المنشور

آلية إنتاج طبخة «العجة»

بما أننا في شهر رمضان الكريم، والمأكولات ‘سيدة موائد المترفين’، الذين يعيشون في دول ‘مترفة لبضع سلة آلاف من البشر’ تدعي صبح مساء بالغنى والاكتفاء الذاتي، لكنها في الحقيقة، لو تضرب طولها في عرضها لا تنتج وجبة ‘فطور’ واحدة، تسد رمق جوع غالبية شعبها قليل السكان، كثير ‘المنطق الوعظي الأفلاطوني’، وفق الباحث العراقي علي الوردي، الذي يعتبر هذا المنطق في كتابه الشهير ‘وعاظ السلاطين’: بأنه ‘منطق المترفين والظلمة’.
بما أننا في شهر رمضان الكريم، ويحلو لكثير منا أكل ‘أقراص العجة المقلية، أو المحشوة باللحم المفروم’، اللبنانية، أو الإسبانية، فقرأت مقادير هذه الطبخة لأربعة أشخاص، بعد أن استفزني مقال ساخر، رائع، ينبض بالوجع وينطق بلسان بناء نصف الحقيقة ويُغيّب نصفها الآخر عندما يبرئ إيران من عدم التدخل في الشؤون اللبنانية ويستثنيها دون سواها، فيما يصب غضبه على دول أخرى، كتبه الكاتب الصحافي إبراهيم الأمين، في صحيفة ‘الأخبار’ اللبنانية، الأربعاء 19 أغسطس/ آب الجاري، بطريقة إنتاج طبخة ‘العجة’، التي استخدمها في تسويق أفكاره رغم الاختلاف معها..
على كل حال، حصلت على تعريف آلية إنتاج ‘العجة’ بعد ‘غوغلة’ دعسة زر في النت، وهي كالآتي: ‘نصف كوب من البقدونس المفرومة فرماً ناعماً، 6 بيضات، نصف كوب من البصل المقشر والمفروم فرماً ناعماً، ربع كوب من الطحين، حبتان من الكوسة مفرومتان فرماً ناعماً (حسب الرغبة)، حبة من الفليفلة الخضراء مبشورة، نصف ملعقة شاي من الملح (حسب الرغبة)، ربع ملعقة شاي من البهار المطحون (حسب الرغبة)، ربع ملعقة شاي من الفلفل الأحمر الحريف المطحون (حسب الرغبة)، نصف ملعقة شاي من ‘البايكنغ باودر’ قليل من بشر الليمون الحامض، كوبان من الزيت النباتي’.
أما طريقة التحضير لطبخة ‘العجة’، فعلى القارئ الكريم أن يبحث عنها إن اشتهى.. سياسياً، وبخلاف ما يطرحه الأمين في تعطيل أو عدم تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، فإن الكل يلعب بما فيهم إيران وغير إيران، والتشكيل هناك يحتاج على ما يبدو إلى ‘توافق عربي، دولي طائفي’، وكذا الحال أيضاً، هناك محاولات جر العراق إلى مياه الرجعية الطائفية لـ ‘إنتاج عجته ضمن تشتيت مكوناته’ على الطريقة: ‘الأميركية، الإيرانية، السورية، السعودية، الأفغانية، الصومالية’، أو بقايا البعثية، أو نظام الإمارة الإسلامية ‘القاعدية’، وإن شئنا الميليشيات الشيعية وتوابعها ‘دون صفار البيض’، في بلد غني بخيراته المادية والبشرية، لكن شعبه فقير.. ولا أحد يسأل لماذا؟.
أما المفارقات المضحكة ـ المبكية، تكمن في ‘العجة اليمنية’، وهذه العجة، في هذا البلد الذي يعتبر من أفقر بلدان العالم، لا تُطبخ إلا على نار شديدة السخونة تذيب الفولاذ، ومقادير وصفتها: بضع مقاتلات من طراز ‘ميج’، ومدافع محشوة بقنابل تُفرم الحجر والبشر، وبضع رصاصات لصيد الأرانب البرية، وغازات سامة لقتل ‘الحشرات’ من الفئة الضالة، وشيء بسيط من القصف البري والجوي المكثف لقتل ‘الأعداء’ في صعدة الشمالية، وفي الضالع ويافع وخور مكسر بالجنوب.
 
صحيفة الوقت
28 اغسطس 2009