المنشور

نور حسين وعقاب جامعة البحرين

بدا قرار جامعة البحرين بحق الطالبة نور حسين شديدًا على غير العادة، فالطالبة التي ارتكبت جرم توزيع بيان طلابي يعبر عن هموم شريحة من المجتمع، والتي رفضت التوقيع على محضر للجنة تحقيق كتب فيه ما لم تقله وشطب منه ما سألت عنه من انتماءاتها السياسية والآيديولوجية، كان جزاؤها أن تحذف درجاتها من الفصل الدراسي الماضي كاملةً على رغم نجاحها فيها.
موضوع نور لم يعد شخصيًا، ولم يعد يعنيها وحدها، بل يعني آلاف الطلبة المنتسبين إلى جامعة البحرين، الذين قد يتعرضون للموقف ذاته أو ربما موقف شبيه، نتيجة نقص درايتهم بقوانين الجامعة وأنظمتها الكثيرة والمتشعبة.
لكن اللافت أن من ترأس لجنة التحقيق هو مسؤول في دائرة التوجيه والإرشاد في الجامعة، ومع ذلك لم تتضمن توصيات إدارة الجامعة تجاه نور أية توجيه أو نصيحة أو إرشاد، بل قرارًا قاسيًا جاء نتيجة ما وصفته الجامعة بأنها «لم تبدِ ندمًا ولا أسفًا تجاه فعلتها تلك».
التعبير عن هموم الطلبة ومشكلاتهم وهواجسهم أمر طبيعي داخل الحرم الجامعي وخارجه، إذ لا توجد مؤسسة كاملة خالية من النقصان. كما أن حرية التعبير عن الرأي مكفولة بشروط وأسس. ربما تكون اللغة المستخدمة في البيان غير موفقة، غير أن مضمونه لم يكن سيئًا، بل واقعًا يعيشه الطلبة في جامعة البحرين، في كلية العلوم التطبيقية ومستقبلها الغامض، وفي خفض الدرجات المعروف بـ «الكيرف داون»، وفي قلة صلاحيات مجلس الطلبة، وغيرها مما شمله البيان.
وإن كان توزيع البيان خطأ، فإن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر منه؛ إذ يمكن نصح نور وتوجيه اللوم لها، ثم توقيعها على تعهد بعدم توزيع بيانات شبيهة داخل الحرم الجامعي الذي يمنع مثل هذه الأمور، ثم اتخاذ قرار أكثر صرامةً وشدةً لو عاودت التكرار. ولكن أن يتم اتخاذ قرار صارم بهذه الطريقة منذ المرة الأولى فذلك يثير علامات استفاهم متعددة لدى الطلبة.
فبعض الطلبة يرى أن عقاب نور رسالة من إدارة الجامعة لكل من تسول له نفسه الاختلاف مع الجامعة أو توزيع بيانات طلابية شبيهة، وخصوصًا أن الجامعة قد اكتفت بتأنيب الطلبة الذين يوزعون أشرطة ومنشورات دينية ليست الجامعة هي المكان الأمثل لها، فقد اتخذت قرارًا شديدًا تجاه طالبة جلّ ما فعلته توزيع بيان آمنت بمحتواه الذي يعني كل الطلبة.

صحيفة البلاد
11 سبتمبر 2009