المنشور

مترو دبي والقطار الخليجي

حسب الصحافة أمس فان الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي محمد عبيد المزروعي توقع انطلاق القطار الخليجي في عام 2017 بتكلفة تقدر ب 25 مليار دولار، موضحاً بأن المجلس الأعلى لملوك وقادة دول المجلس التعاون الخليجي قد أقر المشروع. قال المزروعي أيضاً أن الأمانة العامة انتقلت إلى المرحلة الثانية حيث يجري وضع الدراسات التنفيذية التفصيلية للقطار المقترح، خاصة أن بعض الدول الخليجية بدأت في إنشاء قطار داخلي، وهذا يقودنا هذا للحديث عن مترو دبي الذي افتتح في موعده المحدد، وأنجز في فترة قياسية لا تتجاوز السنوات الأربع، هو واحد من أهم المشاريع التي تحسب لدبي ولدولة الإمارات العربية المتحدة، فهو مشروع استراتيجي من مشاريع البنية التحتية، التي تستحق أن يوجه الاستثمار نحوها، وهو بمقدار ما يلبي حاجات الحاضر، يتوجه نحو المستقبل، وهو وإن كان للجيل الحالي، فإنه يزيد مكسباً للأجيال المقبلة. إنه بالفعل من تلك المشاريع التي تمكث في الأرض، وتعود بمنافعها على مجمل الأداء الاقتصادي، فضلاً عن كونها وجهاً من وجوه الخدمات الحضارية التي تقدم للمواطنين والمقيمين والزائرين، التي من شأنها أن تعزز مكانة البلد المعني من وجهتي النظر السياحية والاقتصادية، وهو كذلك يضع دبي على خريطة المدن العالمية المتقدمة، التي من علاماتها شبكة المواصلات المتطورة التي يشكل المترو عصباً رئيسياً فيها، بما يوفره من وقت وجهد، وبما يتيحه من راحة، خاصة بالنظر إلى المواصفات العالية والأكثر حداثة في العالم التي شيد بها مترو دبي ومحطاته. في دبي اليوم شبكة ممتازة من الطرق والجسور والأنفاق، وسلسلة من الحدائق العامة المقامة بمواصفات جمالية وذوقية عالية، وفيها سلسلة من المدن المتخصصة في المجالات العلمية والأكاديمية والإعلامية والإلكترونية والطبية وسواها، ويأتي مترو دبي ليشكل إضافة نوعية لهذه المشاريع، فهو مكمل لها وملبٍ للاحتياجات التي تنشأ عنها، وهي احتياجات آخذة في التزايد. ولأن الحديث يدور عن القطار الخليجي فان مترو دبي يقدم درساً ثميناً لبقية دول الخليج، فمن المنطقي أن منطقة مثل منطقتنا تملك إمكانات مالية كبيرة، وعلى هذه الدرجة من التجاور الجغرافي، لا بل والتداخل أن ترتبط بمواصلات سريعة وحديثة، ويظل حلماً كبيراً في نفوس كل واحد من أبناء هذه المنطقة أن يربط بينها قطار سريع يختزل المسافات، ويدفع قدماً بمكونات التكامل الخليجي الفعلي، بل ويهيئ أرضية موضوعية لشكل من أشكال الاتحاد، كما هو حال الاتحاد الأوروبي. وحدة الاقتصاد هي قاطرة الوحدة الحقيقية، هذا ما برهنت عليه تجارب الوحدة في العالم كله، ولاشك أن مشروعاً حيوياً واستراتيجياً مثل القطار الخليجي سينجز من خطوات التداخل والتكامل الاقتصادي، والتواصل الإنساني بين دول المنطقة خلال فترة وجيزة تفوق في مفاعيلها أضعاف المرات مفعول رزم وركام الخطب والمشاريع المكتوبة على الورق خلال عقود من الزمن دون أن تجد طريقها للتنفيذ. أن خطوة عملية واحدة على هذا الطريق تعادل دزينة من البرامج غير المُفعلة.
 
صحيفة الايام
1 اكتوبر 2009