المنشور

المرأة ليس محلها العمل السياسي!!

اذا كانت الكوتا او المقاعد المخصصة للمرأة في البرلمان اسلوباً مخالفاً للدستور والديمقراطية التي تضمن كامل حقوقها أسوة بالرجل، فإن نواب الاسلام السياسي الذين يعتقدون وبدوافع ورغبات عقائدية بحتة، إن المرأة ليس محلها العمل السياسي موقفا سلبيا من المرأة او دعوة اقصائية تلغي حقوقها السياسية التي كفلها الدستور. ونعني من هذه العبارة ان القضية التي تشغل بال المرأة البحرينية وكذلك الرأي المستنير هي قضية اقصاء لحق مشروع من حقوقها السياسية، وبالتالي فالمفارقة هنا انه في الوقت الذي اكد فيه الدستور وميثاق العمل الوطني على هذه الحقوق ولاسيما حق التصويت والترشح فان موقف نواب الاسلام السياسي الرافض لحق المرأة في الترشح للبرلمان هو جوهر المشكلة وعلى هذا الاساس لم تكن معارضة الاسلام السياسي وتحديدا التيار السلفي منه للكوتا حرصا على الديمقراطية والدستور وانما التزاما باجندة ومنهج اساسه الوصاية والموروثات القديمة التي تكبل حقوق المرأة بقيود لا حصر لها!! ولذلك ولا تنهدش حين تجد الازدواجية تتصدر خطابهم السياسي اذ تجد هذا الخطاب الذي هو جزء من ثقافة الاقصاء يتباكى على مساواتها بالرجل في حين ان هذا الخطاب لم ينصفها سياسيا بدعوى ان المرأة ليس محلها العمل السياسي!! وفي ضوء هذا الموقف المزدوج ليس غريبا ان تصدر فتاوى التحريم احكاما مناهظة لحقوق المرأة السياسية.. احكاما تنتقص من اهليتها وتحاصرها في اقبية التخلف بقيود وسلاسل الوصاية والتبعية!! واذا كنا نستطيع رصد هذه الفتاوى فانها تبدو واضحة في الرأي الاصولي المتشدد القائل: ان المرأة ليس محلها العمل السياسي لرفض المجتمع العربي وصولها لمثل هذه المناصب إلا من خلال ما يتم السعي اليه وشغلها لمثل هذه المناصب من خلال الكوتا وبالدعم اللامحدود ومن الجهات الرسمية وجهات خارجية متمثلة في دول ومنظمات دولية تساند المرأة في هذه الدول لاخراجها عن طبيعتها وعاداتها وقيمها وما حث عليه الدين.. ولو تمعنا في هذا الرأي الاقصائي يمكننا القول: ان الادعاء برفض المجتمع العربي وصول المرأة للمناصب السياسية ولاسيما البرلمانية منها ادعاء عار من الصحة، لان الكل يعلم ان المرأة في العديد من الدول العربية تبوأت مناصب عدة برلمانية كانت ام قضائية ام دبلوماسية هذا اولا، وثانيا ان عقدة المؤامرة الخارجية التي ابتلي بها الفكر الديني وكذلك القومي المتعصب هي في الاصل حجج وذرائع تحظر على المرأة الولاية العامة، وهذا ما يبرر لعجزنا وفشلنا في ادارة مشاكلنا وقضايانا ادارة حضارية قائمة على الحرية والديمقراطية ونقد الذات، وثالثا وكما يعتقد اصحاب هذا الرأي الذي يزعم ان الكوتا تعد خروجا عن طبيعة المرأة وعن عاداتها وقيمها وعن ما حث عليه الدين الاسلامي فهذا كلام مردود عليه، لان هناك من الدول الاسلامية اخذت بنظام الكوتا كخيار مؤقت ولم تخرج المرأة عن عاداتها وتقاليدها وقيمها ولنا مثال على ذلك تونس التي استجابت لهذا النظام وفقا لما تسمح به الظروف هناك التي تتطلب قيام الدولة المدنية الحديثة التي تقوم على حقوق المواطنة كاملة من حرية وعدالة ومساواة. اذن .. كفانا مخالفات لانها ليست فقط عديمة الجدوى بل ضارة بالحقوق الديمقراطية للمرأة البحرينية وكذلك بالمسيرة الديمقراطية التي من اهم شروط نجاحها دعم المرأة على كافة الصعد. وبعبارة موجزة صريحة، ان فرض الوصاية على حقوق المرأة جعلت منها تابعا لا حول لها ولا قوة بالتالي كفوا عن هذه الوصاية، لان الضمان الحقيقي لأية تنمية تتمثل في نيل حقوقها كاملة والاهم من ذلك ان الديمقراطية التي لا مكان للمرأة فيها لا نفع منها.
 
صحيفة الايام
24 اكتوبر 2009