المنشور

الحماية الدستورية والقانونية لحقوق الطلاب ( نور حسين مثالا )


هل جاء القرار الصادر بتاريخ 25 يونيو 2009 من لجنة التأديب بجامعة البحرين بحق الطالبة نور حسين بإلغاء تسجيلها في مقررات الفصل الدراسي الثاني 2008/2009 ، وما أستند عليه من نصوص في لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين الصادرة في 30 يناير 2006 من وزير التربية التعليم بصفته رئيس مجلس أمناء جامعة البحرين بموجب القرار رقم (4) لسنة 2006 ، وفي لائحة إنشاء وتنظيم مجلس طلبة جامعة البحرين الصادرة بتاريخ 10 ديسمبر 2001 بموجب القرار رقم (1) لسنة 2001 متوافقا مع الحماية الدستورية والقانونية والتعهدات الدولية للحقوق الطلابية ؟؟
 
 


الحماية الدستورية والقانونية لحقوق الطلاب
وقيود اللوائح الطلابية في جامعة البحرين
( نور حسين مثالا )
 

بقلم المحامي / حسن إسماعيل

 


المقدمة :



      
     هل جاء القرار الصادر بتاريخ 25 يونيو 2009 من لجنة التأديب بجامعة البحرين بحق الطالبة نور حسين بإلغاء تسجيلها في مقررات الفصل الدراسي الثاني 2008/2009 ، وما أستند عليه من نصوص في لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين الصادرة في 30 يناير 2006 من وزير التربية التعليم بصفته رئيس مجلس أمناء جامعة البحرين بموجب القرار رقم (4) لسنة 2006 ، وفي لائحة إنشاء وتنظيم مجلس طلبة جامعة البحرين الصادرة بتاريخ 10 ديسمبر 2001 بموجب القرار رقم (1) لسنة 2001 متوافقا مع الحماية الدستورية والقانونية والتعهدات الدولية للحقوق الطلابية ؟؟

  يزعم القرار المذكور بأن الطالبة نور قد ارتكبت مخالفة قيامها بتوزيع أوراق تتضمن إساءات إلى الجامعة وأدارتها ، وتتضمن أثارة الطلاب وتهييجهم ضد أنظمة الجامعة ، وجاء في القرار حيث أن الفعل المنسوب للطالبة يعد إخلالا بأنظمة الجامعة ولوائحها ، وسابقة خطيرة مخلة بحسن السيرة والسلوك وهو من المخالفات الموجبة للجزاء التأديبي وقد استندت هذه اللجنة في قرارها على المادة الثانية الفقرات ( أ ، ط ، ك ) من لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين والتي نصت على أنه ( يعتبر مخالفة مسلكية كل إخلال بالقوانين واللوائح والقرارات والتقاليد الجامعية. وعلى الأخص:



أ-
الأفعال المخلة بأنظمة الجامعة، أو الكلية، أو القسم، أو الدائرة، أو المنشآت الجامعية.
  



ط –
أي توزيع لنشرات، أو إصدار لمجلات حائط بالكليات، أو جمع لتوقيعات، أو تبرعات، دون الحصول على ترخيص مسبق من الجهات مختصة في الجامعة، أو أية إساءة لاستعمال الترخيص الممنوح لممارسة الأنشطة المذكورة . ‌



ك-
الدعوة إلى أي تنظيم داخل الجامعة، أو المشاركة فيه من غير ترخيص مسبق من الجهات المختصة في الجامعة، أو الاشتراك في أي نشاط يخل بالقواعد التنظيمية في الجامعة ) .
 وقررت لجنة التأديب بناء على توصية من لجنة التحقيق بإيقاع عقوبة قاسية بالغاء تسجيل الطالبة في مقررات الفصل الدراسي الثاني 2008/2009 استنادا إلى المادة (3) الفقرة (ط) من لائحة المخالفات المسلكية .
 
