المنشور

واقع وآفاق الموسيقى والأغنية البحرينية

لم تنل الموسيقى والأغنية البحرينية الاهتمام الرسمي المناسب منذ عقود ، بل وأحيانا جرى محاربتها في البحرين . فبعض  مسئولي الموسيقى والأغنية   هم بالأساس  متطفلون على الفن أو هم تداركوا و تطفلوا عليه لاحقاً . وهم ليسم على مستوى القدرة ولا الكفاءة  للمحافظة على تراثنا الموسيقي ورعايته ناهيك عن  الإشراف على تطوره  وتقدمه ، متطفلون تشبثوا بمواقعهم  رغماً عن كل الفنانين والممتهنين للفن الغنائي والموسيقي و لسنين طويلة ، ولم يكن بالمستطاع اقتحام مواقعهم ولا التأثير من خارجها  في ما يقرون ويوجهون ويسلكون تجاهها . فأصبح الجسد الفني تحفة عارية في العراء ! تحفر التضاريس فيها ما تحفر ، ويدوس عليها  الجاهل لجهله أو لعدم اكتراثه ، وقد يطمع أحدهم في بيعها بالسوق الشعبي لمن يدفع أقل ! 


 




واقع وآفاق الموسيقى والأغنية البحرينية






 

 


أقدم الشكر الجزيل  للإخوة إدارة وأعضاء أسرة الأدباء والكتاب لدعوتهم الكريمة ، وأشكر لهم اهتمامهم بهذا الموضوع وأرحب بالإخوة الحضور الكرام .

      هل ياترى يستحق موضوع الموسيقى والأغنية في البحرين كل هذا الاهتمام ؟

ألا تتوفر كل أنواع الأغاني والموسيقى لمن يشاء ؟ . هي تبث على مدار الساعة عبرالفضائيات العربية والأجنبية بشتى أنواعها ، كما هي متوفرة في الأسواق لمن يدفع ثمن النسخة الأصلية أو المزورة والمسروقة  منها . اذن لم الإصرار على إبقاء الموسيقى والأغنية البحرينية بالذات في حلبة المنافسة ؟ لم يكن حسب علمي  للأغنية البحرينية في يوم ما زخم غير عادي ، ولم يكن لها سوى بضع مستمعين خارج رقعة الخليج العربي ، خاصة وان بث إذاعة البحرين طوال تلك السنين  لم يكن يتجاوز رقعتها الجغرافية قبل دخولها عصر الاتصالات .

إذن ما هو المبرر للاهتمام والاستنفار الآن من أجل إعادة الروح لها بعد أن زهقت او تم إزهاقها ؟

أعزائي ، 

لم تنل الموسيقى والأغنية البحرينية الاهتمام الرسمي المناسب منذ عقود ، بل وأحيانا جرى محاربتها في البحرين . فبعض  مسئولي الموسيقى والأغنية   هم بالأساس  متطفلون على الفن أو هم تداركوا و تطفلوا عليه لاحقاً . وهم ليسم على مستوى القدرة ولا الكفاءة  للمحافظة على تراثنا الموسيقي ورعايته ناهيك عن  الإشراف على تطوره  وتقدمه ، متطفلون تشبثوا بمواقعهم  رغماً عن كل الفنانين والممتهنين للفن الغنائي والموسيقي و لسنين طويلة ، ولم يكن بالمستطاع اقتحام مواقعهم ولا التأثير من خارجها  في ما يقرون ويوجهون ويسلكون تجاهها . فأصبح الجسد الفني تحفة عارية في العراء ! تحفر التضاريس فيها ما تحفر ، ويدوس عليها  الجاهل لجهله أو لعدم اكتراثه ، وقد يطمع أحدهم في بيعها بالسوق الشعبي لمن يدفع أقل !

إن واقع الأغنية والموسيقى البحرينية ومبدعيها هو واقع مزري يستحق العطف والرثاء .

