المنشور

السعيدي وعقاب نور حسين

سيخرج علينا كثير من أماكن عدة ليقولوا إنه القانون الذي استندت عليه جامعة البحرين لعقاب الطالبة نور حسين بجرة قلم، عندما قررت الجامعة ترسيبها في مواد الفصل الثاني رغم إنها تجاوزتها بنجاح. وسيوجه آخرون الشكر للجامعة العتيدة لأنها لم تفصل نور فصلا نهائيا كونها وزعت بيانا صادرا عن قائمة الوحدة الطلابية بمناسبة الخامس والعشرين من فبراير الذي يصادف يوم الطالب البحريني.
النائب السلفي المستقل جاسم السعيدي، وكعادته لم يفوت فرصة التعليق على الحملة المضادة لقرار الجامعة، فأسهب في مدح القرار وكأنه يقول إلى نور وأصدقائها: احمدوا ربكم أن نور لم تفصل نهائيا من الجامعة!!
هكذا يتصرف نائب الشعب: البحث عن كل ما ينغص ويفرق بين الناس، مستفيدا من حصانته النيابية التي لن تسقط بقرار من النواب، بسبب تركيبة المجلس النيابي والاصطفاف الطائفي والفئوي الذي يعاني منه الناخبون، وبسبب عدم قناعة أغلب النواب بإسقاط الحصانة.
السعيدي هذا التزم الصمت المطبق عندما تم الإعلان عن تورط بعض الحاصلين على الجنسية حديثا في قضايا ‘’إرهابية’’ ووجهت أصابع الاتهام لهم بمحاولة تفجير مواقع حساسة في بعض دول مجلس التعاون، ولم نسمع للسعيدي (لاحس ولانس) دفاعا عن الأمن الوطني والسلم الاجتماعي، فهذا لايبدو أنه في وارد الأجندة السعيدية، لكنه سارع إلى إدانة الطالبة الجامعية نور حسين لأنها وزعت بيانا يدعو إلى تطوير واقع الطلبة في الجامعة ويدعو إلى المزيد من الحقوق الطلابية المشروعة. هذا البيان يشكل في عرف نائب مثل السعيدي قمة الإخلال بالقانون، أما تعريض أمن البحرين ومجلس التعاون للخطر فهو لا يرتقي حتى إلى (صلاة النوافل) لديه.
لكن الحجة ليست على النائب السعيدي، بل على جامعة البحرين التي رغم المستويات الأكاديمية لقياداتها، إلا أنها لا تتجاوز السعيدي في طريقة تفكيرها وقرارها لعقوبات شديدة بحق كل من يحمل قرطاساً ويوزعه على الطلبة، بالضبط مثل ما اعتبر النائب السعيدي أن قرار الجامعة يشكل ‘’رادعا لبقية الطلاب حتى يلتزموا باللوائح والأنظمة المعمول بها في الجامعة’’، حسب بيان السعيدي المنشور في الصحافة أمس.
لقد ارتكبت جامعة البحرين أخطاء شنيعة، وذهبت بعيدا في عقوباتها التي تذكر بأيام قانون تدابير أمن الدولة، التي قبرته مبادرات جلالة الملك في الانفراج الأمني والسياسي العام ,2001 وكأن قيادة الجامعة لم تقرأ أو أنها لم تفهم فحوى الخطابات الملكية الداعية لمزيد من التسامح وتطبيق روح القوانين بما يعزز هامش الحريات العامة في البلاد.
الوقت لايزال مبكرا لأن تبادر الجامعة إلى إعادة النظر في العقوبة التي فرضتها على الطالبة نور حسين وإعادة الاعتبار للمكانة الأكاديمية التي يفترض أن تتمتع بها الجامعة، كحاضنة للتفكير الإبداعي على المستويات الأكاديمية والثقافية والفكرية، ونبذ أسلوب الأوامر والتلقين الذي غادرته الدول الباحثة عن التطور والتحديث المجتمعي.
 
صحيفة الوقت
15 سبتمبر 2009