المنشور

د. حسن مدن للوقت: من يعيقون الحوار هم من يفضلون الصفقـــات الثنـــائيـــة والجـــانبيــة


قال الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي حسن مدن أن ‘هناك تملل شعبي واسع وخيبة أمل كبيرة من أداء المجلس النيابي في الشارع’مشيرا إلى إمكانية تأثير ذلك على مسار الانتخابات المقبلة.
وأوضح مدن في لقاء أجرته معه الوقت ‘أن لكتلتي المنبر والأصالة رؤاهما وأجندتهما الخاصة بهما أو بكل واحدة منهما’.
ورأى أن ‘تحالفهما مع الدولة ليس مطلقاً أو مؤبداً، فالدولة هي الأخرى لها حساباتها ومصالحها. السياسة متحركة ويمكن أن تنشأ وقائع جديدة على الأرض تبدل الأمور’.
وانتقد مدن الخطاب السائد في الساحة ‘وهو خطاب مذهبي، كل كتلة من الكتل الفاعلة تخاطب جمهور مذهبها أو طائفتها’مؤكدا أن ‘ من يعيقون الحوار هم كل من يفضلون الصفقات الثنائية والجانبية، ويخشون شمولية الحوار’.



* إلى أي مدى أنت متفائل بالعملية الديمقراطية والحراك السياسي في البحرين*

– المجتمع البحريني يتوفر على درجة عالية من حيوية الحراك السياسي. القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والصحافة يقظة تجاه ما يدور ولها كلمة مؤثرة في القضايا التي تطرحها التطورات، وهناك مقادير جيدة من الحريات وفرها المشروع الإصلاحي ودرجة تناسب القوى في المجتمع يتعين علينا الاستفادة منها برشد وبمبدئية، بالمقابل فإن الصعوبات والمعوقات ليست قليلة، لكن ذلك يجب ألا يثنينا عن مواصلة العمل بدأب في سبيل تحقيق المزيد من المكاسب في اتجاه الإصلاحات السياسية والدستورية، وتوسيع نطاق الحريات العامة وبناء مؤسسات المجتمع المدني.
لدى المجتمع والقوى السياسية الجدية والمخلصة إمكانيات كبيرة للسير في تحقيق نجاحات في هذا الإطار، ومنع القوى المنزعجة من التحولات الايجابية من الارتداد على هذه الايجابيات أو مصادرتها أو إفراغها من محتواها.
التطورات التي حدثت في البلاد خلال السنوات الماضية منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي علت من آمال المجتمع وأنشأت واقعاً جديدا في البلاد من الصعوبة الارتداد عنه، ونحن متفائلون بقدرة شعبنا على الحفاظ على مكاسبه وعلى تطويرها رغم كل الصعوبات والمعوقات.
 

منغصات العمل البرلماني ليست قليلة

* هل تعتقد أن دخول المعارضة في البرلمان أثرى العملية الديمقراطية* وما هي منغصات العمل النيابي في نظرك*

– المعارضة لم تدخل البرلمان في 2006 فقط، لقد سبق أن دخله جزء منها في عام ,2002 ورأينا في هذا المجال واضح ومعلن هو أن على المعارضة أن تكون ايجابية في التعاطي مع التحولات الجارية، وأن تسعى لأن تكون ممثلة في المجالس المنتخبة، سواء منها مجلس النواب أو المجالس البلدية. هذا كان رأينا منذ البداية، والمنصفون من المراقبين يقولون أن موقفنا في هذا المجال صحيح. وجود ‘الوفاق’ اليوم داخل مجلس النواب أفضل وأجدى من وجودها خارجه.
أما منغصات العمل البرلماني فليست قليلة، لكن الحل ليس بالهروب منها، إنما بالتصدي لها عبر المشاركة وتحسين مواقع المعارضة في العملية السياسية في البلاد، أبرز هذه المنغصات هو الخلل الدستوري الكبير بالانتقاص من صلاحيات المجلس المنتخب، وهناك عيوب النظام الانتخابي المعمول به وهي عيوب لا تقل عن الخلل الدستوري، فالنظام صمم ليخرج تركيبة طائفية للمجلس ويحول دون التمثيل الديمقراطي العادل لمكونات المجتمع المختلفة، ومن المنغصات أيضاً عدم رغبة قوى في السلطة التنفيذية في التعايش مع الدور الرقابي للهيئات المنتخبة، بما فيها البرلمان، لأنها استمرأت العمل على مدار عقود بدون أي شكل من أشكال الرقابة النيابية والشعبية.