ولمناقشة هذا القرار المجحف من حيث المخالفة المنسوبة ومن حيث العقوبة المترتبة عليه ومدى انسجامه مع أحكام الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية  نشير إلى يلي :



1-
استخدام القرار


لعبارات غامضة ومطاطة

     استخدم قرار لجنة التأديب عبارات مطاطة مستوحاة من لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين يصعب بالفعل ضبطها قانوناً وهو ما يظهر بوضوح في نص المادة (2) التي اشتملت على عبارات ( إخلال بالقوانين واللوائح والقرارات والتقاليد الجامعية.) وحددت اللائحة 15 مخالفة أبرزها تلك المنسوبة للطالبة نور ، منها الفقرة (أ) التي نصت على (الأفعال المخلة بأنظمة الجامعة، أو الكلية، أو القسم، أو الدائرة، أو المنشآت الجامعية ) ، إذ لم يحدد النص هذه الأفعال المخلة ومع ذلك  تم وضعها ضمن المخالفات المنسوبة للطالبة نور .

ويمكن القول هنا أن اخطر ما يهدد التمتع بحق ينظم القانون ( اللائحة ) ممارسته هو عدم وضوح صياغة النص، وتركه يحتمل العديد من التفسيرات، وهو ما يظهر في النص المذكور فعبارة ” التقاليد الجامعية والأفعال المخلة ” هي من العبارات الملتبسة والتعريفات الفضفاضة التي تسمح بإساءة استخدام النص واستغلاله في انتهاك حرية الطلاب في التعبير عن آرائهم، حيث يتعرض الطلاب للتحقيق ومجالس التأديب كما حدث للطالبة نور تحت زعم ارتكابهم أفعال مخلة تخالف التقاليد الجامعية .



2-


البيان لا يتضمن المخالفات المنسوبة

على الرغم من وجود هذه العبارات المطاطة الواسعة التفسير فأنه بالرجوع للبيان محل المخالفات المنسوبة للطالبة نور نجد ليس فيه على الإطلاق ما يدل على وجود أخلال أو فعل مخل بالتقاليد الجامعية أو أنظمتها أو القوانين واللوائح أو القرارات أو اي إساءات إلى الجامعة وأدارتها ، بل تتضمن انتقادا لاذعا لإدارة الجامعة مشتملا :
1-  على هموم ومعاناة الطلبة مثل(.. الطلبة “تعـقدو”  من  زحمة التسجيل، ومزاج الدكاتره أللي يوم ايصير “كيرف أب” و اليوم اللي عقبه ايصير “كيرف داون” .. ومجلس الطلبة عاجز ما عنده صلاحيات، والطلبة لا يقدرون ايسوون ندوات ولا حلقات نقاشية كأنهم قاعدين في سجن من اتكلمت عن حقك قالو ممنوع الكلام في السياسة.امتحان القبول في الجامعة حده عجيب رياضايات ولغات ومعلومات عامة، وبعدين تنقط في كلية ما لك خص فيها، هذا اذا ما انقطيت في التطبيقي. )
2-  على دور الجامعة  وأهمية الوعي الاجتماعي بالقول( اتمللنه من وضع الجامعة، دكاتره شويه، وميزانية مالت تلويص مو مالت تعليم، وبنكرر ونذكركم أنه دور الجامعة هو صنع قيادات وطنية بمختلف الجوانب الفكرية والسياسية وفي ادارة الاعمال والمالية والحقوق والاعلام والهندسة والتربية وباقي التخصصات الي يحتاجهه الانسان في حياته بما فيها المهارات الاجتماعية والقيادية، فلا اتعورون راسنه بسالفت سوق العمل احنه مو غنم تعلفونه علشان انروح لمقصب سوق العمل وننطحن في الشغل بدون ما يكون عندنه وعي اجتماعي.)



3-   على عدد من المطالب الهامة والضرورية للطلاب هي : ·
 على الدولة التفكير جدياً في توسعة جامعة البحرين وتزويدها بالمرافق والهيئة التعليمية والادارية القادرة على استيعاب كافة خريجي الثانوية العامة.
·   أن مهمة الدولة لا تنحصر فقط في توفير التعليم المجاني للطلبة فقط بل على هذا التعليم ان يكون متميزاً ومساهماً في صقل شخصية الشباب البحريني.
·   أن المشروع الاصلاحي الذي تعيشه البحرين يجب ان ينعكس على البيئة الجامعية لذى لا بد من توسيع هامش الديمقراطية في جامعة البحرين عبر توسيع صلاحية المجلس، وافساح المجال لحرية العمل الطلابي بما يشمل المحاظرات والمؤتمرات، والاحتجاجات السلمية، وتفعيل الانشطة الفكرية المختلفة.
·   تؤيد القائمة قرار جامعة البحرين باعتماد معدل 2 للانتقال الى مرحلة البكالريوس وتتطلع لان تضع الجامعة خطة تدريجية لاستيعاب الطلبة الذين فصولوا قبل عام 2005 لاسباب تتعلق بذات الموضوع .
 