وأستدرك وأتساءل … إن طالما الناس يا إخوتي لا زالت تأكل وتشرب وتباشر التزاماتها الضرورية فما الداعي للاهتمام بشيء يدعى موسيقى أو أغنية في البحرين ؟ إنه ياسادتي ترف !. هل سمعتم عن بحريني مات أو مرض بسبب نقص فيتامين أو بروتين الموسيقى ؟ أشك في ذلك . بل أن هناك من الناس من يتجنب العدوى منها  ويعتبرها خطراً على حياته وعلى مبرراتها . فلم لا نقر جميعاً عدم حاجتنا إليها ونفض الموضوع ؟!

هذه الآفة التي تدعى (موسيقى وغناء) ، تغض مضاجع الكثيرون ، فمن تحية العلم الى ترقيص الأطفال وتنطيطهم ، حتى مراسم الأعياد والزفاف ونشرات الأخبار والمسلسلات والمسرحيات ، و كل ما تنتجه الإذاعات ومحطات التلفزة .  بل وفي ثقافات أخرى تُقحم نفسها  في الاحتجاجات والمظاهرات والجنازات ،،،،، كل موسيقى كل موسيقى ؟.

في البحرين الى وقت ليس ببعيد  كانت تنسب إلى المولع بالموسيقى والغناء كل النعوت الساخرة ! ، تبدأ من – عربيد – إلى كل مفردات قاموس النعوت الرخيصة.  فالثقافة المتوارثة لدينا هي أن المولع بالموسيقى والغناء هو مجرد صعلوك منبوذ ، وما اهتمامه إلا انحطاط للاهتمام السوي .

لقد عانى الجسد الموسيقي  في البحرين من الأمرين ، فعليه أن يرضي ذاته وأن يناضل و يقاوم لإرضاء قطاعات  مجتمعه المتنافرة موسيقياً  فقط لأجل منحه مقدار من الاحترام  والاعتراف بتميزه في مجاله ، وبحقه للانتماء الحسن لمجتمعه.

وهذا في اعتقادي ما يفسر توقف الكثير من الفنانين عن مواصلة مشوارهم الفني والانسحاب من الساحة. 


    
    (الإعلام وتطور الموسيقى والأغنية البحرينية ؟)

عجيبة صحافتنا الفنية في البحرين ،،،، ففيها يجوز لمسؤول الصفحة الفنية مالا يجوز لغيره ، فهو بقدرة قادر يتربع على كرسي أبو النقاد ، يحط من قدر هذا ويحلق بذاك ، وإن لم يكلف نفسه الاستماع لأعمال هذا وذاك ،!! . كما لا ننسى بأن أخونا مسؤول الصفحة الفنية  دائماً هو  يمتلك قدرة الفطاحل ، فهو موهوب في التحليل  الموسيقي ، وإن أردت على نضم الشعر الفصيح والمريح ، وعلى عمل الإستبيانات لأحسن عشرة أعمال في السوق أسبوعيا ، ولا ينسى استعراض ما يرده من رسائل المعجبين والمعجبات و فرد المساحة الكافية من صفحته لكيل المديح والإطراء لذاته !. هو حرٌ  يا إخوتي ، ومن العبث التدخل في أذواق الناس وفي تصاميم قصورهم  !!  عليهم بالعافية .

في إعلامنا الصحافي الفني ،  تبحث عن لمحة أو ومضة لأي فنان بحريني ،  مستغيثاً و مستعيناً بتلسكوب هابل علك تنجح . صحافة فنية ومجلات اعتادت على  CUT AND  PASTE  – أقطع وألصق ،  ومن أي مصدر يردها أو يتوفر على مكاتبها إلا أخبار و نشاطات الفنان البحريني الذي من وجهة نظرها القاصرة لا يستحق ملء بوصة مربعة من مساحة مملكتها الخاصة! وقس على ذلك .

أما الإذاعة والتلفزيون فعليك التخمين إن كانت هي تلفزيون وإذاعة مصرية أم  كويتية أم لبنانية أم غيرها ، ولن تتيقن بأنها تبث من البحرين إلا حين إذاعة  نشرات الأخبار !!!.

