المنشور

نجاح وزارة الإسكان

لم يكن خافيا على الجميع إخفاق وزارة الإسكان خلال العقود الماضية في حل المشكلة الإسكانية في البحرين، فهذه الوزارة التي كان من المفترض أن تدير الملف الإسكاني في بلد نفطي لا تنقصه الموارد المالية ساهمت في تراكم الطلبات الإسكانية على مدى الخمس عشرة سنة الماضية لتصل اليوم إلى أكثر من 50 ألف طلب تنتظر دورها في ظل مستقبل ضبابي.
ولا يمكن التبرير بأن موارد البحرين في السنوات الماضية لم تكن تكفي لتلبية هذا الكم الهائل من الطلبات، ففي عقد الثمانينيات وبداية التسعينيات لم تحظَ مشكلة الإسكان بالقدر الكافي من اهتمام الدولة بحيث لم يخصص لوزارة الإسكان غير 2 في المئة فقط من موازنة الدولة في بعض السنوات، كما أن هناك سنوات لم تقم فيها الوزارة ببناء حتى منزل إسكاني واحد.
الوزارة أخفقت في تلبية طلبات المواطنين الإسكانية كما فشلت فشلا ذريعا في وضع استراتيجية أو خطة زمنية لحل هذه المشكلة، وكل ما يطلق من تصريحات بشأن مدة الانتظار «وآخرها أن مدة الانتظار القصوى ستتكون خمس سنوات على الأكثر» لا تجد في الواقع العملي ما يجعلها قابلة للتطبيق أو حتى التصديق.
ورغم هذا الفشل الذريع إلا أن الوزارة قد نجحت هذه المرة في تحويل الملف الإسكاني، والذي من المفترض أن يكون ملفا مطلبيا وشعبيا إلى ملف طائفي، بعد أن قررت تحويل مشروع إسكان النويدرات من مشروع خاص بالقرى الأربع المحيطة به إلى مشروع عام يخصص للطلبات القديمة.
لا يمكن لأحد أن يقف ضد تلبية الطلبات القديمة أولا، بغض النظر عن الموقع الذي يوجد فيه المشروع، ولكن ذلك يجب أن يكون معلنا منذ البداية، كما يجب أن تكون هناك معايير محددة تنتهجها الوزارة في آلية التوزيع، فإن كانت الوزارة قد أيقنت بأن مشروع امتداد القرى قد فشل في حل المشكلة الإسكانية في البحرين فلتعلن ذلك، ولتلغي هذا المشروع لتكون جميع مناطق البحرين مفتوحة لجميع المواطنين.
فليس من العدل أن يحصل أحد المواطنين تقدم بطلبه في العام 1997 على منزل إسكاني في حين أن هناك مواطنا آخرا ينتظر دوره في الحصول على المسكن منذ العام 92 أو 1993.
هذه المشكلة لا تتحملها وزارة الإسكان فقط، وإنما النواب الذين استغلوا هذه القضية لمآرب انتخابية صرفة، فعلى هؤلاء النواب أن يضعوا قانونا يلزم وزارة الإسكان بتطبيق آلية محددة لتوزيع الخدمات الإسكانية، كما عليهم عند إقرار أية موازنة أن يضغطوا في اتجاه تخصيص المبالغ المالية الكافية لإنشاء منازل للطلبات القديمة والتي مضى على تقديمها أكثر من 17 عاما بدلا من اتخام موازنات الوزارات الأمنية بمبالغ أكثر بكثير مما يخصص للصحة والتعليم والإسكان مجتمعة.
 
صحيفة الوطن
10 اغسطس 2009