المنشور

نعم لمراجعة سياسة منح الجنسية

لنقرأ معاً شيئاً مما صرح به سعادة وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة حول مراجعة بعض الإجراءات الخاصة بمنح الجنسية البحرينية “إن شرف حمل الجنسية البحرينية يناله من يستحق هذا الشرف، وفي ظل المستجدات الأمنية والسياسية والاقتصادية فإننا نقوم بمراجعة سياسة منح الجنسية، وأن هذا الأمر خاضع للتقييم من قبل الوزارة، وهذا يشمل إجراءات منح الجنسية وإصدار الجوازات، وهذا الأمر يحكمه وينظمه قانون الجنسية الذي يعد من القوانين التي تطلبت اشتراطات متشددة لمنح الجنسية البحرينية ومن ذلك ما تطلبه القانون من مرور فترة إقامة تبلغ خمسة عشر عاما للعربي وخمسة وعشرين عاما للأجنبي، مشددا على أهمية المراجعة الدقيقة في جميع مراحل وجوانب هذا العمل المهم سواء كانت قانونية أو أمنية أو إدارية” نكتفي بما ورد في سياق حديث سعادة الوزير حول قضية هي من الحساسية بحيث أصبحت بفعل كل ما ذكر من معطيات سياسية وأمنية واقتصادية تحتل أهمية قصوى لجموع المواطنين في هذا البلد الذي يتميز بمحدودية موارده وشحة أراضيه وصغر مساحته الجغرافية وتجاهد قيادته السياسية وشعبه معا في سبيل حلحلة قضايا أصبحت هما مؤرقا للجميع مثل قضايا الإسكان والبطالة والضغط المستمر على الخدمات كالتعليم والصحة والكهرباء والماء، حيث توجه الميزانيات الضخمة سنويا لإجراء حلول جزئية تبقى عاجزة عن إيجاد ما يرضي طموح المواطنين، وتتميز بنسبة نمو سكاني جعلت من البحرين واحدة من أكثر دول العالم نموا في السكان. نثمن عاليا مراجعات وزارة الداخلية لهذا الشأن، ونتمنى أن يستمر التعاطي بجدية مع قضية منح الجنسية وما تعنيه من مصاعب جمة، خاصة وأن السنوات العشر الأخيرة كانت قد شهدت تنامي معدلات ونوعية الجريمة، وفرضت بدورها على البلاد أن تتعايش على مضض مع وضع لم تألفه طيلة العقود الثلاثة التي تشكلت فيها ملامح الدولة الحديثة منذ خروج المستعمر الأجنبي. وهنا لن نعيد ما سبق وتحدثت وجادلت حوله مختلف القوى السياسية حول هذا الموضوع، وها هو الرجل الأول المسؤول عن أمن البلاد يجد ضرورة مراجعة تلك السياسات من مختلف جوانبها، فليكن ذلك بداية التعاطي الايجابي مع قضية طالما شاغلت وشغلت الحكومة والرأي العام، وخير للبحرين وشعبها أن يأتي الحل ولو متأخرا من أن لا يأتي بالطبع! شخصيا أتفهم جدية توجهات سعادة وزير الداخلية في التعاطي مع هذه المسألة الهامة والحساسة، فهو الرجل الذي تضطلع وزارته بدور محوري في التعاطي مع ما اسماه بالمستجدات الأمنية، فقد تزايدت معدلات الجريمة وكثرت الخلايا الإرهابية النائمة والمتيقظة، واصبح لها امتدادات تجاوزت حدودنا الجغرافية، من هنا فان اجتراح ما يمكن أن نعول عليه من حلول هي ليست عصية على الفهم والاستدعاء، فهي واضحة وجلية ومن يقصدها لن يخترع العجلة بكل تأكيد ولكنه حتما سيصنع تاريخا جديدا وعهدا منتظرا يعيد لنا الثقة والأمل في الحفاظ على أمننا الوطني ولحمة شعبنا. أمر آخر مهم، يجب أن نتفهمه ونحن نعول على جدية التوجهات الجديدة لوزارة الداخلية، وهو أن معالجة قضايا منح الجنسية لا يمكن بأي حال أن تكون مسؤولية حصرية لوزارة الداخلية، بل هي مسؤولية اشمل وأكبر من ذلك بكثير، حيث يتداخل فيها ما هو سياسي بما هو اقتصادي بما هو أمني ومجتمعي أيضا، وهي مسؤوليات كما نلاحظ تتحملها عدة جهات تتوزع مسؤولياتها بحسب ما يبينه قانون الجنسية البحريني، الذي يجب أن ينسجم مع ما جاء في الدستور بهذا الخصوص حتى يضمن مشروعيته بالدرجة الأولى. بعيدا عن أية إسقاطات أخرى، تبقى مسؤولية مراجعة سياسات منح الجنسية مهمة ملزمة لمن يعنيهم الأمر، وهي لذلك لا تحتمل لغة الشعارات أو ردود أفعال ولا حتى المزايدة، فهي من الأهمية بحيث لا يمكن أن تستتب الكثير من الأمور من دون وضع حلول لا تنقصها الشفافية والوضوح، وتكون محل مراقبة جادة من قبل الجهات المعنية، عطفا على ما صاحب تطبيق تلك السياسات في السابق من ملاحظات استدعت بدورها ما صرح به الوزير المسؤول، بضرورة وضع المعالجات المطلوبة بالنظر إلى ما اسماه من مستجدات أمنية وسياسية واقتصادية..
 
صحيفة الايام
20 سبتمبر 2009