* كثيرا ما تلقون باللائمة على حلفائكم داخل البرلمان، وتنتقدونها في أصعب المحطات متهمين إياها بالطائفية أو إنها تتفاعل مع الطرح الطائفي* ومع ذلك تطالبونها بالتنازل عن بعض الدوائر المغلقة لصالحكم أو لصالح القائمة الوطنية* فهل تجدون طرحكم منطقيا وأنتم أكثر من ينتقدها*

– العلاقة مع شركائنا في العمل السياسي قائمة على الصراحة والوضوح، تربطنا مع ‘الوفاق’ علاقة تعاون مثمرة وجيدة في مجالات مختلفة، ونحن حريصون على تطوير أوجه التعاون، وذلك لا يمنع من أن تكون هناك شفافية في انتقاد المواقف التي نراها غير صحيحة. نجاح ‘الوفاق’ في البرلمان يهمنا، ونريد لها أن تحقق مكاسب أكثر فذلك لمصلحة الوطن ومصلحة العمل السياسي في البلاد، ومصلحة الشراكة السياسية التي ناضلنا ونناضل من أجلها. حين نقول أن تركيبة المجلس الطائفية ليس هدفنا الإساءة للوفاق على الإطلاق، النظام الانتخابي الحالي الذي وضعته الدولة هو المسؤول عن هذه التركيبة وليس الوفاق، ومسؤولية ‘الوفاق’ كونها كبرى جمعيات المعارضة وكذلك مصلحتها تقتضي أن يكون معها حلفاء داخل المجلس، وفي تصريحاتنا المختلفة قلنا أن علينا أن نعتمد على أنفسنا وقدراتنا في المقام الأول وأن نطور وننمي نفوذنا، ففي قوة أي تنظيم قوة لجميع شركائه في العمل السياسي.

* ماذا قدمتم للمعارضة داخل البرلمان وأنتم تؤكدون أن العمل السياسي ليس حصرا على البرلمان* علما بأن الملفات العالقة ظلت عالقة وبقي الهم الأكبر تتحمله المعارضة داخل البرلمان*

– المنبر التقدمي بالذات قدم مجموعة كبيرة من الاقتراحات والمشاريع والملاحظات على التشريعات التي نظرها البرلمان: هناك مرئيات لنا حول قانون الجمعيات السياسية وقانون التجمعات وقانون الإرهاب وقانون الجنسية وقانون العمل وأقمنا ورشات عمل وحلقات بحث نوعية حول ذلك شارك فيها نواب وأعضاء في مجلس الشورى وممثلو الجمعيات. قدمنا رؤية متكاملة للنظام الانتخابي ورؤية متكاملة حول المجالس البلدية. وهناك وثيقة الإصلاح الدستوري التي رفعناها للجميع وهي رؤية شاملة لما نراه من تعديلات دستورية. كما أننا لم نتردد في تزويد النواب بما طلبوه من مرئيات واقتراحات كتلة النواب الديمقراطيين التي مثلتنا في مجلس .2002 كل هذه التصورات سلمت لمجلس النواب وللكتل المختلفة فيه، وبعضها سلم لمجلس الشورى أيضاً.

* ما هي رؤيتكم للقائمة الوطنية الموحدة* وكيف يمكن لها أن تكون واقعا في الانتخابات القادمة* أم هي أحلام وردية وتنظيرات ليس أكثر*

– هي ليست تنظيرات، وإنما رغبة وطنية مسؤولة تصب في صالح وحدة المعارضة والعمل الوطني المشترك. أما مدى إمكانية أن تتحول إلى واقع فلسنا وحدنا من يقرر ذلك.

* هل ما زلتم تنظرون إلى كتلتي المنبر والأصالة على أنهما كتلتي موالاة* وماذا تقصدون بأنهما كتل موالاة* وهل ترون إنهما سببا في التأزيمات النيابية والطائفية* أم أن هناك أطرافا آخرين يشتركون معهم في ذلك*

– هناك مصالح مشتركة تجمع الدولة بهاتين الكتلتين، لدى الدولة أسبابها ولدى تحالف الكتلتين أسبابه في التعاون القائم بينهما، وهي أسباب سوف تستمر في الأفق المنظور، لكن علينا أن ننبه أن لكتلتي المنبر والأصالة رؤاهما وأجندتهما الخاصة بهما أو بكل واحدة منهما. تحالفهما مع الدولة ليس مطلقاً أو مؤبداً، فالدولة هي الأخرى لها حساباتها ومصالحها. السياسة متحركة ويمكن أن تنشأ وقائع جديدة على الأرض تبدل الأمور. أما عن التأزيمات التي تحدث فإن قوى مختلفة في الدولة والمجتمع على حد سواء، لها مصلحة في ذلك، وفي تقديرنا أنه جرى تصميم الدوائر الانتخابية بطريقة تضمن مخرجات البرلمان الحالية، بما يشكل قاعدة للتأزيمات والتجاذبات الطائفية.