يا سادتي الكرام  ، إن كل مؤسسات الإذاعة والتلفزيون في أي مكان من العالم تتنافس و تتشاجر وتستنفر وتقدم الإغراءات  للفوز بحق ملكية تصوير وبث حفلات وأعمال الفنانين المحليين الموسيقية والإبداعية الأخرى ، فهي تعلن من خلالها عن هويتها وتميزها . أما هنا في البحرين فكان الفنان يستجدي المسؤولين  للتكرم بإصدار الموافقة على تصوير و توثيق حفلاته ونشاطاته  دون طلب مقابل مادي ولا حتى أدبي في بعض الأحيان . يعني بالبحريني الفصيح  -  ببلاش . وإن هم أصدروا موافقتهم الكريمة ، فعلى هذا الفنان رد التكرم بأحسن منه ، وإصدار الشكر والتقدير والإمتنان لهذه الإلتفاتة الغير مسبوقة  !  ثم يهلوس هذا الفنان الغلبان  ويبقى متوجساً ، ( بيحبني ، ما يحبنيش )، ( يبثو العمل ، لا  ما يبثوه ) ، ( يقطعوه لا ما يقطعوه ) . وقس على ذلك .

وإن كنت موسيقي أو مغني و ترغب  في الشهرة الفنية أو بعض من الرعاية ، فما عليك إلا أن تغني كلمات أو ألحان من تأليف أحد الإعلامين   ! وسوف تمل سماع أغانيك لكثرة بثها بعد ذلك. 

        ومن الموسيقى ما قتل ؟؟

هنا في البحرين ، دأب المسئول عن فعالية مهرجان البحرين للموسيقى منذ تعينه على إبراز نفسه كالمؤلف الموسيقي الوحيد الأوحد في البلد ، ضارباً بعرض الحائط كل الطاقات الفنية البحرينية الأخرى ، رغم تفوقها الإبداعي البارز عليه -  من وجهة نظري .
وأنتهز هذا المسئول  صلاحيات منصبه و عمد على تكليف  معظم الفرق الموسيقية المشاركة في المهرجانات والمستضافة  من الخارج على حساب وزارة الإعلام والدولة ، عمد بتكليفها لعزف ما يكتبه من  الموسيقى الخاصة جداً به ، ضمن عروضهم الفنية للجمهور خلال حفل المهرجانات  !!!. موسيقى أجزم بأنها لا تمت  إلى البحرين بأية صلة . وأتمنى من كل قلبي أن لا يكون ذلك ثمن لاختيار فرقهم من بين عامة الفرق وتأمين استضافتهم ، أرجو وأتمنى وأسعد .

        يحكى أن للأغنية والأنشودة دور في تربية النشىء!

في البحرين مع نهاية السبعينيات ، بدأت تظهر وتتداول بقوة  آراء تحرم الموسيقى والغناء ، ومن جهات مختلفة . وشيء فشيء بدأت تشن الحرب على كل ما هو منغم ، وبدأ جمهور الأغنية في البحرين يتقلص ، وينتقل بعضه الى الجهة المناوئة لوجودها . وأصبح أي ولي أمر طالب أو طالبة يمتلك كامل الحق في رفع حق النقض الفيتو ضد تدريس مادة التربية الموسيقية في مدارس أبناءه  الحكومية !!!  وعلى وزارة التربية والتعليم النزول عند رغباته و الخضوع لصلاحياته ، وحرمان كل طلبة المدرسة الآخرين من تعلم الموسيقى !!! ثم وللأسف  يتم تحويل مدرس الموسيقى الى تدريس مادة الزراعة أو الى فني بقسم التسجيل ، وإن لم يتوفر ذلك  فلا بأس  اعتباره مدرس احتياط !… يحصل كل ذلك  بعد أن ابتعث هذا الكادر إلى أحد المعاهد من قبل الدولة  لنيل شهادة في  تخصصه  لمدة خمس الى ثمان سنوات خارج البحرين ، وصرف على دراسته ما صرف من الدنانير والعملة الصعبة !!!!

      هل من دور يرتجي من هذا الفن ؟

إن  تناولنا لموضوع الموسيقى والأغنية البحرينية  من وجهة نظر الكثيرين هو أمر تافه ، أتفق مع حُجج  بعضهم . هل من الضروري  ياترى بذل العناء و تخصيص ندوة للحديث عن الموسيقى والغناء  ؟  وهل من جذوة  ترجى لهذا الحديث إن سلمنا بأهميته ؟؟

يدرك الأفارقة ما تملكه الموسيقى والغناء من إمكانيات مؤثرة وفعالة ، وهم يحاربون بها  الآن طاعون الفقر والايدز ! ؟ وفي البحرين قبل أسابيع قام بعض الموسيقيين الشباب بشن حملة ضد المخدرات وبالأسلوب ذاته متخذين المجمعات التجارية مكان لحملتهم ،،، برافو قد ينجح شباننا  .

