مثل لاتيني يقول “أينما وجدت البنياتا هناك العصا”. و”البنياتا” هي مجسم لأحد الحيوانات يكون مزيناً ومحشواً بالحلوى، وتعلق هذه الدمية في الاحتفالات ويضربها الأطفال وهم معصومي الأعين حتى تنكسر ويخرج ما بها من حلوى.
ذكرني ذلك المثل بما هو حاصل من إشكالية إسكانية في البحرين بشكل عام، فالأزمة الإسكانية الحالية المتمثلة في ”إسكان النويدرات” ليست جديدة ويبدو إنها ليست الختام.
فما أن يتم الإعلان عن البدء في مشروع إسكاني ما حتى تتلاحق الاعتصامات والتجمعات وتقطع الوعود أملاً في الحصول على قسيمة. ونحسب أن تلكم التزاحمات للحصول على وحدات سكنية ما هي إلا تراكمات ترسخت لدى المواطن البحريني البسيط الذي يسمع ويرى يمكن أن يكون قد عاش فترة انتظار طويلة لوحدة إسكانية، فالمواطنون وبسبب الوعود التي لم تتحقق –وما أكثرها- لا يجدون بداً من سحب الثقة من تحت رجلي وزارة الإسكان، وهم في ذلك معذورون.
بوصلة وزارة الإسكان يبدو إنها فقدت أو إنها كسرت وفي الحالتين فان في الأمر تدليل على تخبط الوزارة، فمشروع إسكان اللوزي الذي ظهر على السطح قبل أشهر قد وزعت وحداته الأولية حسب سياسة امتداد القرى والجزء الآخر وزعت للمواطنين حسب الأقدمية.
لم نشهد خلالها أبواق تزعق من المنابر تطالب بما تدعيه حقاً ولم نشهد حربا إعلامية وثائقية. بل جرى الأمر في هدوء، لماذا الآن إذاً؟. سياسة توزيع الوحدات السكنية يجب أن تحدد بآلية واضحة وبكل شفافية وتعلن إلى المواطنين والمستفيدين منها حتى قبل البدء في إنشاءها حتى يتعرف الجميع على حقه منذ البداية “ولا تضيع الطاسة”.
إسقاطا على ما يجري في مشروع اسكان القرى الأربع فإن البحرين للجميع سنة وشيعة، ويجب أن يعلن ذلك من السلطة السياسية في البلد، فلا يجب أن تكون المشروعات الإسكانية “كنتونات” للفئة وللطائفة، فهنا أرض بحرينية وهناك أرض بحرينية والمواطن لا يريد سوى حقه بعد انتظار دام سنوات، لا يريد تعاطفاً من أحد أو شفقة.
المشاريع الإسكانية التي تنشأها الدولة ليست منة على المواطن بل هي حق من حقوقه ويجب على الدولة أن تحترم المواطن وتكبح جماح “ضباعها”.
البحرين للجميع هكذا يجب أن يعلنها وزير الإسكان.
نشرة التقدمي سبتمبر 2009