البحرينية، في الوقت الذي عارضت الجمعيات الوطنية (وعد والمنبر الديمقراطي وغيرهما) سياسة التجنيس، ومعارضة السياسة لا تختلف باختلاف المستفيد من هذه السياسة. معارضة سياسة التجنيس تختلف عن معارضة طائفة من حصل على الجنسية البحرينية.

وهكذا تفعل الوفاق والأصالة والمنبر الإسلامي مع بقية الملفات. المنطلق والزاوية الأساسية ليست وطنية، وبالتالي تكون الرؤية غير وطنية، وتتكئ على منظار الطائفة.

الرؤية بمنظار الطائفة لا يؤدي إلى إقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، والحريات والحقوق الأخرى، إذ جميع قيم الخير قائمة على خيريتها للطائفة وليس للوطن، يستفيد منها أبناء الطائفة وليس أبناء الوطن. وقس على ذلك جميع الملفات والحوادث الأخرى في مشهدنا السياسي، وفي جميع الملفات المطروحة في الساحة والبرلمان البحريني، المنطلقات الطائفية لا تبني وطنا للجميع.


 
البلاد 1 ديسمبر 2009