     تلك هي المسائل التي اشتمل عليه البيان ، هموم الطلاب ، دور الجامعة ، وأهمية الوعي الاجتماعي ، ومطالب طلابية هامة ، فأين هو الإخلال أو الأفعال المخلة بالتقاليد الجامعية أو أنظمتها أو القوانين واللوائح أو القرارات ؟ وأين هي الدعوة إلى أي تنظيم داخل الجامعة، أو المشاركة فيه ؟  أين هي الإساءات التي لحقت  بالجامعة وأدارتها حسبما زعم القرار؟ هل هو في وصف البيان  للجامعة بالخرابة المهجورة او وصفها بالسجن؟ فهذا الوصف هو وصف صحيح وهو اقل ما يقال عن الجامعة في ظل عدم معالجة المشاكل التي يعاني منها الطلاب ، وفي ظل مصادرة حرية وحق التعبير ، إذ كان على لجنتي التحقيق والتأديب وإدارة الجامعة بدلا من إيقاع العقاب القاسي تجاه الطالبة نور ، أن تأخذ ما اشتمل عليه البيان على محمل الجد بمعالجة مشاكل الطلاب ومطالبهم التي اشتمل عليها . فليس هناك من سبب لمثل هذا القرار سوى خوف إدارة الجامعة من وعي الطلاب وهو ما عبر عنه القرار ذاته بأن البيان(تتضمن أثارة الطلاب وتهييجهم ضد أنظمة الجامعة).
 
3- موافقة الجهات المختصة لممارسة النشاط الطلابي المعارض مستحيلة

جاءت لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين لتفرض بقوة القانون قيودا تهدر حرية الطلاب في التعبير عن آرائهم، حيث تشترط اللائحة المسلكية الحصول على موافقة مسبقة من الجهات المختصة بالجامعة كي يمارس الطلاب حرية وحق التعبير عن الرأي والتجمع السلمي في ثلاث حالات ، منها الحالتين المنسوبتين للطالبة نور ، الاولى في الفقرة (ط) (أي توزيع لنشرات، أو إصدار لمجلات حائط بالكليات، أو جمع لتوقيعات، أو تبرعات ) ، والثانية في الفقرة (ك ) (الدعوة إلى أي تنظيم داخل الجامعة، أو المشاركة فيه ) ،أما الحالة الثالثة فقد نصت عليها الفقرة (ن) وهي (الاعتصام داخل المباني الجامعية، أو الاشتراك في مظاهرات ) .

وطبقا لهذه الحالات الثلاث فأن ممارسة الطلاب لحريتهم وحقهم في  التعبير ونشره بالقول أو الكتابة  ، وحق التجمع والاعتصام والتظاهر مرهون بالموافقة المسبقة من الجهات المختصة , في وقت حددت فيه اللائحة المسلكية الجهات المختصة التي تنسب المخالفات وتقرر العقاب ، لكنها لم تحدد الجهات المختصة التي يلجأ إليها الطلاب للحصول على موافقتها لممارسة حق وحرية التعبير عن الرأي ، أو الاعتصام أو التظاهر ، وأيا كان المقصود من هذه الجهات ،الإدارة الجامعية ، أم لجنة التأديب  فأن شرط الموافقة المسبقة يجب النظر إليه في ظل المناخ العام داخل الجامعة ونعني به أن هذه الإدارة  أو سلطات توجيه المخالفات وإيقاع العقاب لم تأتي بالانتخاب بل يتم تعيينها  ، الأمر الذي أدي إلي وصول قيادات جامعية لم تأت بالانتخاب الحر، وتكون في الغالب محكومة بمرجعياتها الأيدولوجية والسياسية وهو ما يساهم في وجود مناخ عام رافض أو غير مؤمن بمبدأ المشاركة، وحق الاختلاف في الآراء أو المواقف أو المصالح ، ولذلك  فأن قيادة إدارة الجامعة بمن فيها لجنة التحقيق أوالتأديب مجبرة على تنفيذ السياسة العامة للجامعة المتأثرة فعليا بدواعي الأمن حفاظا على مناصبها وبالتالي لن يوافق أيا منهما عل أي نشاط لطلاب لا تتفق والسياسة العامة لإدارة الجامعة التابعة بالضرورة للسياسة الحكومية.

