لأن الانتخابات النيابية المقبلة التي بدأت رياحها تهب من الآن.. هي تاريخية ومفصلية وحيوية وحاسمة وتشكل مفترقاً بين اختيارات واتجاهات وتوجهات مفصلية في مسيرة البحرين المستقبلية، فقد توكلت على الله واستخرته وقررت الترشح لهذه الانتخابات مستقلاً عن كل ما تكتظ به الساحة من مشاريع وتحزبات واصطفافات عمودية وأفقية فئوية أو طائفية أو مذهبية أو سياسية متنافرة ومتناحرة أراها لا تنقد الحاضر ولا تصون المستقبل.
ليعلم الجميع أن الأخطاء والانحرافات المأساوية التي مرت بها التجربة البرلمانية الراهنة وحالة الفوضى وخلط الحابل بالنابل في الممارسة البرلمانية، كل تلك التراكمات تقف وراء قراري دخول المعترك الانتخابي، الى جانب قناعتي أن مراقبة أداء كثير من النواب الحاليين بعد أن أصبحوا منذ مدة موضع متابعة بالنسبة لنا ولغيرنا، خاصة النواب منزوعي الدسم أصحاب الأعمال قصيرة القامة، من الذين عهدناهم يتقلبون ويتشقلبون، ويتلونون ويتصايحون في غوغائية، ويدعون البطولة السقيمة، ويتبنون مواقف وخطابات وسلوكيات مزدوجة المعنى والمقصد، وبعد قراءة سياسية للواقع ولمتطلبات المرحلة المقبلة، فإنه بناء عليه وبالتعاون والتشاور مع الأصدقاء والمقربين وضعت برنامجاً انتخابياً يشرفني أن أعرض ملامحه الأولية على الناخبين الكرام وسأكون ممتناً ومقدراً ومرحباً ومنفتحاً على أي رأي أو ملاحظة في شأن هذا البرنامج لعلنا بذلك نمهد لصياغته النهائية، حيث يقينا أن هناك الكثير مما يمكن أن يضاف عليه، مع التأكيد أن موضوعات البناء والتنمية والإصلاح الاقتصادي، والإصلاح الإداري، وتفكيك منظومة الفساد ومواجهة اقتصاد الصفقات والعمولات والممارسات الفاسدة، إلى جانب كل القضايا التي تتعلق بالهم المعيشي للمواطن، تشكل جميعها مرتكزاً أساسياً في هذا البرنامج الانتخابي.. وبناء عليه وفي حال ما انتخبتموني لمجلس النواب أتعهد لكم بكل صدق وأمانة ومسؤولية بأن التزم نهج الشفافية والمصارحة مع أبناء الشعب، لكي أحقق ما التزم وأتعهد به وهو:
* الوقوف ضد مظاهر “البلطجة” السياسية التي باتت تمارس تحت شعارات فاضلة ونبيلة، باسم القانون تارة، وباسم الديمقراطية تارة أخرى، وباسم الوحدة الوطنية تارة ثالثة، وكذلك الوقوف ضد شخصنة المؤسسات والسلطات.
* من أجل البحرين، ومن أجل شعبها النبيل، ومن أجل المستقبل سأتبنى وضع خطة عامة لتجاوز آفة الطائفية في السياسة وفي الإدارة وفي المجتمع وفي وعي الناس وصولاً إلى إلغائها وتجريمها، وسأبذل قصارى جهدي لكي ينظر لها بأنها آفة كبرى تأكل الدين والوطن، وتسلم زمام الأمور إلى الانتهازيين من أرباب الطائفية الذين يسبحون بحمدها للمحافظة على مصالحهم، كما تسلم زمام الدين إلى أهل النفاق والشقاق، وتسلم المجتمع إلى أهل الانتهازية والفساد ممن لا يرون أن الطائفية فخ يجب تجنبه لا فرصة يجب استغلالها.
* إنني من خلال برنامجي الانتخابي أؤكد إيماني العميق بالحرية كمفهوم وهدف وسلوك وقيمة يعيشها المواطن تفكيراً وسلوكاً، كما أؤكد إيماني العميق بالديمقراطية التي في أساسها مفهوم سياسي واقتصادي واجتماعي وأخلاقي يستند إلى مبادئ المساواة والعدل والتطور والكرامة الإنسانية ونبذ كل ما يفرق بين أبناء الوطن الواحد، ليس ذلك فحسب بل إنني أرى أنه لا معنى للديمقراطية اذا لم يحاسب كل مسؤول في الدولة على ما فعل، لا حماية لأحد، ولا حصانة لأحد، ولا استثناء لأحد، وبناء عليه التزم بالعمل على كل ما يحقق بناء مجتمع يكون فيه الجميع مطمئنين الى يومهم وغدهم، لا خوف عندهم ولا قلق ولا هواجس ولا غبن ولا تفرقة ولا تمييز ولا إحباط ، الجميع يتجهون الى بناء ودعم مؤسسات الدولة وفرض سيادة القانون.. الجميع يعملون لتحصين الوطن من كل ما يشتت ويفرق ويباعد.
* إنني في برنامجي الانتخابي أعدكم بأنني سأواجه بكل حسم الأخطاء التي تراكمت في السنوات الماضية من قانون انتخابي مليء بالثغرات، الى التدخلات الرسمية، الى فصل السلطات الى الممارسات التي يستحيل معها ادعاء حيادية ونزاهة وكفاءة الممارسة النيابية، الى ما يتصل بقضايا من صحة وإسكان وتعليم وتنمية وتركيبة سكانية واقتصاد وعدالة اجتماعية وواجبات الدولة تجاه الطبقات الضعيفة، وسوء أداء وإدارة وإصلاح إداري، وبيئة وقضاء وتشغيل الطاقات العاطلة، وإنهاء عهد أهل الثقة لجعل أهل الخبرة والكفاءة والنزاهة في الصفوف الأولى وتحديد آجال البقاء في مواقع المسؤولية، ومنع كل من يستخدم الدين لأغراض سياسية مصلحية خاصة ضيقة، وجعل المواطنة هي الفيصل والأساس في كل مجريات عمل المؤسسات والوظائف والشؤون العامة وفقاً للقانون والدستور.
ذلك هو الجزء الأولي من برنامجي الانتخابي الذي أردته أن يكون برنامجاً وطنياً يقدم تصوراً توافقياً وخريطة طريق للمرحلة المقبلة ترد الاعتبار لهذه المؤسسة الدستورية ومكانتها، ولكنني وقد تحسبون أن هذا من مفاجآت السباق الانتخابي بعد أن ضربت الأخماس بالأسداس، وبعد أن وجدت أن الأجواء السياسية التي ستتصاعد وتيرتها بعد العيد لا تزال ملبدة بالكثير من الغيوم التي يبدو أنها تتجه الى المزيد من ضبابية الرؤية، ومن ثم الدوران في الحلقة المفرغة، فقد خلصت إلى أنه قد يكون من التهور المضي في قرار خوض المعترك الانتخابي المقبل لاسيما أننا نرى بوضوح أن هناك قوى وأطراف لازالت تغذي روح الإحباط والمشاكسة على صعيد الشأن العام، وبناء على رغبتنا وبكامل وعينا، فقد قررنا صرف النظر وطي فكرة الترشيح.. اعتذر لكم والمرجو أن تكون هذه الحقيقة قد وضحت للجميع وأن مجال خدمة الوطن واسع وفي كل المجالات.. !