­

المنشور

بين ترسيب نور وتكفير المعاودة

استمرت الجامعة في الدفاع عن موقفها الرافض لمعالجة قضية الطالبة نور حسين، واعتبار ما حدث هو جزء من تطبيق القانون واللوائح الجامعية عليها، بسبب مخالفتها لنصوص صريحة تنظم علاقة الطالب بجامعته.
المشكلة في جامعة البحرين أن لوائحها وقوانينها متأثرة جدًا بالنظم العسكرية، على اعتبار أن العديد ممن رأسوا الجامعة هم أصلا رجال عسكريون، وساهموا في فترات عديدة في تعديل القوانين وضبط اللوائح لتتناسب مع مرحلة كان يغلب عليها الطابع الأمني.
ومع الاحتفاظ بقيمة أنظمة العسكر الصارمة التي تخرّج سَرَية منضبطة وملتزمة بأوامر شيخها أو قائدها، إلا أن مثل هذه الأنظمة لا يجوز تطبيقها على طلبة جامعيين ينظر إليهم الناس على أنهم صفوة المجتمع وهم كذلك.
فالطالب يجب أن تطلق له الجامعة وأنظمتها العنان للمراجعة والتفكر والنقد والتدبر، وكلها أفعال تعتبر أساسية لإيجاد مادة الإبداع الذهنية، فإذا كان الطالب منمطا ومدجنا بـ «كما رأينا عليه آباءنا أو رئيس جامعتنا فذلك ليس تعليمًا جامعيًّا وإنما جاهلية متخلفة».
طلبة جامعة البحرين مدعوون للدفاع عن زميلتهم بشتى الوسائل الإعلامية المؤثرة، ويجب أن تشمل مسيرة الدفاع عن نور حسين فتح قنوات جديدة للانتقاد وحرية التعبير، فالمنطق أن تسود لغة النقد والمراجعة، لا أن تسود لغة التخويف والترهيب والتنميط العسكرية.
أما النظام الجامعي العسكري «المفروض تغييره» في حقبة الإصلاح السياسي، فما زال هو المهيمن على العقلية الإدارية للجامعة ولا زالت أياديه تمتد للأنظمة الإدارية والتنفيذية، ذلك بسبب موقع أولئك العسكريين من المنظومة التعليمية، إلى جانب ضعف الإدارة الحالية لجامعة البحرين، التي لم تخلُ هي الأخيرة من نفوذ أصحاب الأجندات السيا-دينية.
والمشكلات دائمًا هي ذات ارتباط بجماعات سياسية – دينية، فقد اُختطفت الجامعة كما تم اختطاف مؤسسات غيرها في الدولة من قبل جماعات متشددة، وإن تعصب مثل هذا الجماعات أيضًا هو الذي يدفع إلى اتخاذ قرارات متعصبة لا ينظر متخذوها في تبعاتها بقدر ما ينظرون إلى أن تُرضي عصبيتهم بشتى أنواعها.
إن استمرار التوجه في البحرين نحو تغذية تلك الجماعات وتمكينها لن ينتج فقط مشكلة واحدة كمشكلة نور وإنما سينتج مشكلات ستستمر باستمرار تنفُذها في مواقع القرار أو تحكّمِها فيمن هم في موقع القرار والمثال في المنظومة التعليمية واضح للمتتبع.
التشدد الذي تغذيه وتمكنه بعض الجهات السياسية النافذة وصل حتى لتكفير الشيخ عادل المعاودة؟!، فضلاً عن أن تمكين جماعات متدينة ومتشددة من القرار يضعف الواجهة المدنية للدولة، ولكم القرار.
 
صحيفة البلاد
15 سبتمبر 2009