* هل ترى أن الشارع السياسي بدأ بالفعل يتململ من ممثليه الدينيين (التيار الإسلامي بشقيه) بصورة يمكن معها أن تتغير الخارطة البرلمانية المقبلة *

– نعم هناك تملل شعبي واسع وخيبة أمل كبيرة من أداء المجلس النيابي في الشارع.بالإمكان أن نسمع تعبيرات التململ والانزعاج في كل مكان، خاصة بعد الطريقة التي جرى بها إقرار تقاعد النواب، وسيكون لذلك تأثير على مسار الانتخابات المقبلة، لكن يجب التذكير بأن القوى المؤثرة في رسم الخريطة الانتخابية، كما كانت في العام 2006 لازالت تمسك بالمبادرة، وهي ستسعى لكي لا تكون هناك اختراقات للتشكيلة الحالية.


الخطاب السائد في الساحة هو خطاب مذهبي


* ما هو الخطاب الانتخابي الناجح في نظرك *

– الخطاب السائد في الساحة هو خطاب مذهبي، كل كتلة من الكتل الفاعلة تخاطب جمهور مذهبها أو طائفتها. لم يكن الباكر والشملان والعليوات وكمال الدين، ومثلهم لم يكن أحمد الذوادي وأحمد الشملان وعبدالرحمن النعيمي يفعلون ذلك، كانوا يخاطبون الشعب كله والوطن كله. نحن نفتقد مثل هذا الخطاب، ونفتقد أيضاً الخطاب الذي يركز على القضايا الحيوية والمعيشية للناس. هذا هو الخطاب الانتخابي والوطني الناجح في رأينا، والذي يجب توعية المواطنين به، ويجب العمل على حشدهم حوله.
نجاح الحوار يتوقف على إرادة الجميع.

* ما هي مستجدات الحوار الوطني* أم أن الحديث عنه بات حديث ترف* ومن المسؤول في نظرك عن عرقلة مثل هذه الحوارات الوطنية*

– بالنسبة لنا ولشركائنا في العمل السياسي الذين أيدوا مبادرتنا للحوار الوطني الشامل، فإن الحوار لم يكن ولن يكون ترفاً، فهو حاجة وضرورة إذا أردنا للعمل السياسي النجاح وللبلاد الاستقرار.
مبادرتنا للحوار الوطني أحدثت حراكاً وتفاعلاً، وترتبت عليها تحركات في الاتجاه الذي يخدم فكرة الحوار، التي التفت حولها قطاعات واسعة، وحظيت باهتمام سياسي وإعلامي واسع، لكن نجاح الحوار يتوقف على إرادة الجميع، وفي مقدمتهم الدولة. جلالة الملك قال انه مع الحوار وأن يكون للمجلس الوطني دور فيه، ونأمل أن يكون المجلس عند مستوى هذه المهمة، على أن يلاحظ أن قوى سياسية وميدانية مهمة وناشطة ليست ممثلة في المجلس وربما يكون لديها موقف منه، لكن الحوار لا يستقيم بدون مشاركتها. أما من يعيقون الحوار فهم كل من يفضلون الصفقات الثنائية والجانبية، ويخشون شمولية الحوار. والتفاهمات الجانبية قد تكون مطلوبة في بعض الحالات، لكنها ليست حواراً وطنياً شاملاً بالطريقة التي دعونا إليه في مبادرتنا.

* ما هي أبرز الملفات التي ترى من الأهمية بمكان لإنجاح أي حوار طرحها ومعالجاتها* وهل تعتقد أن القوى الأخرى سواء الموالية أو الحكومة ستقبل بحلحلة هذه الملفات والتي من شأنها أن تعطي للمعارضة رصيدا جيدا في الشارع السياسي وتقويتها*

– في مبادرتنا للحوار الوطني طرحنا عناوين الملفات التي يجب أن تكون موضوعاً للحوار الوطني الشامل وهي:التوافق حول التعديلات الدستورية المطلوبة، تطوير النظام الانتخابي، إلغاء أو تعديل التشريعات المقيدة للحريات، تسوية أوضاع ضحايا مرحلة قانون أمن الدولة، إعادة النظر في سياسة التجنيس المتبعة، النهوض بالأوضاع المعيشية للمواطنين، تكريس مبدأ المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات. هذه موضوعات وطنية عامة تعني المجتمع كله، وليس المعارضة وحدها، حتى الكتل التي توصف بالموالاة في مجلس النواب قالت لنا أنها توافق عليها أو على جزء كبير منها.