وهو ما يجعلنا أن نشكك في موافقة الجهة الإدارية على قيام الطلاب بممارسة حقهم في التعبير عن الرأي، حيث شهد الواقع العملي في قضية نور مثالا بارزا على سوء استخدام نصوص اللائحة وتداخلت الرغبات والخلفيات السياسية والايدولوجية  في القرار المتخذ في مواجهتها .



4- القرار يتخطى التدرج في العقوبة


واللائحة المسلكية تفتقر لربط العقاب بالمخا
لفة

حددت لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين في المادة (3) ثلاثة عشر جزاءا تأديبيا لتوقيعها على الطلاب إذا ارتكبوا المخالفات المنصوص عليه في المادة (2) ، لكن دون تربط أو تحدد عقاب لكل مخالفة كما هو معمول به ومتفق عليه قانونا وعرفا ، بمعنى انه كان على اللائحة أن تضع المخالفة وإلى جانبها العقاب الذي تستحقه ، وهو من العيوب الجوهرية في اللا ئحة ، ولهذا السبب جاء قرار لجنة التأديب بإيقاع عقاب قاس على طالبة نور في مخالفة لم ترتكبها ودون أتباع التدرج في العقاب وخلافا لما نصت عليه اللائحة المسكلية ذاتها في المادة (5) التي تنص على انه ( 000 يراعى عند توقيع الجزاء تناسبه مع درجة المخالفة وتكرارها ) وهو يجعل من قرار لجنة التأديب مخالف حتى لنصوص اللائحة التي ركن إليها ، إذ تخطى الجزاءات الأولية التي نصت عليها اللائحة مثل لفت النظر ، والحرمان من الخدمات أو ممارسة النشاط ، أو توجيه إنذار بدرجاته الثلاث ، إلى عقاب هو إلغاء التسجيل لمقررات فصل دراسي ، فهذا العقاب فضلا عن قساوته فأنه كان يتعين أن لا يكون في الأصل ضمن العقوبات ، إذ كيف يجوز أن يحرم طالبا من جهد دراسي بذله بعناء واجتازه بنجاح !!انه عقاب أقل ما يقال عنه بأنه ضد التحصيل العلمي .


 
5-  حظر العمل السياسي


ينال من تنمية شخصية الطالب الوطنية

      جامعة البحرين في معرض رد ها على ما تناولته الصحف والحملة التضامنية الواسعة  مع الطالبة نور حسين سمت البيان محل المخالفات المزعومة منشورا  يحمل شعارا يخص جهة سياسية خارج الجامعة وهي جمعية الشبيبة البحرينية.وأن أنظمة وقوانين الجامعة تنص على منع توزيع أية منشورات سياسية داخل الجامعة، إلا من خلال القنوات الرسمية، حتى لا يتحول الحرم الجامعي إلى ساحة للتصارع السياسي، وذلك لأن الطالبة كانت مرشحة لعضوية مجلس الطلبة التي تتم من خلال انتخابات ديمقراطية تقوم الجامعة على إجرائها في شهر مايو/ أيار من كل عام دراسي حرصا منها على أهمية العمل الطلابي، ومن إجراءات وشروط الترشح لهذه الانتخابات أن يطلع الطالب على قوانين الجامعة واللائحة المنظمة للعمل الطلابي داخل أسوار بالعمل ضمن قوانينها، والتي من أهمها عدم شغل الطالب لأي منصب إداري في أية جمعية سياسية خارج الجامعة، وعدم إدخال الشعارات والتوجهات السياسية خارج الجامعة إلى داخل أسوار الجامعة، وهذه التعهدات موجودة وموقعة من قبل الطالبة نور».وأنها( طالبت من خلال كلامها مع اللجنة أن يسمح بإدخال المواضيع السياسية إلى الجامعة وأنها ستضع بعض الأمور في الاعتبار عند إصدارها لمنشور آخر مثل الصياغة الجيدة ) .


