المنشور

منطق .. وآخر!!

عندهم هناك: ‘الكنيسة منفصلة عن الدولة، والمدرسة ـ الجامعة منفصلة عن الكنيسة’.. فتطوروا. أما عندنا، والقصد جل الدول العربية والإسلامية، نتجاهل الدور العلمي للمدرسة والجامعة بامتياز، ونركز على أمور أخرى ليست ذات أهمية، ومن ثم ننسج عليها قصصاً دون التوقف عند بعض المفردات والمفاهيم.. وهكذا، نبدو كما نحن، نعشق الرقص في الظلمة وحدنا ونرتعب من النور والتنوير، حتى صرنا نقف مع حركة ‘طالبان’ لأنها فجّرت 173 مدرسة، منها 105 مدارس تستقبل فتيات في إقليم سوات منذ العام ,2007 والحبل على الجرار، لأن هذه الحركة تريد تطبيق ‘الشريعة الإسلامية’ على طريقتها الخاصة، وفي السياسة نجد من يقف مع بن لادن ضد ‘كفّار’ مجتمعاتنا، لأن بن لادن ضد الامبريالية، حتى وإن كان هذا الإرهابي وتنظيمه ضد الإنسانية والحياة ومع الموت المجاني، بينما جل البشر منطقياً مع الحياة.
مناسبة هذه المقدمة، طالت أو قصرت، ما جاء في ملف ‘نهاية الأسبوع’ وإشارة إلى افتتاحيته حول افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، وما اعتبرناه نقلة متقدمة في السعودية لضخامة المشروع الأكاديمي العلمي، وما به من كسر للحواجز بين الجنسين في تلقي العلوم والمعرفة والحرية، فخرج علينا أحد المعلقين بأسئلة: ‘وهل تطور الجامعات بالاختلاط؟ إن كان كذلك فهذه جامعة البحرين الحصيفة والعتيدة، في تردٍ مستمر من سيئ إلى أسوأ؟ ألا تعتقد يا كاتبنا العزيز أن الاختلاط لا يؤدي سوى إلى الانحطاط؟’ انتهى التعليق.
كما تشاء يا أخي ‘دقدقني أبو الهريس’، هذه وجهة نظرك وقناعاتك وخشيتك من ‘الجرائم، الفضائح، الجنسية، والانحطاط’ الذي يسببه الاختلاط في الجامعات، ولكن تخيل أن يكون مجتمعاً في الألفية الثالثة كل شيء فيه مفصول بين الجنسين: العمل، المستشفيات، المدارس، الجامعات، المجمعات التجارية، والمنتزهات.. إلى آخره، هل ترى في هذا المجتمع البليد المنغلق على نفسه باستطاعته أن يمنع الرذيلة، ويوقف ما تسميه بـ’الفضائح الجنسية’، مع أنه ‘في كل بيت بالوعة’ كما يقول المثل الروسي؟.. ومن ثم هل كل من تخرجن من الجامعات العربية والعالمية المختلطة (المحجبات منهن والحاسرات)، من وجهة نظرك مارسن الرذيلة التي يشيب لها رأس الرضيع كما تفضلت؟.. إنك بهذا المنطق الظلامي تقسوا بالقذف الجارح على بناتنا وزوجاتنا وأخواتنا وأمهاتنا، الأحياء منهم والأموات!.
 
صحيفة اخبار الخليج
2 اكتوبر 2009