ورغــم بعــض الخــلافـــات تجمعنـــا عـــلاقـــة تاريخيــة مــع جمعيـــة ” وعــــد ”
 
قال الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي حسن مدن أنه ‘ورغم بعض الخلافات، تجمعنا علاقة تاريخية مع جمعية العمل الوطني الديمقراطي تعود إلى المسيرة الكفاحية المشتركة بين جبهة التحرير والجبهة الشعبية، وهناك أيضاً علاقات قديمة مع تيار التجمع القومي ما زالت مستمرة وتتطور. ومنذ نشوء التيارات الشيعية المعارضة في الثمانينات كانت هناك أوجه تعاون بينها وبين التنظيمات الديمقراطية. لعل إطار التنسيق السداسي اليوم، الذي تشكل الوفاق قوة رئيسية فيه، هو تعبير عن استمرارية هذه العلاقة لأنه يضم التيارات الديمقراطية والإسلامية الرئيسية. ومن خارج هذا الإطار تربطنا علاقات تعاون وتقارب في الرؤية السياسية تجاه الوضع الداخلي مع جمعية الوسط، ونسقنا سوية في بعض الملفات.’
وأضاف’أما عن الخلافات فأغلبها عائد لاختلاف مصادر التكوين الفكري للتنظيمات القائمة، نحن ننطلق من قاعدة يسارية وآخرون ينطلقون من قواعد قومية أو إسلامية. الخ، وهذا يترتب عليه تفاوت النظرة نحو بعض المسائل، وهذه ظاهرة طبيعية لا نجد فيها ما يضير، فالأصل في الأفكار هو التباين لا التماثل، لكن مشتركات العمل كثيرة وواسعة ويجب تطويرها’.


وحول انتقاداتهم الكثيرة لجمعية الوفاق فيما يتعلق بمرجعيتها وتتهمونها بالوقوف خلف مرجعيات دينية وأنها سبب في كثير من التراجعات في العمل السياسي لدى المعارضة* ألا تعتقدون أن من حق الجمعيات السياسية الدينية أن تعتز بمرجعياتها الدينية باعتبارها قوة تحفظ شارعها قال’ للمرجعيات الدينية كل التقدير والاحترام، لكننا سياسيون نحتكم إلى قواعد العمل السياسي، وهي قواعد دنيوية يجب أن لا نسيء للدين بالزج به فيها.

على الدولة أن تصغي لما تطالب به القوى السياسية والمجتمعية

ودعا مدن ‘ الدولة أن تصغي لما تطالب به القوى السياسية والمجتمعية من مطالب لتطوير وتعميق الإصلاحات السياسية وصون الحريات لعامة والحقوق الديمقراطية ومحاربة الفساد المالي والإداري وحماية المال العام من العبث به ووضع حدود فاصلة وصارمة بين المال العام والخاص، وتلبية حاجات المواطنين الحيوية في السكن والأجور وسواها. هناك حاجة لتوافقات حول تعديلات دستورية جوهرية، وحاجة لإصلاح النظام الانتخابي وتوزيع الدوائر، وإعادة النظر في القيود التي تنطوي عليها التشريعات النافذة، والكثير منها وضع في مرحلة قانون أمن الدولة ومشبع بروحها’.

وتابع ‘هناك حزمة من الملفات التي تتحرك عليها قوى المعارضة بحاجة لتجاوب جدي من الدولة في العمل على حلها بينها ملف التجنيس مثلاً الذي اضطرت الدولة نفسها للاعتراف بمخاطره الأمنية والاجتماعية، كما يفهم من تصريحات وزير الداخلية أثناء زيارته الأخيرة لمبنى الهجرة والجوازات، حيث تحدث عن ضرورة مراجعة سياسة التجنيس المتبعة على ضوء المعطيات الأمنية، وهذا دليل على مخاطر هذه السياسة ليس فقط على الصعيد المجتمعي وإنما أيضاً على أمن الدولة ذاتها، لأن البيئات التي يأتي منها الكثير من المجنسين هي بيئات مفرخة لأفكار التطرف والعنف.’ 



 
الوقت – فاضل عنان
4 أكتوبر 2009