المنشور

عن تصريحات المحامي العام الأول

طالعتنا الصحف امس، بتصريح للمحامي العام الأول عبدالرحمن السيد النائب العام بالإنابة، بشأن التقارير الصحافية التي نشرت خلال الأسبوع الماضي عن التجاوزات المالية والإدارية بمعهد التنمية السياسية. أبدى المحامي العام أسفه لنشر هذه التقارير التي نسبت الى التحقيقات الإدارية التي شكلها مجلس الأمناء، إلا ان أسفنا نحن معشر الصحافة أكبر بكثير من أسف المحامي العام، لأننا نشعر بتقويض سلطتنا، التي يحتم عليها المشروع الإصلاحي ان تقدم للقارئ كل ما يدور في هذه المؤسسات التي ترصد لها ميزانيات بالملايين لتسهم في تعزيز الوعي الديمقراطي ولكنها للأسف بين ليلة وضحاها يتم التلاعب فيها. ما نقدمه للمواطن من خلال سلطتنا هو واجب وطني حتى يتبين للناس الخيط الأبيض من الأسود، لا نهدف التأثير على (ساحة القضاء)، ولا على مجرى العدالة. إن التعامل مع الصحافة بمنظور قديم هو أمر لا يخدم التوجهات الديمقراطية، فلكل سلطة مساحتها، وللسلطة الرابعة مساحتها، تسعى جاهدة لتقديم ما يمكن تقديمه للقارئ وللمواطن، تنتقد أي خلل من أي جهة، طبقا لتوجيهات القيادة السياسية التي تؤكد في العديد من المحافل ان حرية الصحافة مكفولة، بل يتم حث الصحافة والصحافيين على كشف الزلل ومواقع الريبة في أي مؤسسة، لأننا لسنا بأقل حرصا على هذا الوطن من احد. لا اعتقد ابداً ان ما تنشره الصحافة قد يؤثر على مجريات القضاء، لأن قضاتنا محل تقدير فهم في منأى عن أي تأثيرات سواء كانت من تقارير خبرية أو أي تأثير آخر، وبالتالي فإن على الصحافة ان تتوقف عن كتابة أي أمر يقر القضاء بأنه سيؤثر على مجريات التحقيق، لا ان تصدر أوامر غير قضائية بوقف النشر عن قضية أي كانت هذه القضية ويتم التوعد بالحساب والعقاب. إن هذه الروح يجب ان لا تتخلل الى جهاتنا الرسمية، لأنها تعبر عن فجوة بين التطور الصحافي وإعطاء المساحة الديمقراطية وفتح المجال أمام الحبر بأن ينتشر على الورق، وبين عرقلة العمل الصحافي، بحجج لا اعتبرها الا انها تقوض من سلطتنا التي لا نقبل نحن ان تنعكس على أي سلطة كانت، لأننا نؤمن بفصل السلطات الذي اقره الدستور. إن الصحافة البحرينية قادرة على تمييز ما يخدم المصلحة العامة وما يضرها، كما ان نشرنا لما يدور في معهد التنمية السياسية هو نتيجة حرصنا على المال العام، حتى نوقف من تسول له نفسه ان يعبث بهذا المال، كما اننا يا سعادة النائب العام بالانابة واضعين في اعتبارنا مكانة وأهمية معهد التنمية السياسية كإحدى ثمار المشروع الاصلاحي.
 
صحيفة الايام
3 اغسطس 2009