المنشور

المرئي في إيران.. وغير «المرئي»

قبل ثلاثة أشهر أو أكثر، قال المخرج والممثل، والمحلل السياسي الإيراني، الفقيد رضا فاضلي، من ضمن ما قاله في برنامجه الخاص’بشائر الحرية’ بالقناة الأولى للمعارضة الإيرانية: ‘إيران مثل برميل بارود ينتظر شرارة’، وقتها اعتقد بعضنا أنه ‘يهذي بالتمنيات، ولا يحلل سياسياً’، شأنه شأن المعارضين الآخرين، غير أن الذي يجري في إيران اليوم يُثبت صدقْ نبوءته وذلك بعد ‘زوبعة نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة’، وانفجارها ليل الجمعة السبت الماضي بشرارة، لتتفجر بعدها أسئلة كبيرة وكثيرة أيضاً، أبرزها على الإطلاق: ‘هل ما يجري تصحيح لمسار ثورة، أم ثورة على الثورة في إيران؟!’، ‘هل هو انقلاب على السلطة أم على النظام؟، أو هو ‘صراع على مستقبل النظام؟!.
من جهة، يبدو المشهد السياسي في إيران مرئياً: أي، كأنه صراع بين تيارين (إصلاحي ومحافظ) خرجا من رحم الثورة الإسلامية لـ’تصحيح مسار الثورة’، كل حسب رؤيته، ومن جهة أخرى، غير مرئي: ربما تعمل عليه قوى ‘خارجية’ وقوى أخرى داخلية، هُمشت طيلة ثلاثين عاماً، واضطرت للعمل تحت الأرض، ومن بينها أحزاب عريقة، مثل حزب ‘تودة’ (الشيوعي الإيراني) الذي ساهم كغيره من الحركات السياسية والاجتماعية الدينية بجلاء في إسقاط الشاه في فبراير ,1979 يوم كانت شعارات الثورة لا تحمل طابعاً إسلامياً أو مذهبياً، بل التفت الجماهير الإيرانية آنذاك حول ثلاثة أهداف رئيسية هي: ‘إسقاط النظام الشاهنشاهي، وبالتالي، إسقاط ارتباطاته بالإمبريالية الأميركية، ثم إقامة النظام الديمقراطي الحر في إيران’..
غير أنه بعد إسقاط الشاه، وإلى يومنا هذا، جرت مياه كثيرة، حتى بات الانقسام الحاد بين النخب السياسية الحاكمة واضحاً للمراقبين في الداخل الإيراني وخارجه، لكن ما يمور في المجتمع الإيراني الذي ينشد التغيير بشكل شامل، هو فعلاً ‘برميل بارود ينتظر شرارة’، وفق فاضلي، فهل نتائج الانتخابات ومزاعم ‘التزوير والمخالفات فيها’، هي الشرارة التي ستشعل إيران بعد أن تفلت الأمور؟.
في هذا الملف ‘نهاية الأسبوع’، نسلط الضوء على مسائل عدة تجري في الساحة السياسية الإيرانية التي تتجه نحوها أنظار العالم اليوم، رغم محاولات السلطات الإيرانية ‘إخفاءها’ عن أعين الناس عبر الحظر والتعتيم الإعلامي، وفق مبررات، ربما وجيهة من وجهة النظر الرسمية لـ’تخفيف الضغوط ومختلف أنواع الحرب النفسية ضد الزعامة في إيران’.
وكما قال الرئيس محمود أحمدي نجاد الثلثاء الماضي: ‘إن عدداً كثيراً من القنوات الفضائية عملت بأساليب معقدة ضد شعبنا وخططت لجر شعبنا لصراع قوي، لكن شعبنا اختار خياره الكبير في انتخابات كانت حرة ونزيهة’، لكن العالم الحر اليوم بخلاف ما يراه الرئيس الإيراني وغيره من قادة العالم، يُشير إلى غير ذلك، وفق معادلة أصبحت مبدئية مفادها: ‘مَنْ يخشى حرية التعبير … لا بد أن لديه شيئاً/أشياء يخفيها عن أعين الناس!!’، وبالمثل، فإن عالم التكنولوجيا حطم كل أسوار التعتيم الإعلامي، وكذا أسقط من دون رجعة سلطات ‘الرقيب’، حتى وإن كان يملك ‘عين ذيب’ لا تنام.
 
صحيفة الوقت
19 يونيو 2009