ومن ضمن أهداف قيام فرقة الحنونة الفلسطينية هو الحفاظ على المأثور الشعبي أهازيج وتيمات لحنية وتطاريز وغيرها ، وتأكيد هويتها الفلسطينية العربية،  لما لذلك  من اعتبارات تاريخية تستند إليها نضالاتهم وتؤكد للعالم من خلالها حقهم في أرضهم وميراثهم الشعبي المستباح غصباً. فهل يا ترى يشجع الفلسطينيون تداول  وتدريس  الموسيقى والأهازيج والأناشيد الفلسطينية  في مدارسهم ، أم مدرسي التربية الموسيقية هناك كذلك يتم تحويلهم الى معلمي  احتياط ! ؟؟. هم يدافعون عن هويتهم ، فأنا ياإخوتي استلمت قرص مضغوط  إهداء من أحد الأصدقاء ممن أعتز بصداقته  ووعيه ، إذ كتب يقول ضمن إهدائه – ]هذه مجموعة من (( أغاني اليهود  العرب )) [  !!!! ،  وبعد استماعي اليها فإذ هي عبارة عن مجموعة أغاني من كافة أرجاء الوطن العربي . صوت من اليمن ، وطقاطيق من مصر ، ومالوف من تونس ، و موشحات من المغرب وغيرها من الموسيقى العربية ! …. والإعتراض عندي هو أن يكون التراث القومي العربي  معنون لليهود العرب فقط !!!  وكأنما الأغاني والموسيقى العربية هي  لليهود العرب دون غيرهم من العرب !!!  والفلسطينيون يعون ذلك  ويَدْرُسُون  ويُدَرِسُون الموسيقى والغناء في مدارسهم ، ويحاربون بسلاح  تراثهم ضمن كل الوسائل ، مدركون خطورة إخفاقهم في هذا الميدان بالذات ، وما ستجره عليهم تداعيات ذلك من خسائر .

إن الموسيقى والغناء  فنون يمكنها حمل سلاح ، وهي  كما  اللسان إن صنته صانك وإن خنته خانك . وعلينا  اختيار ما نفصح به من خلالها .  وإن لم نشاء فهي جزء من هويتنا وتراثنا ، وأعتقد بأن فنوننا الموسيقية تستحق أن ندافع عنها وعن حقنا في وجودها وانتماءها .

     لمحة على واقع الموسيقى والأغنية في البحرين ؟

أرتبط الغناء في البحرين عامة بأماكن مزاولة الفنون الشعبية – الدور -  والى وقت قريب فإن العامة من الناس تتجنب هذه الدور وتنصحك الابتعاد عنها لكي لا تصاب بلوثة ما يدور بداخلها من طقوس ، وإن شئت سمها فنون أو جنون ! .

البحرين مقارنة بالكثير من دول العالم وحتى تلك المتأخرة مدنياً – إن صح التعبير ، فإن تاريخها  الموسيقى هو تاريخ حديث نسبياً . و المتخصصون أكاديمياً في فنون الموسيقى لا يتعدى عددهم  الثلاثون في أحسن الأحوال ، نصفهم على الأقل لا يزاولون الفن إلا في حدود ما تتطلبه وظائفهم . فجيل الفنان أحمد الجميري  ومحمد جمال هو أول من تتلمذ الموسيقى أكاديمياً على ما أعتقد  نهاية الستينيات من القرن الماضي . و نحن وحتى هذه اللحظة من أواخر عام 2004 لا نملك في البحرين معهد للموسيقى تابع للدولة تشرف عليه هيئة تعليمة مؤهلة ،  يخرّج كوادر من المتخصصين أو الموسيقين المحترفين كما في دولة الكويت على سبيل المثال ،  حيث  برز عدد جيد من الكوادر الموسيقية التي تركت بصمات واضحة ومؤثرة ساهمت ولازالت بقوة في تنشيط الجو الفني هناك ، هذا الى جانب ما يضخه هذا المعهد من كوادر مؤهلة سنوياً داخل الساحة الفنية الكويتية والعربية و بشكل منتظم .

