المنشور

أرمزٌ أم رصيدٌ؟!

تحاول الكتلُ (المعارضة) و(الموالاة المفترضة!) أن تدعي معارضة ونضالاً وتضحياتٍ جساماً من أجل الجماهير، وهذا حقٌ مشروع لها، إذا واصلت نضالها المفترض هذا، ولم تعتبره جسوراً للثراء!
فيبدو أن أدوات هذه الكتل في عملية التغيير التي تهم الأغلبية الشعبية من مواطنين وعمال أجانب، تتوجه للتآكل، وتبدو عمليات الفضح الاجتماعية مسلطة عليها بقوة.
قوى (المعارضة) التي كان ينبغي أن تناضل بقوة وعمق فقدتْ التناسقَ بين وجودها في البرلمان والبلديات ووجودها بين الناس، فأغلبيتها المفترضة لم تتحركْ بنضالٍ جماهيري قانوني سلمي مهم، واستطاعت قوى خارج النضال البرلماني أن تسرقَ الأضواءَ منها، فراحتْ شرعيةُ أغلبيتها داخل هذه الجماهير تغدو محل شكوك.
ربما يرجعُ هذا إلى عدم نشاطِ أعضاءِ البرلمان والبلديات المعارضين بقوةٍ بين الناس، واكتفوا بحضورهم الاستعراضي للتصوير في مناسبات الاحتجاج، ولكن الجمهور لا يريد حضوراً استعراضياً، بل يريد قدرة سياسية تستطيع أن توجد شيئاً قانونياً يؤثر في معيشتها.
إن المستويات السياسية لأعضاء البرلمان والبلديات المعارضين كانت محدودة في فهم المرحلة والظروف وشبكة الصراع المعقدة، وإذا استمروا بالمادة المعرفية السياسية نفسها يكونون كارثة على جماعتهم قبل غيرهم!
إن محاولات دغدغتهم بالأموال يجب ألا تصرف انتباههم عن القضايا المركزية للنضال الوطني، وهو – أي النضال – في البداية يحتاج إلى الارتفاع عن قفص المذهبية السياسية، والتركيز في كشف السلبيات في الأداء الحكومي، وفتح الفرص أمام الرأسمالية الوطنية في النمو الاقتصادي، وعلى ارتفاع مستوى معيشة العمال والموظفين، ولكن أين هذا من الأداء السياسي للمعارضة والموالاة اللتين تداخلتا وذابتا في بعض؟!
لكن هل خصصوا أوقاتاً للبحث والدرس وتكوين المشروعات القانونية والأسئلة العميقة التي تكون بؤرتها مصالح الجمهور، والتضييق على فوضى الاستقدام من الخارج، وعلى عدم وجود تخطيط في الاقتصاد وفي النمو العمراني والمواصلات والأوضاع البيئية المتردية؟!
بحت الأصواتُ من أجل أن يستعينوا بخبراء في الاقتصاد والقانون خاصة. وهم لا يجهلون ذلك، ولكنهم يقولون لماذا الحدية والكشف العميق؟ دعونا نعوم على هذا الغموض السياسي ما دام الجمهور يجهل هذه التعقيدات، وهي فرصة نجمع كم مليون! والكلُ يركبُ قاربَ الدين المجني عليه!
إن بعض الفئات الوسطى الصغيرة وجدتها فرصةً بسبب ضعف وعي العمال خاصةً، من أجل أن ترتفع إلى مقاعد البرلمان والبلديات، وهي لاتزال تعمل لذلك، مع وجود غموض اجتماعي في المواقف، ومستويات المعرفة! فالمشكلة لا تأتي من هؤلاء البرجوازيين الصغار الذين وجدوها فرصة للثراء، بل من العمال الذين لا يملكون معرفة سياسية فينخدعون ببساطة.
وهذه الظاهرة قد تكون في كل التيارات السياسية، وهي مقتصرة على اليمين واليسار، ولكن ممثلي القوى السياسية البرجوازيين أدركوا عدم وجود قوة عمالية يقظة على الساحة، وظنوا أنها زالت تماماً، وهي فرصة ليقوموا بالألعاب السياسية لكسب الأموال، وكم عبارة مدهونة هنا بالسم، وكم شعار صارخ أحمر مرسوم بقلم الشفاه وكم وكم، ظنوا انها كافية لخداع جمهور لم يعرف الألعاب السياسية البرلمانية والانتخابية.
إن يقظة الجمهور العمالي والموظف في الريف خاصة ضرورة في هذه الأيام لتطوير مصير البلد باتجاه أن تكون القوانين لمصلحة أغلبية الشعب.
نريدُ رموزاً مناضلة لا يهمها الثراء والأرصدة المتجمعة بل تكون أرصدتها في عقول الناس!
فذلك سوف يدفعها للبحث وكشف الحقائق من دون خوف. ونريد رموزاً نظيفة تخرج من بين الشارع وتتجاوز القوى الملوثة!

صحيفة اخبار الخليج
23 نوفمبر 2009