المنشور

حريـة الصحافــة


تراجع ترتيب البحرين في مؤشر حرية الصحافة الصادرة عن منظمة «مراسلون بلا حدود»، إذ جاءت البحرين في الترتيب 119 عالميا متراجعة بذلك 23 ترتيبا عن العام الماضي حين احتلت المرتبة 96 عالميا، واقتربت إلى ترتيبها في العام 2007 حين جاءت في المرتبة 118 عالميا.

هذا التراجع لم يكن مستغربا أبدا في ظل الكثير من المؤشرات التي تعيشها الصحافة في البحرين، فمازال قانون الصحافة يراوح مكانه في مجلس النواب، ومازال الصحافيون يجرجَرون إلى ساحات القضاء بسبب آرائهم ومواقفهم، كما مازال الصحافي البحريني لا يحظى بالقبول لدى بعض المؤسسات التي تشترط أن يكون الصحافي خاضعا لأجندتها الخاصة وتوجهاتها وأيدلوجياتها.

حرية الصحافة في البحرين لم تصمد كثيرا بعد المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد، إذ إن الحرية كانت (عند البعض) واجهة ترويجية فقط، ولم تقم على أساس حقيقي يتبنى مشروعا واضحا للارتقاء بالمهنة وجعلها سلطة رابعة قادرة، ولها دورها في تنمية المجتمع وتوعيته وتوجيهه والكشف عن أماكن القصور والتقصير.
الصحافة في البحرين تعاني في وقت مازالت فيه وسائل إعلام عديدة تعيش تحت مظلة سيطرة «السلطة» كما يحدث على مستوى الإذاعة والتلفزيون، وبالتالي فإن مفهوم الحرية الحقيقية للصحافة البحرينية مازال يشوبه الكثير من القصور، ومن أهم ذلك القصور في التشريع القانوني الذي ينظم هذه المهنة ويوضح الحقوق والواجبات التي يجب أن يلتزم بها كل من يشتغل في هذه المهنة.

حق الحصول على المعلومة ركيزة أساسية في تراجع مؤشر حرية الصحافة في البحرين، فمن أهم المؤشرات التي تقاس على أساسها حرية الصحافة، حق الحصول على المعلومة، إذ إن هذا الحق غير موجود في بلد المؤسسات، ولا يمكنك أبدا أن تحصل على المعلومة التي تريدها، بل فقط تلك المعلومة التي يراد لها أن تخرج، وبالتالي فلا يمكن أن تكون هناك حرية للصحافة في ظل فرض قيود واسعة على المعلومة.

من الواضح أن هذا التراجع في حرية الصحافة والذي شهدته البحرين منذ العام 2002 إذ كان فيه ترتيبنا على مستوى العالم 67 والآن أصبح 119، يكشف عن حقيقة المرحلة الماضية وكيف استُغل الإعلام لتحسين صورة السلطة فقط، في حين لم تكن السلطة تمثل خريطة طريق نحو تطوير الإعلام وتحسينه وجعله أكثر رقيا وتقدما وحرية ومساهما أيضا في دعم مؤسسات الدولة ومشروعها الإصلاحي.
 
 
الوسط 24 أكتوبر 2009