لم تعرف البحرين الاستثمار التجاري و الاقتصادي  في مجال الفنون بشكل عام ، وفي الموسيقى والغناء بشكل خاص إلا بقدرٍ محدودٍ جداً . وتراجع هذا المؤشر خطوات إلى الوراء  بعد وفاة المنتج المغامر الفنان أحمد جمال وذلك  لفاعلية دوره وريادته في هذه الساحة .

وفقدت الأغنية البحرينية بالذات  من بين الفنون الأخرى أية  قدرة  على التطور والمنافسة جنباً الى جنب مع  نضيراتها في المنطقة لعدم توفر قانون حماية الملكية الفكرية والأدبية لعقود طويلة من عمر الأغنية القصير ، فضاعت حقوق الفنانين وتم التلاعب المادي والأدبي  بنتاجهم جهاراً نهاراً من قبل تجار الكاسيت الذين توزعوا الأدوار بين تاجر للجملة ينسخ ويوزع من دون وجه حق ، وتاجر المفرد الذي  يغتني نسخة بدينار واحد ويعيد استنساخها .
الحرامية الذين وضعوا في جيوبهم كل عرق وإبداع الفنانين البحرينيين دون وجه حق ، و دون أي رادع  قانوني أو أخلاقي إن كنا نتعشم أخلاق خاصة بالتجارة . وعليه أصبحت هذه الفئة تتاجر بأعمال الفنان البحريني لصالح جيوبها الخاصة مستخدمة أردأ النسخ وأقبحها ، والتي  يتداولها الجمهور عندنا لقاء  ثمن غير عادل لمنتج مغتصب يفتقد في ذات الوقت كل المعاير والمواصفات التي ارتضاها الفنان لعمله وبذل المال والجهد  لإصداره إستنادأ إليها .

هذه لمحة سريعة  لواقع الموسيقى والأغنية البحرينية . أما آفاق المستقبل المنظور القريب والمتوسط لهذه الفنون فهو للأسف لا يبشر بما أتمنى لها ، خصوصاً إذا ما إستمر الحال كما الحال .

فإن لم ينل الفنان البحريني  ما يستحق من التقدير والاحتضان من الدولة أولاً ومن وسائل الإعلام الوطنية بكافة أنواعها ، فلا قدر لما ينتجه إن هو أصلاً استطاع تحت هذه المعضلات أن ينتج ما له قدر .


     فهل شاخت أوتار الموسيقى والأغنية البحرينية ؟


إذا كان هناك من يسمع ،،،  من لديه الولاء والإنتماء لهذه الأرض الحلوة ، لمقامها وتراثها ، من يمتلك وازع وغيرة للحفاظ على ما تملك وما تستحق أن تملك . إذا كان هناك من يعترف للفنون وللموسيقى من بينها ، بدور وحق . إذا كان هناك من يستطيع المساعدة فهذه إستنجاداتي ،  ولن أعجب إن كان عمي أصمخ .

على الجهات المعنية بالثقافة الوطنية متمثلة بالقطاع الرسمي و الخاص ، كل من موقعه ، العمل على تحقيق البنية التحتية اللازمة لقيام فن موسيقي وغنائي محترم  ولائق ، أرصد ما أعتبره بإلحاح ضمن أهم أساساته . 

أولاً- رصد ميزانية بكرم حاتم الطائي ، وتأسيس معهد موسيقي تابع للدولة ، وعلى أعلى المستويات ، يجند له بالإضافة إلى كل الطاقات والكوادر الوطنية المتوفرة طاقم من خبراء علم تدريس فنون الموسيقى  كما في المعاهد العريقة . يحضى بالاعتبار الرسمي الكامل ، ويكرم المتفقون فيه كما التخصصات الأخرى ، يمنح  شهادة البكالوريوس المعترف بها للمتخرجين . ويوفر الدراسات العليا لطالبيها . يساهم في الحفاظ على تراثنا الموسيقي ،و ينظم الفعاليات الفنية الراقية . معهد يعكس لعامة الناس ما للموسيقى من دور إيجابي في المجتمع ، ويوفر البديل عن الهرج الرائج الذي نعاني منه . وأنا أطلب بإلحاح من الجهات المعنية الإسراع في إقرار هذا المطلب بالذات الذي سيعيد الاتزان لما يجري من خلل ولخبطة في ساحة الموسيقى والغناء.