·       حظر العمل السياسي يتجاهل الدور التاريخي للطلاب

أن ما أشار إليه بيان جامعة البحرين من رد على الحملة التضامنية الواسعة مع نور حسين فضلا عن انه يخلط ما بين البيان والمنشور ويصف جمعية الشبيبة البحرينية بأنها جمعية سياسية في حين أنها ليست كذلك وهو ما يعبر عن فقر في المعرفة  عند من كتب رد الجامعة ، فأن هذا الرد يؤكد على صحة الوصف بأن جامعة البحرين هي سجن وخرابة ، بل أن هذا الرد يؤكد على الحاجة الضرورية لما طالبت به نور أن صح أمام اللجنة وبشجاعة بإدخال المواضيع السياسية إلى الجامعة ذلك أن الشباب والطلبة يمثلون فئة واسعة  في التركيبة الاجتماعية لي مجتمع ، وتعد هذه الفئة ليس في مجتمع البحرين فحسب بل في  مجتمعات العالم  أهم قاعدة للتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي. حيث تشير وقائع التاريخ إلى الدور الأساسي لجيل الشباب والطلبة  في الأحداث الكبرى التي مرت بها البحرين وفي بناء مؤسسات الدولة. وسيكون من الصعب النظر إلى هذه الحركة التاريخية الدءوبة التي لعب الطلاب الدور الأكبر فيها، من دون التأكيد على أهمية الإطار التنظيمي  الذي احتضن تجربة الطلبة في التغيير عبر التاريخ وعلى وجه خاص الاتحاد الوطني لطلبة البحرين .، أن هذه الطاقة الهائلة التي حملها الشباب والطلبة ما كانت لتتحول لمشاريع شاملة في مملكة البحرين  دون أن تجد الإطار التي تنصهر فيها الرؤى والطموحات لعالم ومجتمعات أفضل. ، ولم يكن الشباب ليجدوا أفضل من الجامعة مكانا مجسدّا لهذا الإطار . فمصطلح ” الجامعة ” يدل دلالة كافية على أنه  المكان الذي يجمع الشباب من البيئات والخلفيات والثقافات المختلفة على أهداف وبرامج ومشاريع وجدت نفسها في هذا الإطار الكبير الذي بات يُعرف ” بالحركة الطلابية “.

ولذلك، ليس غريبا أن تجد أن غالبية القيادات السياسية الحالية في البحرين ومن مختلف التنظيمات سواء على صعيد مؤسسات المجتمع المدني أو مؤسسات الدولة ، هي ذاتها القيادات الطلابية التي انخرطت في العمل الوطني من خلال الإطارات الطلابية والشبابية التي تكونت حينئذاك .



·       حظر العمل السياسي يتناقض مع الأهداف السياسية لمجلس الطلبة

بهذا المعني فأن ما تناوله رد جامعة البحرين بحظر العمل السياسي في الجامعة يكشف عن مدى ضيق مساحات العمل والحرية بالجامعة، بحيث يصبح الطلاب خاصة المنتمين إلي تيارات فكرية وسياسية من المغضوب عليهم من قبل الإدارة الجامعية ويكشف عن مدى تجاهل هذه الإدارة للدور التاريخي للطلاب في بنا ء البحرين ، بل أن هذا الحظر يتناقض مع ما نص عليه قرار رقم (1) لسنة 2001 بشأن لائحة إنشاء وتنظيم مجلس طلبة جامعة البحرين  في المادة (3) والتي نصت على أن ضمن أهداف مجلس الطلبة هي (  أ‌- تنمية شخصية الطالب وطنياً واجتماعياً ورياضيا وثقافياً ضمن قيم الحضارة والتراث العربي والإسلامي ومبادئ ميثاق العمل الوطني. ب‌- تنمية الروح القيادية بين الطلبة وإتاحة الفرصة لهم للتعبير المسئول عن أرائهم. ج- توعية الطلاب بحقوقهم وواجباتهم وفقاً للأنظمة الجامعية المعمول بها.(  فتنمية شخصية الطالب وطنيا ضمن مبادىء ميثاق العمل الوطني ، والروح القيادة بين الطلبة ، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير المسئول عن أرائهم ، هي أهداف سياسية بامتياز ، بل عملية انتخاب مجلس الطلبة – والانتخابات الديمقراطية حسب تعبير بيان جامعة البحرين –  هو عمل سياسي من الدرجة الأولى ،  فكيف إذن يجوز حضر العمل السياسي بين الطلاب ؟ وهل يجوز أن تتمسك إدارة الجامعة بنص الفقرة (هاء ) من نص المادة (6 ) من  لائحة إنشاء وتنظيم مجلس طلبة جامعة البحرين التي تشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس الطلبة ( – أن لا يكون عضوا إداريا في جمعية أو هيئة خارج الجامعة أيا كان شكلها، تمارس نفس النشاط أو تسعى لتحقيق ذات الأهداف. ) وهو نص مخالف لكل الأعراف ولإحكام الدستور. لان هذا القيد الوارد في هذا النص هو ببساطة مخالف لمبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عليه في المادة (18 ) من الدستور .



