المنشور

بيان هموم الطلبة… يحرم الجامعية نور حسين فصلاً كاملاً…

“لو كانت نور محسوبة على جمعية سياسية ذات ثقل في مجلس النواب، فهل ستكون ردة فعل إدارة جامعة البحرين تجاهها مشابهة؟ أم أن نور هي كبش الفداء الذي تستخدمه الجامعة لترهب بقية الطلبة وبقية القوائم الطلابية التي لا تعترف الجامعة بها، وكل من يفكر في توزيع بيان طلابي أو استنكاري لاحق؟”.
بهذه التساؤلات فتح أحد الناشطين الطلابيين الحديث عن موضوع الطالبة بكلية إدارة الأعمال نور حسين، التي باتت تشغل الأوساط الطلابية محليًا، بعد أن اتخذت إدارة جامعة البحرين بحقها قرارًا تأديبيًا يحرمها حق التخرج من الجامعة هذا العام، على رغم حصولها على درجات عالية، بعد أن قررتْ إلغاء تسجيلها في مقررات الفصل الدراسي السابق كاملاً.
بدأت حكاية نور حسين بتوزيع بيان طلابي في جامعة البحرين موقّع من قائمة الوحدة الطلابية، وهي قائمة طلابية شأنها شأن الكثير من القوائم الطلابية الموجودة في الجامعة الوطنية، والتي لا تعترف الجامعة بوجودها، حيث تنشط هذه القوائم غالبًا فترة الانتخابات، وتعود إلى الهدوء بعدها.
البيان الذي كتب بخليط بين اللغتين الفصحى والعامية لم يغفل في مضامينه ما احتواه عنوانه من هموم طلابية تنخرط تذمرًا واستياءً من قوانين جامعة البحرين، التي من بينها إنشاء كلية التعليم التطبيقي، وازدحام التسجيل في كل فصل، وتقليص صلاحيات مجلس الطلبة، ليفتح باب مطالبه بالأخذ بما تعيشه مملكة البحرين في ظل المشروع الإصلاحي، ووجوب انعكاس ذلك على البيئة الجامعية وتوسيع هامش الديمقراطية، وإفساح المجال لحرية العمل الطلابي.
على رغم أنها سبق لها الترشح في انتخابات مجلس الطلبة، إلا أن نور لم تكن تعلم في الوقت ذاته بقرار الجامعة بحظر توزيع المنشورات الطلابية، وهو الموضوع الذي استدعتها من أجله لجنة تحقيق ضمت مسؤولاً من دائرة الإرشاد والتوجيه وأحد أساتذة الحقوق ومقررة اللجنة؛ لتطرح على نور عددًا من الأسئلة المتعلقة بالبيان، وقائمة الوحدة الطلابية، وسألوها عن مدى تأييدها البيان؟ وعن انتماءاتها الفكرية والآيديولوجية وتلك المتعلقة بالجمعيات السياسية الأخرى خارج الجامعة.
هذا الموضوع أعلاه اعتبرته نور – التي تشع شبابًا كمسماها – تدخلاً في شؤونها الخاصة، فتوجهاتها السياسية لا تعني الجامعة بقدر ما تعنيها التزامها كطالبة بقوانينها وقواعدها، ليتم على خلفية ذلك استدعاؤها بعد عدة أسابيع لتوقيع محضر تحقيق يقول ما لم تقل، ولتسأل بكل براءة مقررة المحضر عن الجزاء الذي يترتب على عدم التوقيع على المحضر؟ فكان الرد: لا نعلم.
توقعت نور أن تنتهي الحكاية عند هذا الحد، توقيع انذار وإجراءات ورقية، فالموضوع برمته لا يستحق الكثير، ولكنها فوجئت بعد نحو شهرين باستلامها رسالة جزاء تفيد حرمانها من درجات الفصل الدراسي الذي قضته وعدم احتسابه ضمن فترة التسجيل؛ ما يعني أن عليها إعادة دراسة المواد وتأخر تخرجها لفصل دراسي آخر، وهو مارفضته نور، فسارعت في كتابة رسالة إلى رئيس الجامعة، تلتمسه النظر في أمرها، فمخالفتها أحد قوانين الجامعة بتوزيع منشور طلابي لا يستدعي هذا الجزاء الشديد، وخصوصًا مع عدم معرفتها المسبقة بعدم قانونية الموضوع.
تقول نور لـ “البلاد”: “وعدني رئيس الجامعة خيرًا، ودعاني إلى الاستمتاع بعطلتي، وخصوصًا أنه قد مر على الجامعة حالات شبيهة بقرارات إدارية بعقاب شديد تم تخفيضه لاحقًا، غير أني حين ذهبت لاستلام جدولي الدراسي الأخير زرتُ رئيس قسمي ليخبرني بالصاعقة: تثبيت القرار عليّ. لماذا تساءلت؟ ليأتي الجواب باردًا كالعادة: لأنكِ لم تبدِ ندمًا وأسفًا على ما فعلته، وأنكِ أصررتِ على رأيك”.
نور لم تصر على رأيها في مخالفة قوانين الجامعة، وأكدت أنها لن تقوم بتوزيع البيانات من جديد، ولكنها تصر على رأيها في ما يتعلق بالأخطاء الموجودة في الجامعة، والتي يعاني منها الطلبة وتلامسهم مباشرة، والتي تضمن البيان جزءًا مهمًا منها.
وبذلك تم تطبيق القرار رقم 6 على نور، والذي جاء فيه “جاء ذلك بعد قيامها بتوزيع أوراق تتضمن إساءات الى الجامعة وإدارتها وتتضمن اثارة الطلاب ضد انظمة الجامعة، والطالبة المذكورة لم تبدِ ندمًا او أسفًا لمضمون هذه الاوراق بل ابدت اصرارها على اصدار اوراق مماثلة. لذا اوصت لجنة التحقيق في المخالفات المسلكية خارج مباني الكليات بتطبيق الفِقرة (ط) من المادة (3) من لائحة المخالفات المسلكية لطلبة جامعة البحرين ولذا اوصت لجنة التحقيق بإلغاء تسجيل الطالبة في مقررات الفصل الدراسي الثاني 2008/2009 استنادًا الى المادة (3) الفِقرة (ط)”.
يبدو أن هذا القرار أثار عددًا من طلبة الجامعة وكلية إدارة الأعمال تحديدًا، إضافة إلى مجموعة أخرى ليسوا من طلاب الجامعة، والذين وجدوا كلهم في قرار الجامعة إجحافًا بحق طالبة جلّ ما فعلته هو توزيع بيان طلابي يتضمن شيئًا من هواجس الطلبة ومشكلاتهم، فقد أنشأ مجموعة من الشباب مجموعة على موقع الفيس بوك سجل فيها حتى أمس أكثر من 550 شخصًا، كلهم يناصرون قضية نور التي باتت تؤرقهم، وتجعلهم غير قادرين على التنبؤ بتصرفات الجامعة تجاه الطلبة، وخصوصًا الناشطين في العمل الطلابي.
كما انتشر الموضوع في غالبية المنتديات الطلابية الخاصة بجامعة البحرين، والجامعات الخاصة والمنتديات البحرينية العامة أيضًا، وتفاعل معها العديد من الجمعيات الشبابية والحقوقية والشباب والطلبة ممن يرون أن نور لا تستحق هذا العقاب الشديد، وأن على جامعة البحرين مراجعة هذا القرار وتخفيفه على نور، ولاسيما أنه تبقى لها فصل دراسي واحد على التخرج.
 
صحيفة البلاد
10 سبتمبر 2009