ثانياً- قيام نقابة للفنانين الموسيقيين تلم شملهم المشتت و تساهم في رسم الخطوط العريضة لمسار تطور الموسيقى والأغنية البحرينية ، نقابة حرة تدعم الفنان وتآزره عند المحن ، تدافع عن حقوقه المادية والأدبية ، وتقف بصلابة لوقف الانحدار الحاصل للأغنية العربية بشكل عام ، تساهم في تطهير الأغنية مما علق بها من خزعبلات ماجنة كما هو شائع الآن  .

ثالثاً- وضع الرجل المناسب في المكان المناسب عند اختيار أخصائيي الموسيقى في وزارتي الإعلام والتربية والتعليم ، كوادر لا تفتقر إلى الكفاءة والإبداع والنزاهة ، كوادر لا ينقصها الولاء للبحرين وتاريخها الثقافي العريق، كوادر تتجرد عن كل مصالحها الذاتية الضيقة ، وتضع الفن والفنان البحريني فوق كل  تطلعاتها الشخصية المادية منها والمعنوية ،كوادر ترى في تألق الفنان البحريني تألقاً لها ، وفي تراجعه تراجعاً لها ، تفتح الطرق وتذلل الصعاب وتزيل العوائق ، هي مؤهلة لبذل الجهد والتفاني بإخلاص لخدمة هذه المسؤولية الوطنية .

رابعاً- إعادة الاعتبار لما يسمى بالفنان البحريني في وسائل الإعلام وغيرها ، والقبول والإقرار بدوره في فريق العمل من أجل البحرين  وتعزيز تميزه . وتسويق إبداعه أسوة بمنتجاتنا العامة واعتبار إبداعه استثمار وطني ثقافي واقتصادي يوفر له الدعم والرعاية أسوة بالاستثمارات الوطنية الأخرى .

خامساً- وقف عملية إقصاء الموسيقى من المدارس الحكومية ، وإتاحة الخيارات أمام الطلبة وأولياء أمرهم من دون حرمانهم من  اختيار تعلم الموسيقى  ، وفي كل مدارس البحرين الحكومية دون استثناء . وإدخال الوسائل الحديثة لعلم تدريس الموسيقى وتأهيل مدرسي المادة للتعامل معها وتوفير المصادر المتنوعة والضرورية لذلك  بدل ما نشاهده الآن من طرق ووسائل تدريس بالية عفى عليها الزمن .

سادساً- ترميم قسم الموسيقى في المكتبة العامة وملء الأرفف الفارغة  بما جد واستجد ، والعمل على إعادة ما نهب منها ، وتطوير المصادر و التقنيات بها ، ودعمها بالأجهزة اللازمة وعصرنتها .

سابعاً- تشجيع عودة القطاع الخاص والتجار الوطنيين  لممارسة دورهم التنويري في دعم الثقافة في البحرين ، وتفعيل نشاط الإستثمار الوطني في الحقول الثقافية المختلفة بما فيها الموسيقى .

ثامناً- إقامة صالة عروض خاصة بالفنون الموسيقية تتوفر فيها كل المواصفات الحديثة ، يراعى ضمن تصاميمها تخصيص مقر لنقابة الفنانيين ، ويقتطع جزء من ريع هذه الصالة لصالحهم .

أعتقد بأن الوضع سيصبح مثالي محفز للإبداع اللائق بالبحرين وأهلها إن تم إنجاز ذلك ، وسنستعيد اتزاننا المفقود في هذا الحقل الثقافي ، أعتقد .

أعتذر إن أطلت عليكم ، أشكر حضوركم  وأكرر الشكر لإخوتنا أعضاء الهيئة الثقافية
بالأسرة. و دامت هذه الأسرة في خدمة الثقافة .    

  
  

   سلمان زيمان 
29 نوفمبر 2004 
أسرة الأدباء والكتاب البحرينية