·       قيود اللائحة تحد من نشاط وصلاحيات مجلس الطلبة

وفي سياق متصل ، فأن من ابرز ما يعيب لائحة إنشاء وتنظيم مجلس طلبة جامعة البحرين  في إنها قد حددت أهداف سياسية يتعين أن يقوم بها المجلس على النحو سالف الإشارة إليه غير أن هذه اللائحة في المادة (11 ) حددت لجان المجلس التي يتعين عليها تحقيق أهدافه في أربع لجان فقط  هي أ‌- اللجنة الاجتماعية ب‌- اللجنة الثقافية والفنية ج‌- اللجنة الرياضية د‌- لجنة الخدمات الطلابية  دون اللجنة السياسية وهي لجنة هامة وضرورية لتمنية التكوين والوعي الوطني لدى الطلاب تكون من ابرز مهماتها تنظيم المحاضرات والمناظرات والندوات وإصدار المجلات والنشرات التي من شأنها تعريف الطلاب بما يجرى من الأمور داخل البلاد وخارجها وتعريف الطلاب بخصائص مجتمعنا  .

كما تتمثل عيوب لائحة إنشاء وتنظيم مجلس طلبة جامعة البحرين في النصوص التي تعطي الإدارة الجامعية التدخل في شئون مجلس  إذ يحق لرئيس الجامعة طبقا للمادة ( 25 من اللائحة ) بقرار تأديبي مسبب إسقاط العضوية من مجلس الطلبة ، ويشترط لإقامة الندوات والمحاضرات والمؤتمرات والمعارض الحصول على موافقة عميد شؤون الطلب كما يشترط لدعوة المتحدثين من خارج الجامعة، توجيه الدعوة رسمياً من قبل دائرة الإعلام والعلاقات العامة بالتنسيق مع عمادة شؤون الطلب طبقا للمادة (27 من اللائحة ) ، ولمجلس جامعة البحرين استناداً إلى مقتضيات الصالح العام للجامعة أن يقرر – بناء على توصية من رئيس الجامعة – حل مجلس الطلبة أو أية لجنة منبثقة منه . طبقا للمادة (28من اللائحة ) .

وفي هذا الإطار وبهذا المعني يمكن القول انه من الصعب بل من المستحيل تجاهل الانتماءات السياسية للطلاب ، فهم لم يأتوا من عالم منفصل عن مجتمعنا البحريني بكل مكوناته السياسية والاجتماعية ، وأن استمرار مبدأ الفصل بين الطلبة ومنع ممارسة أي عمل سياسي داخل الجامعة، هو استمرار لمنطق مغلوط ومتناقض فهو في الوقت الذي يطالب فيه مجلس الطلبة بتنمية شخصية الطالب وطنياً ومبادئ ميثاق العمل الوطنين، ‌- تنمية الروح القيادية بين الطلبة وإتاحة الفرصة لهم للتعبير المسئول عن أرائهم، توعية الطلاب بحقوقهم وواجباتهم ، هو في الوقت ذاته يحظر العمل السياسي ويضع القيود على ممارسته، ويقيد حرية الرأي والتعبير للطلاب داخل الجامعة ،ويمنح سلطة واسعة للإدارة لتحديد ما يحق للطلاب ممارسته أو حتى مناقشته، وما لا يجب القيام به.
 
6-  اللوائح الطلابية وقرار لجنة التأديب


تهدر الحماية الدستورية والقانونية للحقوق الطلابية

لا يفرق دستور مملكة البحرين بين المواطنين – طلابا كانوا أم أي فئة أخرى من فئات المجتمع البحريني في الحماية القانونية للحقوق والحريات التي نص عليها ، من أهمها حرية الرأي والبحث العلمي ، والحق في التعبير عن الرأي ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما ، إذ جاء النص الدستوري في المادة 23 واضحا وصريحا على إنه لكل إنسان التمتع بمثل هذا الحق وهذه الحرية ، وان كل ما اشترطه النص للتمتع بها أن يكون وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، دون المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية . بحيث يتعين أن لا يأتي نص في القانون أو في اللائحة على خلاف جوهر ومضمون ما نص عليه النص الدستوري من حق وحرية ، وإلا أضحى مطعون عليه بعدم الدستورية .

