المنشور

«صنع في لبنان».. ولقاء «س ـ س»


قبل أكثر من عشرين عاماً كنا على موعد مؤتمر صحافي للنائب اللبناني السابق ‘’نجاح واكيم’’ في لقاء ‘’منتجع الطائف’’ الذي جمع اللبنانيين للخروج (من عنق القارورة ـ الزجاجة)، أي، من أزمته الطاحنة للحرب الأهلية ‘’آنذاك’’، وكنا نحن معشر الصحافيين نلهث من أجل اقتناء معلومة شاردة جديدة لما يجري هناك (في الطائف) تضاف إلى تقاريرنا اليومية عن اجتماعهم وتزويدها بالتالي إلى صحفنا التي بعثتنا لتغطية هذا الحدث الكبير.. وفي غمرة انشغالاتنا لـ’’مطاردة المعلومات بطرح التساؤلات’’ حول الأشياء التي تدور في ‘’الحجر المغلقة المملوءة بالدخان’’، وشحت المعلومات، مسك بيدي صحافي لبناني تولدت بيننا بطاقة تعارف للتو، وأخذني على جنب، ثم سرّني بقولٍ مفيدٍ: اسمع يا البحراني. لا عليك من الذي يجري هنا في الطائف. القرارات تأتي من ثلاث عواصم: بيروت، دمشق وطهران. تعال لي بعد الساعة السادسة والنصف مساءً كل يوم لتزويدك بالجديد.. اتفقنا؟!. أومأت له بعلامات الرضا وافترقنا، وكان هذا الصحافي عند وعده والتزامه وصدق ما قاله.

تذكرت هذه الجزئية خلال متابعاتي الصحافية للعلاقات ‘’السورية ـ السعودية’’، وزيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى دمشق الأربعاء الماضي وتأثيراتها على معظم الأطراف اللبنانية لتسهيل ولادة حكومة لبنانية جديدة قد ترضي، أو لا ترضي أطرافا داخل لبنان أو خارجه، غير أن الملاحظ بشكل عام سيادة أجواء متفائلة لبنانياً بقرب انفراج الأزمة، وإن اعترى ذلك تفاؤل حذر عند الذين يطمحون بتشكيل حكومة لبنانية، ولو لمرة واحدة تصنع محلياً، وبالتالي ليست خاضعة لتقلبات العلاقات العربية ـ العربية، أو العربية ـ الإقليمية، أو الدولية ليأتي من بعدها الفرج!!.

 ما يلاحظ، إنه عندما تكون العلاقات متوترة بين الرياض ودمشق ترتعد الأطراف اللبنانية وترتجف، وإن كان جل هذه الأطراف يدعي تفضيله لـ’’حكومة تصنع في لبنان’’، ويزايد بـ’’استقلالية القرار الوطني’’، لكنه على الجانب الآخر، تنفرج لأي تطور في العلاقات ‘’السين ـ سين’’، فينشر قصائد المديح لانعكاساتها الإيجابية على الوضع اللبناني الداخلي والعمل العربي المشترك، وفي المعنى نفسه، نتذكر قول النائب محمد رعد بعد زيارته ووفداً من كتلة الوفاء للمقاومة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وذلك عشية زيارة العاهل السعودي إلى دمشق، والتي يراها المراقبون بأنها ‘’مفصلية تاريخية’’، إن أيّ لقاء عربي – عربي ‘’وخصوصاً بين دولتين شقيقتين وعزيزتين على اللبنانيين ويهمهما أمر لبنان، لا بد من أن ينعكس إيجاباً تجاه الوضع اللبناني’’.

وكالة ‘’يو بي آي’’ نقلت الأحد 4 أكتوبر/ تشرين الثاني عن مصادر مطّلعة، أن وفد المملكة يضم رئيس الاستخبارات مقرن بن عبد العزيز، وزير الثقافة والإعلام عبد العزيز خوجة، وزير العمل غازي القصيبي ومستشار الملك السعودي نجله عبد العزيز، الذي زار وخوجة دمشق وبيروت مرات عدة إبان مرحلة التكليف الأول للحريري بتأليف الحكومة… فهل هذا يعني شيئاً للبنانيين؟.. فلنتظر لنرى.

 
الوقت 9 أكتوبر 2009