المنشور

أين نحن من خيار الطاقة البديلة ؟!

في محاضرة له بجامعة النيل بالقاهرة منذ عدة أشهر حول الطاقة البديلة والمستقبل، ركز وزير النفط السعودي السابق الشيخ أحمد زكي يماني على أهمية أن تلتفت دولنا العربية إلى ما يدور في العالم المتقدم تحديدا من توجهات محمومة باتجاه خلق بدائل لمصادر الطاقة التقليدية في العالم والتي من بينها النفط والغاز والفحم، والاتجاه بدلا منها نحو تكنولوجيا الطاقة البديلة المعتمدة على الشمس والرياح والطاقة النووية. كما أوضح اليماني أن دولا من بينها مصر والمملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى تمتلك مواصفات مثالية لإيجاد بدائل أكثر جدوى من بينها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية، والتي يمكن لدولنا أن تتحصل منها على مخزون هائل لا يمكنه أن ينضب، وذلك بالاستفادة من طبيعة مناخ وجغرافية دولنا للاستثمار في مثل تلك التكنولوجيا التي هي حتما خيار المستقبل. وكنا قد تابعنا كيف أن الرئيس الأمريكي “اوباما” قد أكد في خطبه إبان حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة وحتى بعدها، على ضرورة الأخذ بمثل هذا التوجه، الذي أصبح مهيئا لتستثمر فيه الولايات المتحدة الأميركية تريليونات من الدولارات من الآن فصاعدا باعتباره هدفا استراتيجيا لا رجعة عنه، فها هي مجموعة الدول الأوروبية التي تعتمد في الوقت الراهن على بدائل الطاقة بنسبة تفوق 55%، تسعى للتخلص التدريجي من هيمنة النفط والغاز على مجمل سياساتها الاقتصادية والتنموية، علما بأن دولنا العربية تحوز ما يفوق ثلث معدل الاستهلاك العالمي من تلك السلع، كما أنها مصدر أساسي لمواردنا المالية. محلياً يمكن أن تقرن تلك التوجهات العالمية بالتوجه الرسمي الذي أفصح عنه جلالة الملك منذ أكثر من عامين بالتوجه نحو الطاقة النووية، والتي استمدت من مضامينها دعوة الرئيس التنفيذي لهيئة الكهرباء والماء ورئيس لجنة الطاقة البديلة الأخيرة في مملكة البحرين “عبدالمجيد العوضي” خلال ترؤسه للاجتماع الثاني للجنة الطاقة في البحرينية، والتي استند فيها على تقرير البنك الدولي، حول أنسب مصادر طاقة يمكن للبحرين توظيفها والاستفادة منها، وهما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، هذا بالإضافة إلى الطاقة النووية طبعا، حيث تؤكد كل الحقائق العلمية المعلنة حتى الآن أن هناك مقومات أساسية لقيام مثل هذه الصناعة والاستثمار فيها بما يوفر بدائل حقيقية هي أكثر جدوى واستدامة من الطاقة التقليدية، خاصة ما توفره الطاقة الشمسية التي تحظى بلادنا منها بنسبة سطوع شمسي تعتبر مثالية جدا، وتبلغ بحسب ما ذكر “العوضي” بين 4000 الى 7000 / وات في الساعة ، مما يجعل بدائل الطاقة المقترحة هذه أكثر تنافسية بالنسبة لمصادر الطاقة التقليدية. ومملكة البحرين التي تنتج 2800 ميغاوات من الكهرباء و143 مليون غالون من المياه المحلاة يوميا من محطات تحلية المياه، يقوم القطاع الخاص بإنتاج الجزء الأكبر منها، تحتاج لاستهلاك ما يقارب من 583 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي وبمعدل زيادة يبلغ 10% سنويا بحيث يتضاعف معها معدل الاستهلاك خلال عقد من الزمان، وعلى الرغم من أن التكنولوجيا مرتفعة نسبيا، إلا أنها تبقى خيار المستقبل الذي لا غنى عنه. من هنا فإن تجديد الدعوة الرسمية التي أطلقتها لجنة الطاقة البديلة بضرورة الإسراع في البحث عن بدائل مأمونة وأكثر جدوى للطاقة، يجب النظر إليها باعتبارها خيارا استراتيجيا لا يمكن التهاون فيه، بل العمل على تفعيله بالتعاون على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي أو حتى على المستوى العربي، حيث تتشابه الظروف الاقتصادية والبيئية والمناخية والجغرافية لقيام مثل تلك الصناعة البديلة، فهي ضرورية للكثير من المشاريع الاستراتيجية المنتظرة، ولأجل ذلك تبقى دولنا الخليجية والعربية، معنية بدرجة أساسية بما يدور في العالم من تحولات جادة نحو إنتاج واستخدام الطاقة البديلة تلك، باعتبارها خيار المستقبل، وبدونها لن يستقيم خيار ومستقبل التنمية الشاملة بكل تأكيد.
 
صحيفة الايام
23 اغسطس 2009