وتمتد هذه الحماية القانونية للحقوق والحريات إلى نصوص الاتفاقيات,والمعاهدات الدولية والإقليمية خصوصا تلك التي  وقعت عليها البحرين  فأصبحت تملك قوة القوانين الداخلية بعد التصديق عليها ، وأصبح على مملكة البحرين وتشريعاتها سواء كان هذه التشريعات قوانين تصدر عن السلطة التشريعية أو لوائح إدارية تصدرها السلطة التنفيذية ومؤسساتها أن تحترم وتلتزم بأحكام  هذه الاتفاقيات بحيث يمتنع على هاتين السلطتين عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تخل بالالتزامات التي وقعت عليها.

وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقيات الدولية لم تعرض لما يسمي بالعمل الطلابي وحرية هذا العمل، إلا أنها تناولت الحقوق والحريات التي يجب أن يتمتع بها كل مواطني الدولة  التي صدقت عليها ، ولعل ابرز ما وقعت عليه البحرين في هذا الشأن هو العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وانضمت إليه في 12 أغسطس 2006 بموجب  القانون رقم (56) لسنة 2006 ، إذ تكفل مواد هذا العهد حرية الرأي والتعبير، وحرية تشكيل النقابات والانضمام لها، والحق في التجمع السلمي، والحق في المشاركة، وهي الحقوق المرتبطة بقضية نور حسين ، كما يكفل حماية حق المرء في اعتناق الآراء دون مضايقة، ، كما يقضي بحماية الحق في حرية الرأي والتعبير التي لا تتضمن فقط حرية نقل ضروب المعلومات والأفكار، بل أيضاً حرية “التماسها” و “تلقيها” دون اعتبار للحدود وبأية وسيلة، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي من الوسائل الأخرى التي يختارها .

وعلى الرغم أن الفقرة الثالثة من المادة 19 من العهد تؤكد صراحة أن ممارسة حق حرية التعبير تستتبع واجبات ومسئوليات خاصة، ووفقا لذلك يجوز إخضاع هذا الحق لبعض القيود، التي قد تتصل إما بمصالح أشخاص آخرين أو بمصالح المجتمع ككل، إلا أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنوط بها قانونا تفسير مواد العهد ومراقبة تطبيقه، وضعت معايير يجب أن تلتزم بها الحكومات عند تقييد الحق في حرية التعبير، ومنها عندما تفرض دولة طرف بعض القيود على ممارسة حرية التعبير، لا يجوز أن تعرض هذه القيود الحق نفسه للخطر.  إذ يتسم الالتزام القانوني بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بطابع سلبي وإيجابي على السواء، إذ يجب على الدول الأطراف أن تمتنع عن انتهاك الحقوق المعترف بها في العهد، كما تقتض المادة الثانية من العهد أن تعتمد الدول الأطراف تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغير ذلك من التدابير المناسبة من أجل الوفاء بالتزاماتها القانونية .

فإذا كان دستور مملكة البحرين ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ينظمان الحق في التعبير وحريته ونشره بالقول أو الكتابة أو بأي من الوسائل الأخرى ، فأن قرار لجنة التأديب الصادر في مواجهة الطالبة نور وما أستند عليه من نصوص في لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين ، وكذلك رد جامعة البحرين وما استند عليه من نصوص في لائحة إنشاء وتنظيم مجلس طلبة جامعة البحرين ، جاءت كلها لتنال من الحماية الدستورية والقانونية للحقوق الطلابية وعلى النحو الذي أوضحناه  فيما سلف ، لا تسأل عنها أدارة جامعة البحرين فحسب بل حكومة البحرين لاخلالها بالتزاماتها الدولية بصدور قرار لجنة التأديب ، واللوائح الطلابية ، لما اشتملت عليه من انتقاص لحق الطلاب في التعبير عن الرأي، وحقهم في التنظيم النقابي، وتقييد حقهم في التجمع السلمي، وغيره من الحقوق التي تم إهدارها بموجب هذه اللوائح التي يتعين تكون مهمتها هي تنظيم الحقوق والحريات الدستورية فقط دون تقييدها، أو الانتقاص منها، أو وضع العوائق أمام ممارستها.