المنشور

السياسات الفاشية

تتجسد المشكلات المركبة القومية الشوفينية في الشرق الأوسط أو المشرق العربي الإسلامي في حكومات مستبدة في إسرائيل وإيران وغيرهما، تجاوزت القمع العادي والاحتلال إلى القيام بالمذابح وتشكيل أنظمة الكراهية للبشر.
الفاشية الصهيونية هي مصدر الفاشيات في المنطقة، هي التي ولدت فاشية البعث والقومية والسلفية والآن الحرس الثوري الإيراني. هي الجرثومة الكبرى المنتجة لكل الجرائم.
إن أي تعليق لإحدى هذه الدول من عضوية النادي الفاشي هو تعضيد للمبنى الأساسي.
هو جر المنطقة لصراعات غير مبدئية.
هو جر المنطقة لصراعات المصالح الضيقة، هو غياب الانسجام الديمقراطي الإنساني، هو جعل الفاشية الصهيونية فوق الناس والدول، وهو أمرٌ سيجعل من “القاعدة” جرثومة صغيرة قياساً لما سوف يجيء من قواعد.
لابد من قيام تحالف دولي ديمقراطي إنساني لوضع حد لهذه الفاشيات، وأول واجباته هو إجبار الصهيونية على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بالقوة.
ومن دون ذلك هو الخراب.
إننا نعي بأن الأطراف الغربية تمثل مصالح رأسمالية كبرى هي بطبيعتها مخاصمة لشعوبها العاملة ولطبقاتها الفقيرة، ومتضافرة في المصالح مع الشركات الكبرى اليهودية ومراكز النفوذ فيها، ولكن عليها أن تتمتع بعقلية ديمقراطية على المستوى العالمي البعيدة المدى، وعليها أن تمثل طبقاتها العاملة كذلك في المجال الدولي، وأن استثناء الصهيونية وإسرائيل من التحليل الموضوعي وعدم رؤية القوى الفاشية فيها، وضرورة ضربها، سوف يؤدي إلى خسائر على كل الأصعدة: الاقتصادية والسياسية والثقافية للغرب بمختلف قواه الاجتماعية.
إن هذه القوى هي التي تقوي الفاشيات القومية والدينية في المنطقة، وعليها تتعكز.
إن المسألة ليست معاداة للأديان والمذاهب، ولكن للقوى العسكرية التي تقف وراء أقنعة هذه المبادئ السامية، وتؤجج الصراعات بين الشعوب لتبقى على سلطاتها ولتؤجج الكراهية بين الشعوب والأديان. وكل من هذه الدول تعيش على فاشية الدولة الأخرى، في عملية تهديد جماعي للسلم والحياة في المنطقة، وغياب أي طرف منها سوف يضعف الأخرى، وهزيمتها كلها سوف تقوي الحياة في المنطقة.
إن الدول الغربية بمستوى قراءتها السياسية الراهنة لا تعكس القوى الشعبية الواسعة في دولها، وهي تمثل قراءات شكلية فوقية استغلالية محدودة الرؤية، مثل القراءات التي جابهت هتلر في 1933، وهي تتصور أن منطقة الشرق الأوسط محدودة وصغيرة وغير قادرة على تفجير حرب عالمية ثالثة، لكن ذلك وهم مثل وهم رئيس الوزراء البريطاني في تلك السنة المشؤومة السابقة الذكر.
إن تشكيل حلف ديمقراطي إنساني لمواجهة الدول الاحتلالية ولإجبارها على الانسحاب سوف يهزم الفاشيات القومية والدينية في المنطقة.
إن صراعكم الكبير ضد طالبان والقاعدة هو جهد عظيم مشكور ولكنه بلا فائدة من دون هزيمة الصهيونية الاحتلالية، فيجب أن تتطوروا إنسانيا وديمقراطيا وأن تروا في الصهيونية طالبانية يهودية كذلك. وحين تفعلون ذلك سوف تضربون مخلتف أنواع الطالبانيات في المنطقة.
وحين لا تقومون بذلك فليس معنى هذا إن الإنسانية هُزمت بل سوف تظهر قوى سياسية شعبية في بلدانكم أكثر تبصراً للنضال العالمي، وسوف تعمل على النضال المشترك ضد الفاشيات المتعددة، بل معنى هذا أن المصالح التجارية والاستغلالية هَزمتْ المثلَ الإنسانية فيكم.
إن النضال الديمقراطي الإنساني هو جهود بشرية مشتركة، وأن تراجع قوى تلك الدول عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، وعن تصدير المجازر والاغتيالات إليها، والانسحاب من الأراضي التي احتلتها، هو المطلوب، وحين تفعل ذلك تبقى مشاكلها مع شعوبها، ولن تكون الدول الأخرى معنية بمحاربتها وهزيمة سياستها الداخلية.
إن حكومات الدول العربية حين تتجاهل هزيمة الفاشيات بشكل مشترك، وتناور مع هذا الطرف أو ذاك، سوف تخسر المعركة كلها، لأن المعركة معركة مبادئ ديمقراطية وإنسانية، وأي تنازل سوف يلغي الصراع المشترك الجماعي مع التمددات خارج حدودها والمؤدية إلى سياسات دموية.
وأي احتضان لأفعى ووضعها في الجيب وتدفئتها واستخدامها لن يقود سوى إلى انتشار السموم في المنطقة.
حتى مسألة وصول إيران إلى السلاح النووي يجب ألا تفجر الأعصاب لدرجة وضع الثعبان الصهيوني في الجيب الخليجي، فالسلاح النووي هو نفسه قيد على من يملكه وتدمير لبلده.
ولكن تشكيل جبهة التحالف ضد الدكتاتوريات وإجبارها على الانسحاب من الأراضي المحتلة، وعدم التدخل والتوحش في شؤون الدول الأخرى، وتكوين تعايش سلمي بين كل دول المنطقة هو الهدف المباشر الذي يجب إيجاده بكل الوسائل.

صحيفة اخبار الخليج
23 سبتمبر 2009